السؤال
السلام عليكم.
تقدم شاب لخطبة أختي, وبعد الاستخارة رفضته أختي, وبعد الرفض شعرت بالضيق, وأنها تسرعت بالقرار, ودعت الله إذا كان هذا الشاب خيرا لها أن يرجع مرة أخرى.
وبعدها بشهر طلب التقدم مرة أخرى عسى أن توافق, وبعد التقدم لخطبتها شعرت بارتياح كبير, وبعدها بيومين تشعر أوقاتا بضيق, وأوقاتا تشعر بارتياح, وعندما سألت عن أخلاق هذا الشاب, أجاب جميع من يعرفه بأنه محترم جدا, ومن أسرة محترمة, وهو يحاول أن يكون متدينا أكثر مع الله, وهي الآن مترددة, ولا تعرف ماذا تفعل؟ مع العلم أنها تصلي الاستخارة يوميا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك وبأختك في الموقع، ونسأل الله أن يقدر لها الخير حيث كان ثم يرضيها به, ونريد أن نبين لهذه الفتاة – ولكم أيضا جميعا – أن العبرة بالانطباع الأول، إذا كان الشاب مناسبا - وأنت شقيق هذه الفتاة، والرجال أعرف بالرجال - وكان صاحب خلق ودين، وعنده استعداد في أن يتحسن إلى الأفضل في مسألة التدين، ووجدت هذه الفتاة الارتياح معه، فإنا ننصحها بإكمال المشوار.
نذكر بأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف.
وينبغي أن نعلم أن الشيطان دائما كما قال ابن مسعود: (إن البغض من الشيطان، وإن الحب من الرحمن، يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم)؛ لذلك إذا وجد الانطباع الجيد، وحصل الارتياح، وحصل التوافق، رضيها فمالت إليه ومال إليها، قبلت به وقبل بها، ثم بعد ذلك حصل تغير أو شعرت بضيق فإنه لا عبرة بذلك الضيق، والضيق في هذه الحالة إما أن يكون له أسباب، وإما أن يكون بغير سبب، فإن كان له أسباب فقد تتضايق الفتاة بعد الخطبة من الشاب لأنه بخيل؛ لأن فيه صفات سيئة؛ لأنه كذا؛ لأنه كذا، ففي هذه الحالة نحن نقف عند هذه الأشياء السالبة نزنها بميزان الشرع، ونحرص دائما في ألا تأخذ الأمور أكبر من حجمها، ونذكرها بأنه لا يوجد إنسان خال من العيوب، ثم بعد ذلك إذا كان هذا الضيق من غير أسباب – وهذا غالبا ما يحدث، ولعله مفهوم من هذه الحالة – أنها فقط تشعر بأنها متضايقة، لكن لماذا؟ قد لا تكون هناك أسباب، هذا من الشيطان، وهنا عليها أن تتعوذ بالله تبارك وتعالى من الشيطان، وتجتهد في إكمال هذا المشوار، وتتذكر إيجابيات هذا الرجل، وتوقن بما ذكرناه بأنه (من الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟) سواء كنا رجال أو نساء, فكلنا ذلك الذي فيه نقص, وفيه جوانب مشرقة, وفيه جوانب سالبة؛ لذلك ينبغي أن نعيش هذا الواقع، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
كذلك نريد أن ننبه إلى أن هذه المشاعر السالبة – هذا الضيق – من الأمور الطبيعية, خاصة عندما يكون أمر الزواج في الطريق، فإن الإنسان يشعر بضيق، وهذا الضيق سببه الشعور بالمسؤولية، والشعور بشيء من الارتباط؛ لأن الشاب عندما يأتي بعاطفة جياشة ويفكر بعدها في المسؤوليات، في الإنفاق، في الصرف، والفتاة أيضا تعيش لحظات أولى – كما يقولون – كلها رومانسية ومشاعر، وبعد ذلك تشعر أنها ستصبح أما, وأنها مسؤولة, وأن الدعة والراحة التي كانت في بيتها ستفقدها، إلى آخره.
لذلك فهذا التوتر والضيق طبيعي إلى حد كبير، بل إننا نقول: إن هذا الضيق قد يشتد قبيل المناسبة، ثم بعد ذلك يتلاشى في الليلة السعيدة الأولى بمجرد إكمال مراسيم الزواج.
فليس هنالك داع للانزعاج، ونكرر نصحنا للفتاة ولكم، بأن تكملوا هذا المشوار، وتحرصوا على أن تكون مراسيم الزواج في طاعة الله تبارك وتعالى، وأن تتجنبوا المخالفات الشرعية، وعليك أن تشجع هذه الأخت على الاستمرار مع هذا الرجل، طالما تأكد لكم أنه مناسب، وأنه صاحب أخلاق، وأن فيه خيرا، فإذا تأكدت لكم هذه الأشياء ووجدت في نفسها ارتياحا فلا عبرة لما يحصل بعد ذلك، وكما قلنا: (كل شيء يقدر بحسبه), وإذا كانت هناك أسباب فنتفادى ونعالج أسباب الضيق، وإذا لم تكن هناك أسباب فعليها أن تواظب على الأذكار، وكثرة الاستغفار، والصلاة والسلام على رسول ربنا المختار - عليه صلوات الله وسلامه – وتجتهد في قراءة الرقية الشرعية على نفسها، وأذكار الصباح والمساء، وتتعوذ بالله تبارك وتعالى من الشيطان.
ولا نرى أن تكرر الاستخارة بعد أن وجدت الارتياح, وكان الرجل مناسبا، وأنتم كأسرة وافقتم عليه، بل عليها أن تقبل على حياتها الجديدة، كما أننا نريد أن نصحح مفاهيم من أن وجود الاستخارة أو كون الإنسان يستخير لا يعني أنه قد لا تحدث مشاكل, أو تواجه صعوبات، فهذا لا علاقة له بهذا؛ لأن الاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، والإنسان في هذا الدعاء الجميل يقول (واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به), فهذا دعاء جميل جدا على الإنسان أن يؤديه ويتوجه به إلى الله تبارك وتعالى الذي يجيب المضطر إذا دعاه.
فعليها أن تواصل الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ولكن تقبل على حياتها الجديدة، ونسأل الله لها ولكم التوفيق والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لها الخير حيث كان ثم يرضيها به، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.