كيف أجعل من نفسي رجلا اجتماعيا ناجحا؟

0 481

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 23 سنة, أعزب, وغير اجتماعي, أعاني من مشاكل نفسية عدة, منها الخجل الشديد, وضعف الشخصية, والتوحد, لا أستطيع نسيان الماضي, ولا أستطيع نسيان المواقف السلبية الواقعة مني, علما بأني إنسان محترم, وأخاف الله, ونظرة الناس لي أني طيب, لكن طيبتي تسبب لي مشاكل داخلية.

مررت بطفولة قاسية جدا بسبب الأبوين, لا أشعر بالأبوة, علما بأن والدي طيب, ويخاف علي, لكن خوفه الزائد سبب لي مشاكل نقسية, وأنا إنسان غير اجتماعي, وأخاف من الناس, ولا أشعر بالراحة, وعندي ضعف في التركيز, وغير مهتم بأمور تكون عند الناس مهمة, أما بالنسبة لي فأكون إنسانا باردا.

مشاعري حساسة, ولا أحب جرح مشاعر الآخرين, وأنا أستخدم علاج الروكتان لعلاج البشرة, حيث قرأت عن العلاج أنه يسبب أمراضا نفسية, وأتذكر المواقف التي مرت علي, لدرجة أني أكررها مع نفسي, ومع الغرفة, الجدار, الشارع, السيارة, الشخص الذي يحبني أحاول أن أهرب منه حتى لا أحرجه, ولا يحرجني مع والدي, الأشخاص الذي أحبهم لا أستطيع النظر إلى أعينهم, ولا أستطيع التحدث بالراحة, أشعر بالخوف الدائم, وليس لدي أصدقاء كثيرون, وأشعر بالحزن, وأشعر أني لست مرتاحا في هذه الحياة, ولا أستطيع أخذ حقي, بل أحس أني إنسان ذليل, ولم أذهب إلى أي استشاري نفسي.

لدي بعض الأسئلة: كيف أزرع الثقة بنفسي؟ وكيف أظهر رجولتي؟ حيث إني إنسان ناعم, وكيف أستطيع الحوار مع الآخرين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالتك أعتقد أنها مرتبطة بشخصيتك، فأنت تعاني من الخجل وتعاني من نوع لا أقول القصور الاجتماعي، لكن قطعا ثقتك في نفسك مهتزة، ولديك أيضا بعض المخاوف التي تحد من تفاعلك مع الآخرين.

أولا: علاج مثل حالتك هذه تتطلب منك أن تقيم نفسك تقييما صحيحا، وأن تنظر إلى الجوانب الإيجابية لديك، وأنا متأكد أنك لو تدبرت وتمعنت وتفحصت سوف تجد أنه لديك ميزات إيجابية كبيرة جدا كنت غافلا عنها.

أنت وصفت نفسك بأنك طيب، والطيبة أمر جميل، وهذه الطبية يجب أن تستفيد منها في حسن التعامل مع الناس، ولا تحكم على نفسك بمشاعرك، لا تجعل مشاعرك سلبية، مشاعرك يجب أن تكون إيجابية، ويجب أن تستنهض طاقاتك الداخلية، فالله تعالى حبانا وأعطانا قوة وطاقات داخلية كامنة لنغير أنفسنا، والتغيير لن يأتينا من أحد، فأنت تملك كل هذه المقومات، لكن التفكير السلبي هو الذي جعلك تفكر وتعتقد أنك ضعيف, وأن شخصيتك تفتقر للبناء النفسي الصحيح، لا، أنت مثل الآخرين، وربما تكون أحسبن من كثيرين، كل الذي يطلب منك هو أن تعامل الناس بخلق حسن.

وهنالك وسائل ممتازة جدا لأن يبني الإنسان نفسه من خلال علاقات جيدة، ومن هذه: الحرص على صلاة الجماعة في المسجد، هنا يلتقي الإنسان بالمصلين، ولا بد أن يكون علاقات يطمئن لها, ممارسة الرياضة الجماعية، أيضا نعتبرها من الوسائل الطبية جدا لبناء الشخصية وإزالة الخوف، وأن يدرك الإنسان مقدراته من خلال مثل هذا النشاط، فانخرط في مثل هذه الأنشطة.

