كيف أتخلص من التفكير في خطيبتي التي تركتني؟

0 628

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا على ما تبذلونه من جهود.

كانت لدي خطيبة منذ سنتين, وكنت أعرفها قبل الخطبة بخمس سنوات, وحدثت بيننا مشاكل كثيرة, وقد كانت لي كل شيء: الأم, والأخت, والصديق, وكل شيء, وقد أعطيتها كل الصدق والحب والإخلاص, ولم أتصور في يوم من الأيام أنها ستتركني, أو تخونني, أو تخذلني؛ فقد كانت قلبي وروحي وكياني, وقد تعلقت بها, وأريد أن أنساها, ولم أقدر, فقد تركتها منذ 3 شهور, وحاولت أن أنساها, ولكني لم أقدر, وحالتي الآن تعيسة جدا, ولا أنام طول الليل, وعندما أصحو من النوم وقبل النوم أفكر فيها, وعند الأكل أفكر فيها, وعند الشرب, وفي كل موقف, وكل لحظة من حياتي أفكر فيها, فأنا متعلق بها كثيرا, وهي لا تستحق كل هذا.

أصلي وأدعو ربي كثيرا من أجل أن أنساها, ولكن دون فائدة, حتى فكرت في الانتحار, وأكلت دواء - والحمد لله – لم يحدث شيء, وصعب علي النسيان؛ لأني لا يوجد لدي أصدقاء, ولا عمل حتى أشغل نفسي وأنساها, فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ fatteh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ويسعدنا أن نقول لك: إن أهم ما ينسيك مثل هذه الفتاة التي كانت خطيبة لك ثم خرجت من حياتك – هي أن تعمر فؤادك بالله وحب الله، في الرغبة لما عنده سبحانه وتعالى، ولعل الخير في فراق هذه الفتاة التي تعرفت عليها قبل خمس سنوات: كانت ثلاث سنوات منها في معصية؛ لأن العلاقة لم تكن شرعية، ولم تكن على أسس ترضي الله تبارك وتعالى، والإنسان إذا أحب شيئا بهذه الطريقة فإن الله تبارك وتعالى يغار على قلب عبده الذي ينبغي أن يكون عامرا بحب الله، وكل أمر يرضي الله تبارك وتعالى.

وقد أعجبني وأسعدني أنك تقول: إنها لا تستحق، فإذا كانت لا تستحق فلماذا أنت هكذا؟ لماذا هذا البكاء؟ ولماذا هذا الجري وراء السراب؟ فانصرف عنها، فالنساء غيرها كثير، وحاول أن ترتب نفسك بأن تعود إلى الله، وأن تتوب إلى الله، بأن تقبل على الله، بأن تملأ فؤادك بمحبة العظيم تبارك وتعالى, وهذه المرة ينبغي أن يكون الاختيار صحيحا، فإن المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، وهذا جزء من الحل لكي تنسى الخطيبة الأولى، فعليك أن تسارع في البحث عن خطيبة تختارها على كتاب الله, وعلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم – تختار فيها الدين والخلق، تختار فيها العائلة والأسرة، تختار فيها الصلاح والصلاة والخير.

هذه هي أهم العناصر التي تعينك على نسيان تلك الفتاة بعد حبك لله، بعد انشغالك بطاعته سبحانه وتعالى.

والمؤمن ما ينبغي أن يحب شيئا لهذه الدرجة، وتذكر ما في هذه الفتاة – كذلك – من عيوب, ومن أكبر عيوبها نقضها للعهد, ونسيانها لك، ولكننا نكرر: لعل في هذا خيرا لك (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)، (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم).

فعليك أن تشغل نفسك بالمفيد، وتتوجه إلى ربك المجيد، وتجتهد في كل أمر يرضيه سبحانه وتعالى، وتكثر من ذكره وتلاوة كتابه، ثم عليك أن تتوجه إلى الله تبارك وتعالى، ومن الضروري الاستفادة من أخطاء الماضي، وهذه المرة عندما تختار ينبغي أن تكون الأسس صحيحة، بأن تشرك العائلة، وتشاور، وتستخير، وتختار صاحبة الدين، ثم بعد ذلك تسارع بإكمال المراسيم؛ لأننا لا نريد لفترة الخطبة أن تطول، ولا نريد لشاب أن تكون له علاقات هنا وهناك، والإنسان ما ينبغي أن يملأ فؤاده بامرأة لهذه الدرجة، يفكر فيها بالليل وفي النهار, وفي الصلاة, وفي الصحو, وعند النوم، فينبغي أن تشغل قلبك بالله تبارك وتعالى، وبكل أمر يرضي الله تبارك وتعالى.

وأكرر: هي فعلا لا تستحق - وأي إنسان لا يستحق هذا الذي وصلت إليه - بل ينبغي أن يكون القلب لله, عامرا بطاعته، عامرا بتوحيده، عامرا بمراقبته، بل ينبغي أن نجعل محابنا كلها تندرج وتنطلق من حبنا لله تبارك وتعالى، بأن نحب ما أحب الله، ونرضى بما يرضى الله تعالى عنه، والإنسان يحب الناس لكن يزيد من حبه للمطيعين، ويختار في الفتاة دينها، ويزيد من إكرام الزوجة إذا كانت صاحبة دين، ويزيد من حبه لابنته ولأخته ولأمه إذا كانت صاحبة دين.

نحن نريد أن نقول: إن الإنسان يميل إلى هؤلاء، لكن هذا الحب يزداد ويمتلأ به القلب, وتمتلأ به النفس عندما يكونون في الطاعة، وحريصين على رضا الله تبارك وتعالى.

وأرجو ألا تفكر في الانتحار، وأن تستغفر الله لمجرد التفكير؛ لأن الأمر لا يستحق، وهي ليست المرأة (الفتاة) الوحيدة، ولن تكون الأخيرة، فهناك ملايين أفضل منها، ولعل الخير فيما اختاره الله تبارك وتعالى لك، فكيف تريد أن تقدم على هذه الكبيرة (الانتحار) من أجل امرأة، من أجل فتاة أو خطيبة أدبرت عنك وتركتك، فغيرهن كثير، وينبغي أن تعلم أنه لا خير في ود يجيء تكلفا، ولا خير في ود امرئ متقلب، فهي متقلبة فلا خير في ودها، فإذا شعرت أن ميلك من ناحية واحدة، فتعلم أن قلبك أغلى من أن تجري به وراء السراب، فهذا القلب ينبغي أن تعمره بطاعة الله، بالتقرب إليه، في المواظبة على ذكره وشكره ومراقبته وحسن عبادته.

نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يردك إلى الحق ردا جميلا، ومرحبا بك في موقعك، ونتمنى أن نسمع عنك خيرا، وعليك أن تتذكر عيوب هذه الفتاة، وتذكر أن النساء غيرها كثير، وتذكر حب الله, وأننا خلقنا لعبادة الله {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

نسأل الله أن يجعل لك مما أنت فيه فرجا ومخرجا، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك التواصل، وسوف نكون سعداء إذا سمعنا أخبارك من خلال هذا الموقع، ونكرر ترحيبنا بك.

مواد ذات صلة

الاستشارات