السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في 19 من العمر، أعاني وبشدة من عدم الثقة بالنفس بسبب قصر قامتي، فطولي هو 143، وهذا يجعلني أشعر بأنني أقل من جميع زملائي، ومن جميع البنات الذين في مثل سني، أشعر بأنهم مميزون عني بشيء لا يوجد لدي، وهذا الشعور يجعلني دائما منعزلة عن الجميع، ولا أرغب في مقابلة أحد، وكل يوم يزيد لدي الشعور بالحرج والنقص والحزن، فأصبحت لا أريد الذهاب عند أحد، ولا أريد أن يراني أحد، وإذا جاء أحد إلى منزلنا لزيارتنا، فإني لا أخرج لأستقبله كما يفعل أهلي، ولكن أختبئ في غرفتي، وأقول لوالدتي: قولي لهم بأني نائمة، أو غير موجودة، ولكني أقول لها: بأنني لا أريد الخروج لمقابلتهم، لأنني متعبة، أو أي عذر آخر، فهي لا تعرف ما أعانيه، لأني لم أقل لها، ولم أقل لأي أحد عن شعوري هذا لأني سوف أشعر بالخجل والإحراج إذا تفوهت بهذا أمام أحد، وهذا الكتمان أيضا هو ما يزيدني ألما.
وبهذا أصبحت منعزلة عن الجميع، ولا أريد حتى أن أنزل من منزلي، حتى لا يراني أحد، وأشعر بالحرج، ولأني لا أريد أن أرى أي فتاة في نفس عمري، حتى لا أتضايق وأشعر بالنقص أكثر وأكثر.
أنا أشعر أن أجمل سنين عمري تضيع في الحزن والعزلة والاكتئاب، ودائما ما ألتجئ لربي عز وجل، وأدعوه أن يرزقني الثقة بالنفس، وأبكي بكاء شديدا.
أنا أعلم أنه يوجد من حاله أسوأ من حالي بكثير، ولكن هذا شعور يراودني، ولكني لا أستطيع أن أمنعه.
وفي هذا العام، وبعد بضعة أيام، سوف أبدأ العام الدراسي في الجامعة، وهي أول سنة لي في الجامعة، ولا أعلم ماذا سوف أفعل في هذه الأيام؟
لا أريد أن أذهب وأرى من هم في مثل سني، ولكني أختلف عنهم بكثير، وكأنني طفلة، ولست فتاة كبيرة، لذلك أصبحت لا أريد النزول من بيتي، وبالفعل أصبحت لا أنزل من بيتي إلا للضرورة القصوى.
وما يتعب نفسيتي أكثر، هو كتماني، وعدم القدرة على البوح بما أشعر به، فأنا أكتفي بغلق غرفتي على نفسي، وأكتفي بالبكاء فقط، وأصبحت حتى لا أريد أن أقف أمام أية مرآة في المنزل، ومن حولي لم ولن يقدروا ما أنا فيه حتى وإن قلت لهم ما أشعر به، أرجو أن أجد حلا هنا!
كما أنني أريد أن أستفسر: هل توجد تمارين رياضية يمكن أن أمارسها في المنزل تفيدني في مشكلتي أم لا؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فالإنسان يجب أن يقبل الكيفية التي خلقه الله تعالى عليها، وأنت مدركة لذلك تماما، وأنت ذكرت أنك أفضل من كثير من الناس، أنا أريد الآن أن أنبهك لأمور مهمة جدا:
أنت تبلغين من العمر تسعة عشر عاما، والطول مائة وثلاثة وأربعون سنتيمترا، هناك قصر في القامة، لكنه ليس حقيقة من النوع الشديد.
أنت لم تشتك أبدا من تطورك الأنثوي، يعني موضوع البلوغ، العادة الشهرية، الأعضاء التناسلية لدى المرأة، والذي فهمته أن كل شيء لديك طبيعي، هذا يهمني جدا، وأريدك أن تتذكري هذا الأمر، أنه ليس المهم هو موضوع قصر الطول فقط، لكن المهم بالنسبة للإنسان استكمال أو إكمال صفاته البيولوجية الأخرى، وأعرف من يعانون من قصر الطول وقصور في مكوناتهم الفسيولوجية الأخرى ولكنهم في غاية الروعة والقبول والرضا.
أنا أود منك أمرا واحدا ومهما جدا، وهو: أن تزودي نفسك بالمعرفة. قصر القامة يمكن أن يعوض ويعوض بصورة عظيمة، بطول الإدراك والعلم والمعرفة والدين، فانهضي بنفسك لتكوني متميزة، وأفضل تميز هو أن يتميز الإنسان بالمعرفة، والمعرفة تأتي من خلال الاطلاع، والاطلاع الرصين، والاطلاع الممتاز، هنا سوف تحسين بالفعل أنه - من خلال هذا النقص البسيط في طولك - كانت لك الهمة والدافعية لأن تكون لك مكونات عقلية وإدراكية رائعة، وما أعظم هذا.
أيتها الابنة الكريمة: أنا تخرجت من كلية الطب من جامعة الخرطوم، وهي من الكليات المتميزة جدا، وكان تخرجي عام 1976، وأذكر أن من أفضل من تعلمت منهم الطب في مجال أمراض النساء والولادة أستاذة طبيبة كريمة جليلة فاضلة معروفة جدا في السودان - واحتراما لخصوصيتها فلن أذكر اسمها – هذه العالمة الجليلة كانت قصيرة القائمة جدا، وأذكر حين كنا نتدرب كأطباء امتياز وفي السنة السادسة في كلية الطب كان من حسن حظي أني كنت في المجموعة التي كانت تدرسها وتشرف عليها هي، كان في غرفة العمليات لديها نوع من الكرسي أو المقعد الخاص الذي تقف عليه لتستطيع أن تتحكم في إجراء العملية.
أعتقد أنك قد فهمت ما أود أن أصل إليه، من قصر قامتها كانت تستعين بهذه المنضدة – أو الكرسي الخاص – لتقف عليه لتستطيع أن تتحكم في جسم المريض على منضدة العمليات، انظري إلى هذه الروعة.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: ليس هناك ما يدعوك للبكاء والحزن، لا تحزني أبدا، لا تحزني أبدا.
التمارين الرياضية يمكنك أن تمارسيها في المنزل، أي نوع من التمارين التي تناسب الفتاة المسلمة، وقبل ذلك أريدك أن تخرجي، تزوري أرحامك، صديقاتك، تزودي بالعلم، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن حيث لا يوجد استهزاء لأحد أو سخرية أو تحقير لأحد، هذه الحلق تحفها الرحمة، وتحفها الملائكة، ولا يرتادها إلا الطيبون والطيبات.
إن كان هنالك من يستهزئ بالناس ويسيء الأدب فهم قلة، والذين يحترمون خلق الله ويقدرون البشر هم الأكثر.
أرجو أن تثبتي وجودك، وأن تثبتي لنفسك أن مقدراتك عالية، وذلك من خلال ما ذكرته لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله لك التوفيق والسداد.