هل عدم جمال الزوجة الأولى مبررا للزواج الثاني؟

0 516

السؤال

أنا شاب عمري 34 سنة, متزوج منذ ما يقارب الثلاث سنوات, وعندي ولد, ومشكلتي أني قبل الزواج كنت أحلم بزوجة بيضاء وجميلة, لكن جاءني عكس ذلك, مع أن زوجتي طيبة, وتحبني, لكن بدأت أنظر إلى النساء ذات البشرة البيضاء في النت, والدش.

حاولت أن أتقبل الوضع مع زوجتي لكن دون فائدة, حتى صار شغلي الشاغل التفكير بالزواج من ثانية, ولا يوجد حل لي إلا أن أتزوج بثانية؛ حتى يهدأ بالي؟ فما رأيكم هل أتزوج بثانية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ متفائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يرزقك الأمن والأمان والاستقرار والرضى بما قسم لك، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فإنك تعلم أن الإسلام أباح للرجل أن يتزوج بأكثر من امرأة، كما قال الله تبارك وتعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} فهذا الأمر من حيث الأصل مباح وجائز، شريطة أن يكون الرجل قادرا على الباءة، والباءة هنا هي القدرة على الإنفاق والقدرة على إعطاء كل امرأة حقها من المتعة الجسدية.

ولكنك كرجل عاقل تنظر في الأمور وعواقبها، فامرأتك امرأة طيبة وتحبك، وإن لم تكن فيها المواصفات التي تريدها، والله قد أكرمك منها بولد، وأنها تتمتع بخلق فاضل، وأنها تجتهد في إسعادك قدر استطاعتها، ولكن ليس ذنبها أنها ليست كما تريد، ولذلك أتمنى أن تحاول إثارة الموضوع مع زوجتك ولو بطريقة غير مباشرة لتعرف رد فعلها، لأن بعض الزوجات قد لا تقبل مطلقا هذا الأمر، حتى وإن كانت تحب الرجل وتعشقه إلى درجة الجنون، إلا أنها من شدة تعلقها به لا تفكر أبدا أنه يكون في حضن امرأة غيرها حتى وإن كانت من صالحي المؤمنين.

فإذن أرى بداية أن تحاول محاولة الحديث في الموضوع وفتحه مع زوجتك ولو بطريق غير مباشر، لتعرف رد فعلها، ومما لا شك فيه أني أعرف أن رد فعلها لن يكون في صالحك، ولكن على الأقل سوف تقيس مستواه من خلال إجابتها ومن خلال ردها، هل هي فعلا جادة ومصرة على عدم مواصلة المشوار معك إذا تزوجت بغيرها؟ أم أنها من الممكن أن تقبل؟

وأنا واثق أن الخيار الثاني قد يكون هو المطروح، لأن البيئة التي تعيش فيها بيئة تهيؤ لهذا الأمر، خاصة وأن نسبة التعدد مرتفعة في المجتمع الذي يحيط بك.

فأنا أرى –بارك الله فيك– أن تحاول ذلك، وأن تجتهد في إرضائها وإقناعها بأن هذا هو الحق والدين، وأنك من حقك عليها أن تحفظك من أن تقع في الحرام، وأنك رجل باعتبار طبيعة عملك قد تنظر إلى بعض هذه الصور، وإن كنا لا نجيز لك ذلك يقينا، وأرى أن ذلك نوع من تلبيس إبليس عليك، لأن من الممكن أن أتعامل مع الجهاز سنوات وسنوات ولا تقع عيني على الحرام، لأننا نحن الذين نفتح تلك الأبواب، وعادة إن فتحت عن طريق الخطأ, أو عن طريق العمد من جهات معينة فما أسرع أن يتخلص منها الإنسان إذا كان جادا, أو عازما على ذلك، أو حريصا على ألا ينظر إلى ما حرم الله جل جلاله أو حرم نبيه -عليه صلوات الله وسلامه- .