ونصيحتي الأخرى –مهمة جدا– وهي أن بر الوالدين أمر عظيم جدا، وجد أنه يقوي ثقة الإنسان بنفسه، ويعطيه الطمأنينة، ويجعله أيضا يحسن معاملة الآخرين، فكن حريصا على هذه الأشياء، أنا أعرف أنك تعرف قيمتها، ولكني ذكرتها لك من أجل أن تركز عليها أكثر.

هنالك أشياء أيضا مثل الأنشطة الاجتماعية والثقافية المختلفة، متى ما انخرط الإنسان في مثل هذه الأنشطة سوف تعود عليه بالخير، فأرجو أن تفكر في ذلك.

لا بد أن تضع هدفا في حياتك، فأنت في عمر يجب أن يكون لك مخططا حياتيا واضحا جدا تدير من خلاله وقتك لتدير حياتك بصورة صحيحة، ويكون هنالك هدف، وتضع الآليات التي توصلك لهذا الهدف.

إذن استعادة الثقة بالنفس يكون من خلال الأفعال، وليست المشاعر، المشاعر دائما تقود الإنسان انقيادا خاطئا وتحبطه، لكن الإنسان حين ينظر إلى الأفعال ويصر أن يكون مجددا، وأن يكون فاعلا، وأن يكون منفذا ومفيدا لنفسه وللآخرين، هنا تتحول المشاعر, ويحس الإنسان فعلا أنه ذو قيمة نافعا لغيره ولنفسه.

الثقة تأتي من خلال هذه الأفكار، وهي نوع من التغيير، أو ما نسميه بالتغيير الوجداني المعرفي الداخلي.

سؤالك: كيف أظهر رجولتي حيث إني إنسان ناعم؟ .. إظهار الرجولة، أولا: يجب أن تكون مع الرجال، وأن تتمثل بهم، وأن تؤدي فعل الرجال، هذا مطلوب جدا، وطريقة لبسك، وطريقة مشيتك، وطريقة التحدث، وإخراج صوتك، هذه كلها مقومات مهمة جدا لإعطاء المظهر الجندري الرجولي للإنسان، والإنسان يتعلم ممن حوله ومن محيطه، وتمثل بالأقوياء، بالصالحين، اقرأ عن قصص الصحابة، عن بطولاتهم، عن الشباب منهم، وسوف تجد -إن شاء الله تعالى– أمثلة عظيمة جدا.

سؤالك: كيف أستطيع الحور مع الآخرين؟ الحوار مع الآخرين يتأتي بالآتي:

أولا: لا بد أن تكون صاحب معرفة، والمعرفة لا تأتي إلا من خلال الاطلاع، لا يستطيع أحد أن يحاور حوارا مفيدا إذا كان لا يملك جوهر الأمر، وجوهر الأمر هو المعرفة والإدراك، والإدراك هو أعظم مقدرة إنسانية. فعليك أن توسع آفاقك من خلال اكتساب المعرفة.

ثانيا: حاول دائما أن تبدأ بالتحية, وتحي الناس بتحية أحسن منها إذا حيوك، هذا هو منطلق الحوار الأول, انظر إلى الناس في وجوههم, رفقة الصالحين ونقاشهم ومحاورتهم وتبادل أطراف الحديث معهم هي من أفضل السبل التي تعلم الإنسان الحوار.

هذه هي الأسس الرئيسية، وأنا أعتقد أن الإنسان لا يمكن أن يحاور دون معرفة، وبعد ذلك سوف تجد أن الأمور أسهل كثيرا.

أنا لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي في هذه المرحلة، لكن أرجو أن تطبق ما ذكرته لك، وأن تغير مفاهيمك حول نفسك، فأنت لست ضعيفا كما تعتقد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات