السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبكم في الله، لدي سؤال أرجو أن تجيبوا عليه.
أنا شاب أبلغ من العمر 18 سنة، وقد طغت علي شهوتي كثيرا، حاولت ثم حاولت أن أترك العادة السرية، فلم أستطع، فكرت في الحور العين، ونذرت لله، ولكن مع الأسف كالعادة أتوب إلى الله ثم تأتي هذه الأخيرة لتفسد علي توبتي، ولا أرتاح أبدا حتى أتوب ثانية، المهم أني قد اكتشفت حلا مبدئيا وهو الحفاظ على الصلوات الخمس.
فأرجو منكم حلولا أخرى؟ وهل يمكن اعتبار هذه الشهوة ابتلاء من الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يجعلك من الشباب الذين ينشأون في طاعته جل وعلا، وأن يظلك بظله يوم لا ظل إلا ظله، وأن يعافيك من هذه النزوات التي يزينها لك الشيطان ليفسد عليك دينك ودنياك.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابني الكريم الفاضل – فإنه مما لا شك فيه أن هذه المرحلة السنية التي أنت فيها مرحلة في غاية الخطورة، لأنك الآن رجل بمعنى الكلمة، فأنت في عرف الإسلام رجل منذ ثلاث سنوات على الأقل، وكونك رجل فقد أصبحت الآن قادرا على أن تؤسس أسرة، وأصبحت لديك القدرة على أن تقيم حياة زوجية مستقرة، ولكن نظرا للظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية من نظام التعليم والأعراف والتقاليد من المتعذر عليك فعلا أن تتزوج وأن ترتبط بامرأة تكون عونا لك على غض بصرك وتحصين فرجك، ومن هنا أنت تعاني معاناة يعانيها السواد الأعظم من الشباب في مثل سنك، لأن أنظمة التعليم الآن لا تسمح للفتى - أو الفتاة – أن يتزوج– تقريبا – إلا بعد العشرين من عمره، وقد يصل إلى الثلاثين الآن في معظم العالم، وتلك نكبة حقيقية أصابت الأمة المسلمة، لأننا لو تزوجنا مبكرين لأنجبنا أبنائنا ونحن صغار وكانت لدينا القدرة على تربيتهم بطريقة أفضل من كونهم يأتوننا ونحن قد وصلنا إلى منتصف العمر، ولكن– كما ذكرت لك – تلك مصيبة عامة أصابت المسلمين، ونسأل الله أن يغير أحوالنا جميعا إلى ما هو أفضل وأحسن وأوفق لديننا وأعظم لدنيانا.
وفيما يتعلق بمسألة الحلول التي ترغب في سلوكها لكي تتخلص من تلك العادة السرية المحرمة، فأنت قد عرضت فعلا: المحافظة على الصلوات الخمس، وهذه أعتقد أنها تأتي على رأس الحلول فعلا.
الحل الثاني: إنما هو المحافظة على أذكار الصباح والمساء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – على سبيل المثال يقول في تلك الأذكار: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) أخبرنا أن من قال ذلك ثلاث مرات صباحا لم يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها ثلاث مرات مساء لم يضره شيء حتى يصبح، فأنت عندما تقول ذلك – ولدي الكريم محمد – فإن الله سيذهب عنك كيد شياطين الإنس والجن.
العامل الثالث -بارك الله فيك-: الاجتهاد أن تكون على طهارة غالبا، لا تخرج من بيتك إلا متوضئا، سواء كنت ذاهبا إلى المدرسة أو لغير ذلك، لأن الطهارة توفر لك حراسة خاصة من الله، فلا يستطيع الشيطان أن ينال منك ما كان يناله وأنت على غير طهارة.
الأمر الرابع: الصحبة الصالحة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – بين أن الصحبة الصالحة لها أثرها في سلوك الإنسان، وذلك في حديث: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير) وكذلك أيضا في القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام في سورة طه عندما قال: {واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا} وفي قصة الرجل الذي في الجنة، ويسأل عن صاحبه الذي بحث عنه فوجده في أصل الجحيم، فقال سبحانه وتعالى: {فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} أي في الجنة {قال قائل منهم إني كان لي قرين} أي صاحب {يقول أأنك لمن المصدقين * أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون} كان يقول له ذلك، فقال: {قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم} ناده فقال: {قال تالله إن كدت لتردين} يعني توقعني في المهالك {ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين} لكنت معك في أصل الجحيم.
فإذن هذه من فوائد الأخوة والصحبة، فعليك أن تبحث عن صحبة صالحة تعيش معها، وتقضي أوقات فراغك معها، وتقوي علاقتك بها، والنبي - صلى الله عليه وسلم – أوصاك بقوله: {لا تصاحب إلا مؤمن، ولا يأكل طعامك إلا تقي). فهذا أيضا عامل مهم جدا، صحبة الصالحين والشباب الملتزم سيكون سببا في القضاء على سيطرة الشيطان عليك - بإذن الله تعالى – لأن الشيطان هو من الواحد أقرب، ومن الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
كذلك أيضا من العوامل: أن تجعل لك وردا من القرآن الكريم يوميا تقرأه، لأن القرآن نور، والقرآن غذاء الروح، كما أن الجسد له غذاء من الأطعمة والأشربة، كذلك الروح لها غذائها من القرآن الكريم، فهذا عندما تتغذى الروح تقوى تصبح متحكمة في البدن فتقل هذه المعاصي، بل قد تنعدم بإذن الله تعالى وفضله ورحمته على قدر صدقك ونيتك وإخلاصك.
اجتهد ألا تمكث وحدك فترة طويلة من الزمن، لأن الشيطان كما أخبر - عليه الصلاة والسلام -: (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) فكونك تظل في غرفتك وحدك أو تدخل إلى دورة المياه وتمكث فيها فترة طويلة هذا يجعلك عرضة لاستحواذ الشيطان عليك، ولذلك حاول قدر الاستطاعة في غرفتك الخاصة - إذا كانت لك غرفة خاصة – ألا تغلق الباب عليك، وإنما اجعل الباب مفتوحا قدر الاستطاعة حتى ترتدع نفسك الأمارة بالسوء من أن تفعل شيئا مخافة أن يراك أحد من والديك أو من إخوانك أو أهلك.
كذلك في دورة المياه: نص العلماء أنه يحرم شرعا أن يطيل الإنسان الجلوس في دورة المياه بغير سبب، فهذا حرام، فعليك إذا دخلت دورة المياه لا تدخل إلا عند الرغبة الشديدة في قضاء الحاجة، ولا تمكث أكثر من مجرد قضاء الحاجة ثم تخرج فورا من دورة المياه.
عليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وعليك أيضا بالإكثار من الصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – قدر الاستطاعة، حاول بارك الله فيك أن تقرأ في سير الصالحين، وحاول أن تنضم لأحد الأندية الرياضية لتمارس أي لعبة رياضية من الألعاب التي تستهلك الطاقة الزائدة عندك، لأن الشيطان عادة ما يزين للشباب هذا الأمر لوجود طاقة قوية في أجسادهم، في حين لا يزين هذا الأمر للكبار، لأن الكبار ضعفت الطاقة لديهم فأصبح من المتعذر عليهم أن يفعلوا ذلك خاصة بعد وفرة إيمانهم، أما أنت فإن الشيطان يستغلك ويستغل أمثالك من الشباب لفعل هذا الأمر، فمارس رياضة تفرغ فيها هذه الطاقة التي عندك.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول أضرار هذه العادة السيئة: (2404 - 3858 – 24284 – 24312 - 260343 )، وكيفية التخلص منها لمن ابتلي بها: (227041 - 1371 - 24284 - 55119 )، والحكم الشرعي للعادة السرية: (469- 261023 - 24312)
نسأل الله تعالى أن يجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يحصن فرجك، وأن يطهر قلبك، وأن يعينك على غض بصرك، وأن يرزقك الهدى والعفاف والغنى، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.