فحاول -بارك الله فيك– تمهيدا لهذا الأمر مع زوجتك، وأسأل الله أن يشرح صدرها لقبول هذا الأمر، ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية (مرحلة الاختيار) لأن الجمال وحده في حد ذاته ليس حلا لمشكلتك، فكم من امرأة جميلة يتمنى الإنسان أنه مات قبل أن يرتبط بها، وإنما لا بد مع وجود الجمال من الدين والخلق، لأن النبي ركز -عليه صلوات الله وسلامه– على هذا الأمر، لأنه صمام الأمان للحياة الأسرية طويلة المدى التي قد تستمر لعشرات السنين، فقال -صلى الله عليه وسلم- : (تنكح المرأة لأربع: لجمالها، ولحسبها، ولمالها) إلى أن قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فلا بد مع وجود أي صفة من الصفات الثلاث السابقة من وجود الدين، لأن الدين هو الذي يجعل المرأة مطيعة، ويجعلها نظيفة وعفيفة، ويجعلها صابرة ومحتسبة، ويجعلها تقدر زوجها حق التقدير، ويجعلها فعلا كالريحانة التي لا يشم منها إلا أطيب ريح، وكالوردة الجميلة التي لا تقع عين زوجها منها على قبيح.

فأنا أدعوك -بارك الله فيك– ألا تركز فقط على قضية جمال البشرة أو بياضها -كما ذكرت– وإنما مع هذا لا بد من الدين، وإن كنت أرى أن فرصتك ستكون ضئيلة أو ضعيفة، لأن معظم النساء –مع الأسف الشديد– لا يرحبن بالرجل المتزوج، وإن وجدت امرأة فقد تجدها مطلقة, أو تجدها قد تقدم بها السن، أو لها ظروف خاصة، أما إذا كانت عادية فقد يكون من المتعذر أن تجد غيرك قد تركها لك، لأنك تعلم أن الناس عادة عندما يدخلون الأسواق يأخذون البضاعة الجيدة أولا وقبل كل شيء، وكذلك عندما يذهب الناس إلى المتنزهات فإنهم يذهبون إلى الأماكن الرائعة ليجلسوا بها ويستمتعون بجمال منظرها وطيب ريحها، ويتركون الأماكن الأخرى لغيرهم.

وهكذا النساء، المرأة المتميزة قل ما تنتظر رجلا مثلك، لأن هناك العشرات –بل والمئات من الرجال– الذين يبحثون أيضا عن مثل صفاتك وأشد، ولكن في العموم قد تجد امرأة تناسبك بصورة أو بأخرى، إما أن تكون قد تقدم بها السن، أو مطلقة، أو مرت بها ظروف خاصة، فهذه لعلك أن تجدها، أما أن تجد امرأة جميلة وتتمتع ببياض البشرة وتتمتع بما تريد دون أن ينتبه لها أحد فهذا قليل، وإن كنت لا أقول مستحيلا، ولكن أقول (قليل).

ومن هنا فإني أرى أن تحافظ على أسرتك وبكل قوة، وأن تحاول أن تمهد الأمر لها، وأن تقنعها حتى لا تخسر الأمرين معا، فقد تتزوج امرأة لا تصلح لك, وفي نفس الوقت قد تحرم من زوجتك التي هي تحتك؛ فتعيش حياة مرة, وصعبة, وقاسية, وعنيفة، فأريد منك –أخي الحبيب– ألا تضيع ما في يدك طمعا فيما هو قادم، وإنما حاول أن تمهد, وأن تجتهد في ذلك، وأن تعطيه مساحة كافية من الوقت والتراضي بينك وبين زوجتك، وفي نفس الوقت لا مانع أيضا أن تجد في البحث في الخطين معا، حتى لا تضيع وقتك، فإذا ما أكرمك الله تعالى بمن تقبل بك زوجا لها مع هذه المواصفات فحسن، وإن لم يتيسر ذلك بعلم زوجتك فأرى أيضا أنه لا مانع أن يكون ذلك دون علمها، فهذا أمر جائز شرعا, وإن كان بعض أهل العلم ينكره.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك بما قسم لك، وأن يرزقك القناعة والهدى والتقى والعفاف والغنى.

مواد ذات صلة

الاستشارات