السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 21سنة، جامعية - بفضل الله -، انتقبت منذ عدة أشهر وأتمنى أن أتزوج شخصا ملتزما (سنيا)، ورفضت الكثير بسبب عدم التزامهم، والمشكلة أن أسرتي ليست ملتزمة أبدا، وتقدم لخطبتي شخص من عائلتنا يعيش معنا في نفس العمارة، وجميع العائلة يشهدون بحسن خلقه وأدبه، وهو ملتزم منذ عدة أشهر وأعفى لحيته.
وأمي وأبي يوافقون عليه ويرونه الشخص المناسب، ولكني أرى أنه ليس كذلك، فهو ليس بدرجة الالتزام الذي أتمناها، فهو مثلا يصلي الفروض كلها جماعة عدا الفجر، يصلي التراويح ولا يصلي التهجد، أنا أعرف أنه سوف لا يلتزم بجميع شرائع الدين كما أريد لأن التزامه إثر إصابة خاله (الشيخ) بحادث فتأثر بذلك.
أفيدوني، ماذا أفعل؟ أشعر أني في ضيق شديد وأسرتي مصممة بالقبول بهذا الشخص، علما بأنه لم تتم بعد الرؤية الشرعية، وعفوا على الإطالة، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونهنئك أيضا هذا الالتزام والعودة إلى الحجاب بل العودة إلى النقاب، ونسأل الله لك الثبات والسداد، وأن يلهمك رشدك وأن يعينك على الخير، وأن يعين أسرتك أيضا على العودة لهذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وننصحك بأن تتعاملي معهم برفق وحسن خلق وحرص على برهم حتى يروا فيك جمال هذا الدين، وكمال هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها، فإن وصيتنا الأولى لكل ملتزم وملتزمة أن تترفق بأهلها ويترفق بأهله، ويحسن إليهم، ويقترب منهم، ويزيد من برهم وإحسانهم، ويصبر على الأذى الذي قد يأتيه منهم، لأنهم لا زالوا لا يعرفون قيمة هذا الالتزام، ولم يجدوا حلاوة الالتزام والتمسك بدين الله تبارك وتعالى.
أما بالنسبة لموضوع الشاب الذي تقدم لخطبتك وهو من العائلة وفي نفس العمارة، وأنت قلت بأنه التزم والتحى ويصلي كل الصلوات في المسجد في جماعة – إلا الفجر – وأنه يصلي التراويح لكن دون التهجد، إلى غير ذلك من الكلام، فنحن من وجهة نظرنا أنه إذا كان الشاب بهذه الدرجة من الالتزام فننصحك بأن تقبلي به، وتعينيه على المزيد من الالتزام والثبات، لأن موافقة الأسرة أيضا والجمع بين الشاب الذي يصلي ويلتزم بالدين، ثم بعد ذلك أيضا توافق عليه الأسرة، هذه ميزة قل أن توجد وقل أن تصحب.
فقد نجد شابا ربما يكون أكثر التزاما بالفرائض وأكثر التزاما بالنوافل لكن الأسرة لا ترضاه، الوالد والوالدة لا يقبلون به، لا ينسجمون معه، وأنت بذلك ستكونين في حرج شديد، إما أن تكوني مع الزوج - وهذا واجب شرعي – أو تكوني مع الأسرة – أيضا هذا واجب شرعي –، فالشريعة التي تأمرك بالإحسان إلى الزوج وحسن معاشرته هي الشريعة التي تدعوك إلى بر الوالدين والحرص على إرضائهما.
فأرجو أن تصلي صلاة الاستخارة، ولا يخفى عليك أن المؤمنة إذا احتارت في أمر فإنها تستخير من بيده الخير، والاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، ولن تندم من تستخير وتستشير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
ولا مانع من أن تصل رسالة لهذا الشاب – عن طريق محارمك - بأنك سعيدة بالتزامه وأنك تريدين مزيدا الالتزام، إلى غير ذلك من الكلام الذي سيكون فيه إشارات واضحة، وأيضا تكوني بذلك قد لبيت رغبة الأسرة في ذلك، لأن الإنسان لن يجد ما يريد مائة بالمائة، لكن الشريعة تركز الأمور الأساسية، فالشاب الآن كما قلت يصلي الصلوات كلها في المسجد إلا الفجر، نسأل الله أن يعينه على أن يحافظ على صلاة الفجر، لأنها الصلاة الوسطى وصلاة تشهدها الملائكة.
عند ذلك نسأل الله تعالى أن يعينه حتى يكثر من النوافل، لكنه كونه ملتزم وصاحب سنة – سنة اللحية – ومواظب على الصلاة، وليست العبرة بأنه تاب الآن أو تاب قبل فترة، لأنك أيضا كما هو واضح أنك تحجبت وتنقبت منذ فترة قريبة، والله تعالى يقول: {كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا} ونسأل الله تعالى أن يقدر لك وله الخير.
ودائما نحن في الخاطب ننظر إلى الدين والأخلاق والعلاقات وتحمل المسؤولية، وقبوله للهداية، وعلاقته بزملائه، حرصه على وظيفته، فإذا وجدت المرجحات الأخرى فنحن – من وجهة نظرنا – ننصحك بألا تترددي، توكلي على الله تعالى، واطلبي من أهلك أن يسألوا عنه وأنت تسألي عنه، كما من حقه أيضا أن يسأل عنك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.
ولا يخفى عليك أن المرأة إذا كانت ملتزمة بدينها فإن لها تأثير عظيم جدا على زوجها، فالمرأة تملك مؤثرات ومؤهلات كبيرة تؤثر بها على الوالد والولد والزوج والأخ، فاستخدمي كل ذلك في طاعة الله، وأخلصي في عملك لله تبارك وتعالى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.