السؤال
السلام عليكم....
لي قريب يعاني من مرض الاضطراب الوجداني, وقد أتته الحالة ثلاث أو أربع نوبات - كلها نوبات هوس - وهو يتعالج الآن منذ 6 شهور, وبدأت حالته تتحسن كثيرا عن الأول, ولكن الطبيب يقول: إنه يجب أن يستمر على العلاج لمدة سنتين على الأقل -كجرعة وقائية - فما أهمية الجرعة الوقائية؟
هل تساعد في تقليل عدد النوبات في المستقبل؟ أم أنها تساعد في التقليل من حدة النوبات؟
وإذا تعرض لمثل هذه النوبات في المستقبل بعد إنهاء العلاج - إن شاء الله - ما الدواء الذي نعطيه في العصير مثلا؟ وما الجرعة؟ لأنه عندما تأتيه النوبة يرفض العلاج بشدة, ويهرب من كل من يقول له: اذهب للطبيب, وقد ذهبنا به إلى الطبيب هذه المرة بأعجوبة بعد أن هرب منا في الشوارع, وعرفنا طريقه, ووجدناه بصعوبة شديدة, واحضرنا له اثنين من المستشفى, وأعطوه حقنة بعد جهد, وذهبوا به إلى المستشفى رغما عنه, وقد تأذى لذلك كثيرا؛ لذا نريد معرفة طريقة أخرى نتعامل بها معه في بداية النوبة حتى يهدأ, ثم نذهب به إلى الطبيب بإرادته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فنشكرك على اهتمامك بهذا الأخ، ونسأل الله له العافية والشفاء.
المرض الوجداني ثنائي القطبية - خاصة إذا كانت نوبات الهوس هي نوبات متكررة – نعتبره مرضا انتكاسيا، يعني أن الحالة تأتي وتذهب، وفي مثل هذه الحالات لابد أن يكون التحوط العلاجي تحوطا قويا ومنضبطا وشديدا، وبفضل الله تعالى هذه الحالات أصبحت الآن تستجيب للعلاج بصورة جيدة.
هذا الأخ – حفظه الله – ما دام أنه تعرض لثلاث أو أربع نوبات فهو يحتاج لأن يستمر على الدواء لفترة لا تقل عن سنتين أو ثلاثة، وهذا هو الأفضل، أي فترة الثلاث سنوات تعتبر هي الفترة الأفضل.
وبالنسبة للجرعة الوقائية: فيعرف أن العلاج له مراحل، فهناك جرعة البداية – أو ما يعرف بالجرعة التمهيدية – ثم تأتي بعد ذلك الجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية، ثم جرعة التوقف عن الدواء. الجرعة العلاجية هي التي تعطى للمريض لتتحكم تماما في أعراضه، وبعد أن تستقر حالته تماما ينقل إلى الجرعة الوقائية، وهي لا تقل بأي حال من الأحوال عن نصف الجرعة العلاجية، فهي مهمة ومهمة جدا، وهي تمنع النكسات, وتمنع النوبات، ولا تساعد فقط في تقليلها؛ لأن الهدف هي أن تمنع هذه النوبات تماما.
وإذا كانت الجرعة الوقائية صحيحة فمن المفترض ألا تحدث نوبات، أما إذا كانت الجرعة أقل مما يجب فقد تحدث نوبات لكنها قد تكون أقل.
فيا أخي الكريم: هدف العلاج هو ألا تحدث نوبات؛ لأن النوبات حين تتكرر قد يدخل الإنسان فيما يعرف بالباب الدوار، ويقصد بهذا اللفظ أن المريض يخرج من نوبة ويدخل في نوبة أخرى، ولا شك أن ذلك معطل لحياته جدا.
فهذا الأخ يستفيد من العلاج، والحمد لله تعالى توجد أدوية ممتازة جدا للوقاية والحماية من هذا المرض، فأرجو أن تساعدوه، وأن تساندوه، وأن تنصحوه بضرورة وأهمية مواصلة العلاج.
المريض حين يستبصر ويرتبط بالواقع ويعرف طبيعة مرضه، فهنا تجده يلتزم بالعلاج التزاما تاما، وهذا مثبت من التجارب, فبعض المرضى – كما ذكرت وتفضلت – في حالة الهيجان والاضطراب الشديد وحين يكون المرض في ذروته لا يتعاونون أبدا مع العلاج؛ لأنه لا يرى أنه مريض؛ حيث إنه مفتقد للبصيرة، وكثيرا ما يعطى هؤلاء المرضى إبرا وحقنا لتهدئتهم, ثم بعد ذلك توضع الخطة العلاجية.
إذن فإقناع المريض بالعلاج ما دام في حالة جيدة هو المطلوب، وأرجو أن تحرصوا على ذلك.
هنالك أدوية الآن تذوب في العصير أو في الماء, منها عقار يعرف باسم (زبركسا فلوتاب), وهو دواء ممتاز وفعال جدا، وهنالك نقاش حول أخلاقية أن تعطي إنسان دواء دون رغبته, أو بعد رفضه, أو دون علمه، وهذا الأمر أيضا يناقش في المحافل العلمية, خاصة فيما يتعلق بأخلاق المهنة الطبية، لكن هنالك إجماع أن أهل المريض إذا وافقوا على ذلك بعد استنصاح من الطبيب المتميز والعارف بالأمر فلا مانع من ذلك أبدا من الناحية الأخلاقية.
طريقة معرفة التعامل معه هي أن تتعاملوا معه معاملة عادية، وألا يقلل من شأنه، وأن نعطيه مهاما، وأن يقوم بدوره في النطاق الاجتماعي، وأن يعمل - وهكذا – ودائما تكون هناك مراقبة غير مباشرة له فيما يخص تناوله للعلاج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله له العافية، ونشكرك على اهتمامك بأمره.