السؤال
السلام عليكم.
أرجو أن ترشدوني بما سأقدمه لكم من استشارة.
تقدم لي شاب يكبرني بالعمر بحوالي 3 سنوات، أكاد أقول إنه كان يلاحقني منذ وأنا في الإعدادية، كل يوم أذهب إلى المدرسة لابد أن أراه يمشي أمامي، وعند عودتي نفس الشيء، حتى وإن غيرت الطريق، لأكثر من سنة، وهذا يحدث كل يوم، لكنه أبدا لم يؤذني ولو بكلمة، فقط يمر من أمامي 3 مرات باليوم تقريبا.
والآن تقدم لخطبتي، حقيقة أنا محتارة, صحيح أنه طيب ومحترم وكريم، لكن ليس له أثر في حياته، لا يهتم كثيرا بالقرآن، شغله الشاغل بيت وأكل وشرب وبنت حلال، ليس همه الدعوة، ليس همه نشر الخير والدين، طبعا هذه الصفات ذكرها لي أخي بما أنه صديقه المقرب منذ الطفولة، أخي أشار علي أن أرفض، وقال: اعلمي أنه إذا شعرت بالميل له وقبلت به، فإني سأعيش طوال حياتي مظهرا الرضا مخفيا السخط.
هو يقول إنه يحبني ومستعد لأن يفعل المستحيل لأكون زوجته، لكن أنا أرى أن حبه كان طفوليا، ولم يكن إلا مراهقا، وأخاف أنه سرعان ما ستتفكك الأسرة لو فعلا وافقت عليه، أرجوكم انصحوني ماذا يتوجب علي أن أفعل؟
ثم لدي سؤال آخر:هل يجوز للفتاة أن تتحدث مع شباب في الفيس بوك إذا كان الكلام عاما عن الأوضاع أو عن أشياء ضرورية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعيننا على وصولنا للحق والصواب.
بداية نقول: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) فإذا كان الشاب يصلي، ويأتي بالأمور الأساسية في الدين، وسمعته طيبة، وقد ذكرت أنه يلاحقك منذ البداية، وأنه كان مؤدبا، وأنه لم يؤذك طرفة عين، إلا أنه كان يحاول أن يمر أمامك ويكون بجوارك، وهذا يدل على شدة تعلقه بك، فإذا كنت تبادلينه المشاعر وتبادلينه هذا الميل فلا مانع من إكمال المشوار معه، خاصة إذا كانت الفرص غير متاحة، والعمر الذي أنت فيه والأوضاع العامة، مع النظر لوجهة نظر الأهل، مع النظر إلى قبيلته وإلى جماعته ووضعه وتحمله للمسؤوليات، هذه الأمور كلها ينبغي أن تنظري إليها بصورة شاملة.
وأعجبني وأسعدني أنك تتطلعين إلى ما هو أهم – هم الدعوة ونصرة الدين ونشره –وهذا طبعا أمر طيب، لكن نحن نريد أن نقول: لو أرادت الفتاة أن تجد شابا بلا عيوب وبلا نقائص فإن هذا يصعب عليها، ثم إن الذي لم يتضح لنا هل أنت من الأعيان؟ هل أنت ممن يحملن هذا الهم؟ هذه الأمور أيضا ينبغي أن يصطحبها الإنسان.
على كل حال الذي يهمنا هو المظهر المتدين، الأخلاق الحسنة، الأسرة المستقرة، المجيء للبيوت من أبوابها، الميل المشترك، لأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
ورأي الأخ يحترم، ولكن المسألة الأهم هي رأيك أنت، ووجهة نظرك أنت، وما ينقدح في نفسك تجاهه، فإذا كان في نفسك ميل أو رضا به وقبول وارتياح فهذا هو الذي ينبغي أن تكملي معه المشوار، دون أن تتأثري برأي هذا أو بغيره.
نحن الآن نتكلم عن القناعات الخاصة بك، هل أنت مرتاحة له؟ هل هو أفضل الموجودين في البيئة التي أنت فيها؟ هل عمرك يسمح بالمجازفة برفض الخاطب؟ ما هو رأي الأسرة في هذا الشاب؟ هل أنتم على معرفة بأسرته؟ كيف هي أوضاع أسرته؟ هل هي مستقرة؟ هذا الشاب هل وضعه في المجتمع يتحمل المسؤوليات، ويتكلم معهم ويتواصل معهم ويتفاعل معهم؟ هل هو بين الناس وفي هموم الناس؟ هل له وجود؟ هذه أسئلة مهمة جدا لابد أن تكون الإجابة عليها واضحة.
وقد أحسنت، فإذا استطعت أيضا أن تجعليه يحمل الهم الدعوي، وهم الدين ويرتفع باهتماماته، فهذا أمر طيب، وهنا طبعا الذي يهمنا هو أن يكون عنده استعداد لأن يتحسن، هل يمكن أن يأتي اليوم الذي يتغير فيه؟ هل أنت على استعداد للقيام بتغييره؟ يعني هذه أسئلة تحتاج إلى إجابات.
ولكننا نعود ونكرر فنقول:
من الذي ما ساء قط**** ومن الذي له الحسنى فقط
كفى بالمرء نبلا**** أن تعد معايبه
إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، فما منا من رجل - ولا امرأة – إلا وفيه إيجابيات وفيه سلبيات، وطوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، فأنت أعلم، وهذه توجيهات تساعدك في اتخاذ القرار الصحيح.
أما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال، وهو تواصل الفتاة مع شاب أجنبي عبر الفيس بوك لمناقشة أمور عادية؟ فهذا نقول: هو مزلق خطير، لا نستطيع أن نقول إذا كان الكلام معروفا، إذا كان الكلام محدودا، إذا كان الكلام ليس فيه خضوع، ليس فيه عبارات محبة، ليس فيه غزل، فأرجو ألا حرج، لكن الاستمرار على هذا العمل هذا منزلق خطير، كثير من الفتيات يبدأن بهذه الطريقة يقول لها (ما شاء الله صوتك جميل، وأنا أعجبت لأسلوبك وسعدت لأفكارك) وكذا، فتميل إليه، ويبدأ الشيطان في الانحراف بهذه العلاقة، ولذلك الإسلام دائما يباعد بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال.
إذا كنت تتواصلين في الفيس بوك فاختاري الصالحات، نحن نقول: حتى في النساء اختاري الصالحة وتواصلي معها.
أما بالنسبة لمراسلة الرجال والتواصل معهم بهذه الطريقة فلا نجد في الشريعة ما يمكن أن يبيح مثل هذا العمل، أو على الأقل الاستمرار في مثل هذا العمل، والتجارب عندنا كثيرة في الذين بدؤوا مثل هذه البداية وكانت النهايات مؤسفة ومؤلمة، وهذا هو شأن الشيطان، لا يوقع الإنسان في الزنى ولا في الفواحش مباشرة، لأن الناس يرفضون، ولكن يقول: (افعل كذا وتكلم بكذا وافعل كذا والأمور عادية) حتى يجد الإنسان نفسه في ورطة، وتجد الفتاة نفسها في مكان لا تستطيع أن ترجع منه، بل ربما هددها ذلك الذئب بما كتبته وبما قالت، وهددها بعرض ذلك على أسرتها.
والمؤسف أن معظم الفتيات تحاول أن تعالج الخطأ بخطأ أكبر منه، فتستجيب لرغبات الذئاب - وما أكثرهم بين الشباب – ولذلك ينبغي أن تتقي الله في نفسك وتتجنبي هذا اللون من المحادثات، مهما كانت طيبة ومهما كانت شريفة، لأن العواقب لا تؤمن، ولأن في مواقع النساء والتواصل مع النساء غنية، فاجعلي تواصلك مع الصالحات، واحشري نفسك في من يراقبن رب الأرض والسموات، واحرصي على حضور الدروس، وحفظ القرآن، والمحاضرات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب.