وسواس قهري واكتئاب وصعوبة في النوم

0 433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ ثلاث سنوات كنت أعاني من وسواس قهري في مسائل العقيدة والقضاء والقدر، وكنت آخذ حبوب لسترال، وكانت المدة العلاجية 6 أشهر، ولكني توقفت بعد الشهر الثالث تقريبا؛ لأني شعرت بتحسن -والحمد لله- من بعد شهر رمضان المبارك بدأت الوساوس تعود لي، وهذه المرة في أشياء كثيرة منها: عندما تمر علي الدقائق والثواني أحس بشعور رهيب، وكلما أقوم بعمل شيء أفكر في أنه سوف ينتهي، حتى بعض أبسط الأشياء، مثل الكلام أو شرب الماء، أو غير ذلك، دائما أفكر في الوقت وفي مرور الوقت، وأن ما أفعله سوف ينتهي ويصبح ذكرى، أي أنني أفكر في مرور الوقت بصورة جنونية.

وأيضا عندما أقوم بعمل أي شيء مما كان يفرحني في السابق، دائما أتذكر الموت، ولو كان الشيء حلالا، أو أتذكر النار ويوسوس لي أني سأدخلها خالدا فيها... ومع كل هذه الوساوس أحس بضيق في الصدر وفقدان شهية وشعور بالرغبة في النوم، مع عدم القدرة على النوم بسبب الوساوس والاكتئاب، علما أني في خلال هذه الفترة مرت علي أوقات شعرت فيها بهدوء وراحة نسبيا، ثم يشتد الوسواس والاكتئاب مرة أخرى، فمثلا بعد الفجر قد يهدأ الوضع قليلا، أما بعد المغرب إلى آخر الليل يعود الأمر كما كان, وقد أشعر بتحسن لبعض الأيام وأشعر بسوء في أخرى بدون فارق زمني طويل.

أنا متردد في الذهاب إلى طبيب نفسي؛ لأني أفضل العلاج السلوكي، ولا أريد أن أدخل دائرة العقاقير والأدوية النفسية، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد طاهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن رسالتك واضحة جدا، وهي بالفعل تدل أنك تعاني من وساوس قهرية، وهذه هي النوبة الثانية لهذه الوساوس، النوبة الأولى أتتك وقمت بعلاجها من خلال تناول العلاج الدوائي.

الوساوس تتأرجح ما بين الشدة وعدمها، كما أن الوساوس تكون متغيرة المحتوى، فهي تتشكل وتظهر بمحتويات مختلفة جدا، فما يحدث لك هو وساوس قهرية ولا شك في ذلك، وكثيرا ما تكون الوساوس مصحوبة ببعض المخاوف، وأربعين إلى خمسين بالمائة من الذين يعانون من الوساوس القهرية قد تنتابهم نوبات اكتئابية.

أرجو أن تأخذ الرزمة العلاجية كوحدة متكاملة، وأقصد بذلك أن العلاج السلوكي لوحده لا يفيد إذا لم يتناول الإنسان الدواء، فنحن ننهج منهج المدرسة البيولوجية السلوكية لأنها الأفضل، وتناول الأدوية حقيقة أسسه العلمية واضحة جدا، وهي تقوم على فكرة أن الوساوس القهرية – وكذلك الاكتئاب والمخاوف – لها منشأ بيولوجي، وذلك من خلال وجود تغيرات تحدث في كيمياء الدماغ، خاصة فيما يعرف بالموصلات العصبية، ومنها مادة تسمى بالسيروتونين، هي التي تكون أكثر تأثرا وتغيرا على وجه الخصوص.

الأمر الآخر هو: أن الأدوية التي بأيدينا الآن هي أدوية جيدة، وسليمة جدا، وفاعلة، ولا تسبب الإدمان، والتطور الذي حدث في الطب النفسي خلال العشر سنوات الأخيرة مهول جدا، والحمد لله تعالى الأطباء الآن على استبصار كامل بطبيعة هذه الوساوس.

بالنسبة للعلاج السلوكي: مبادئ العلاج السلوكي معروفة بالنسبة لك، وهي: أن تحقر الوساوس، أن تتجاهله، أن تستبدله بفكرة مخالفة أو فعل مخالف، وأن تصرف انتباهك عنه تماما، وألا تستسلم له، وألا تسترسل معه، وأن تحسن إدارة وقتك، وأن تطبق تمارين الاسترخاء. هذه مبادئ علاجية سلوكية بسيطة جدا، ولكنها مهمة وفاعلة.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا لا زلت أحتم عليه حقيقة، لكن في نهاية المطاف الأمر لك وبيدك.

الأدوية المفيدة جدا لعلاج مثل هذه الوساوس هو عقار (لسترال) والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين) وإن أردت أن تنتقل إلى البروزاك – الذي يسمى علميا باسم (فلوكستين) – لأنه لا يسبب نعاس، لا يسبب تكاسل، لا يسبب زيادة في الوزن، وجرعته المطلوبة هي كبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل، وبعد شهرين اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

فإذن أمامك فرصة عظمية لأن تعالج نفسك من هذه العلة، وتعيش حياة هانئة وطيبة وسعيدة، وإن أردت أن تذهب إلى الطبيب النفسي فهذا أيضا أفضل، والطبيب النفسي نفسه يمكن أن يدربك بصورة مفصلة وموسعة على العلاجات السلوكية، وفي ذات الوقت أرجو ألا ترفض الدواء الذي سوف يصفه لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات