أعاني منذ صغري من التأتأة، أريد حلا لهذه المشكلة!

0 544

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 17 سنة، أعاني من مشكلة في الكلام منذ صغري - وهي التأتأة - ذهبت إلى طبيب تخاطب، وقد دربني على تمرين التنفس، ولكني لم أستفد كثيرا، والآن أنا في الصف الثاني الثانوي، وهذا الموضوع يؤثر على حالتي النفسية، حيث إني خجول جدا، وأجد صعوبة عند البدء في الكلام، وبسبب خجلي من التأتأة أخجل من الذهاب إلى الدروس، وعندما أجلس وحدي أو أقرأ القرآن لا أجد أي صعوبة نهائيا.

أنا أحفظ القرآن وأجيد تحسين الصوت في القرآن، وأحيانا أؤم أهلي، حتى إني في المدرسـة لا أشارك، ولا أتفاعل في الصف، مع أنني أعرف الإجابـة، ومع أنني من أوائل المدرسة، لكن عندما أكون مع أصدقائي أتحدث جيدا لأني لا أفكر في أخطاء الكلام.

هناك سبب أعرف أنه المسئول عن التأتأة، وهو أني أفكر أني سوف أخطئ في الكلام، فأخطئ، وأعرف أن التخلص منه ليس بالمستحيل، ولكنه صعب.

بسبب التأتأة أيضا اضطررت إلى الانعزال عن الناس والاجتماعات، وهذا الموضوع يزيد ويقل، وأخاف أيضا من الكلام مع أي شخص، وأكبر مشكلة أني حساس جدا، فعندما يأتي أي شخص للتحدث عني بسبب هذا الموضوع أبكي، ولا أستطيع الوقوف عن البكاء، وعندما يقوم أحد من أصدقائي بالسخرية (للتأليس) أقوم بضربه، مع أني هادئ الطبع كثيرا، ولا أتحدث في الفصل.

وعندي مشكلة أخرى: عندما أتكلم يدق قلبي باضطراب شديد.

أرجوكم أوجدوا لي حلا، لأن هذا الموضوع يؤثر علي في حياتي الدراسية وحياتي العادية.

وشكرا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mostafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقبل أن أتحدث عن موضوع التأتأة، فقد سعدت كثيرا أن أعرف أنك تحفظ القرآن، وأنك تصلي بأهلك في بعض الأحيان، وأنك من المتميزين في الدراسة، أسأل الله تعالى أن يزيدك علما ونورا وتوفيقا من عنده.

عليك أن تسأل الله تبارك وتعالى أن يحل هذه العقدة من لسانك، كما سأل ذلك سيدنا موسى كليم الله - عليه السلام - حيث قال: (رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي).

التأتأة حقيقة هي من الأشياء التي نشاهدها وسط الذكور أكثر من الإناث، وربما يكون هنالك بعض العوامل الوراثية، وإن كان هذا الأمر لم يؤكد، ويعرف تماما أن القلق قد يزيد منها، ومن البشريات الكبرى أن التأتأة دائما تتحسن مع تقدم الأيام والعمر، هذه حقيقة معروفة وثابتة جدا.

أنا أريد أن تجعل من مقدراتك التي تحدثت عنها - والتي أشرت لها في صدر هذه الرسالة - كعوامل ومحفزات وروابط إيجابية، وأنا متأكد أن الناس حتى وإن تحدثوا عنك لأنك في بعض الأحيان تتأتئ سوف يذكرون مآثرك ومحاسنك، وهي أنك تحفظ القرآن، وأنك متميز في الدراسة، وأنك، وأنك.

إذن الناس يذكرونك بخصلة التأتأة، ولكن فوق ذلك الناس يتذكرون كيف أنك قد تخطيت هذه التأتأة لتكون متميزا في مجالات حرم منها الكثير من الناس.

إذن أرجو منك أن تتمعن في هذا الذي ذكرته لك، وهذا من وجهة نظري سوف يساعدك كثيرا في موضوع التأتأة.

أنا أؤكد لك أن الناس يحترمونك، والناس حقيقة لا ينظرون إليك بازدراء أو استهزاء، أبدا، هذا إن حدث فقد يحدث من بعض السفهاء، وهم الحمد لله تعالى قلة.

الذي أريده منك هو أن تطبق ما ذكره لك أخصائي التخاطب، أنت ذكرت أنك لم تستفد، لا، هنالك فائدة، لكن هذه التمارين أثرها تجمعي، بمعنى أن الإنسان إذا استمر عليها وحافظ عليها وطبقها بصبر واقتدار سوف يجني حصيلة إيجابية - إن شاء الله تعالى – فلا تتوقف عنها. هذا أولا.

ثانيا: أريدك أيضا أن تطبق تمارين الاسترخاء،
إذا كان أخصائي التخاطب قد دربك عليها فهذا حسن وجيد، وأرجو أن تطبقها، وإن كنت لا تعرف طريقة تطبيقها فأرجو أن ترجع إلى استشارتنا في إسلام ويب تحت رقم (2136015) وهي استشارة حرصنا أن تكون بسيطة جدا في محتواها، ولكن ما بها حقيقة من تعليمات وإرشادات فوائدها عظيمة جدا، فأرجو أن تطبقها.

ثالثا: أريدك بالفعل أن تحدد الحروف التي تجد صعوبة في نطقها، وقم بكتابة هذه الحروف، أدخلها في كلمات، اجعل الحرف في بداية الكلمة، وفي كلمة أخرى اجعلها في نهاية الكلمة إن كان ذلك ممكنا، وكرر هذه الكلمات، أدخلها في جمل، وحاول دائما أن تتكلم ببطء.

رابعا: أريدك أيضا أن تقوم بنوع من الدراما - أو السيناريو - الخيالي، وهو أن تتصور أنك تقوم بإلقاء عرض ما أو محاضرة أو حديث لجمع غفير من الناس، وبالفعل قم بإعداد هذا الموضوع وإلقائه، وقم بتسجيل وتصوير نفسك في هذا الوضع إن كان هذا ممكنا، ثم استمع لما قمت بتسجيله، هذا نسميه بـ (التحسين التدريجي في الخيال) وهو مفيد جدا لمن يمارسه ولمن يكرره، هذه أيضا فعالية علاجية ممتازة جدا.

خامسا: أرجو أن تزود نفسك بحصيلة كبيرة من الكلمات والمعارف، لأن هذه تجعلك أكثر طمأنينة ما دامت ذخيرة المعرفة والكلمات لديك كبيرة.

هنالك علاجات دوائية، وأنت عمرك سبعة عشر عاما، لا بأس أبدا من أن تتناول دواء بسيط جدا يعرف تجاريا باسم (مودابكس) – هكذا يسمى في مصر – واسمه العلمي (سيرترالين) لكن أريدك أن تشاور أهلك في هذا الموضوع، الدواء بسيط جدا وسليم جدا، ويعالج القلق الاجتماعي وكذلك الخوف والرهبة.

ربما تحتاج له بجرعة صغيرة جدا، وهي نصف حبة فقط (خمسة وعشرين مليجرام) يتم تناولها ليلا لمدة شهرين، بعد ذلك يمكن أن تتوقف عنه.

وهنالك دواء آخر بسيط أيضا يعرف تجاريا باسم (إندرال) واسمه العلمي هو (بروبرالانول) هذا أنت تحتاج له أيضا أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم تتوقف عن تناوله.

أشكرك كثيرا على رسالتك الطيبة والموفقة، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأتمنى أن نسمع عنك ونراك عالما كبيرا تفيد نفسك وأهلك وأمتك،

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات