السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا صاحب الاستشارة رقم 2149076 أختي لم تتعاف، واكتشفت أنها كانت تتعاطى الكبتاجون، ظهرت لأختي حالات جديدة، فأصبحت تكلم نفسها، وتضحك مع نفسها, وفجأة أصبحت بحالة خمول، لا تتحدث، ولا تعمل أي شيء، فقط تشاهد التلفاز، وكانت على هذه الحالة لساعتين.
كانت تتعاطى الكبتاجون منذ فترة 7 أو 6 أشهر، وتوقفت عنه، وهي الآن بحالة يرثى لها، فلم تعد تتحدث مثل قبل، وتلتزم الصمت، وتفعل حركات غريبة، وتقتنع باقتناعات غريبة، مثل اتهامها لي بأنني أعمل اللواط مع أخي الصغير !!
قررنا الذهاب بها للمستشفى، ونحن بالسيارة وجدتها ترفع أصبعها لدقيقة أو أكثر، سألتها لماذا ترفعين أصبعك؟ فقالت لقد نسيت ! ولله إني أتقطع كيف كانت وكيف
أصبحت .
ذهبت بها لطبيب وقال بأن لديها فصاما، وأعطانا دواء (نسيت اسمه) لفترة أسبوع، وإذا لم تتحسن حالتها يجب أن تنام لفترة طويلة بالمستشفى، وأن تكون تحت الرقابة، أنا لم أقتنع بكلامه، فحسب علمي مريض الفصام يتحدث ويكون طبيعيا، إلا ببعض الحالات، لكن أختي لا تتحدث كثيرا، وأصبحت تتكلم بطريقة مفهومة، ولكن غريبة، لم تكن تتحدث بها، فمثلا سالتها مرة أين أخي؟ فقالت منسدح على السرير يحاول ينام منذ ربع ساعة، هي قد تبدو عادية، ولكنها لم تكن تتحدث هكذا.
أرجوكم دلوني ما الذي حصل لها؟ ما هو اسم مرضها؟ وهل يوجد له علاج بأي مكان بالعالم؟
غفر الله لكم وجزاكم خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على اهتمامك بأمر أختك، والتي أسأل الله لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
من المؤسف جدا بالطبع أنها تتعاطى الأنفتامين – أي الكابتجون – وهو مادة إدمانية خبيثة تؤثر على الناقلات والمستقبلات العصبية في الدماغ، ويؤدي إلى تفتت في شخصية الإنسان، كما أنه يؤدي إلى اضطرابات ذهانية متعددة، من أهمها السمات الفصامية، يفقد الإنسان صوابه ووضعه، وتتشتت ذاته بصورة واضحة.
الطبيب حين ذكر لكم أن هذه الأخت – شفاها الله – مصابة بمرض الفصام، يجب أن تكون هنالك قناعة بذلك، فمثلا اتهامها لك بأنك تفعل اللواط مع أخيك الأصغر هذا اتهام ظناني باروني، الحركات التي تبدو منها هي أيضا ذات طابع فصامي، ويعرف تماما أن سبعين إلى ثمانين بالمائة من الذين يتعاطون الكابتجون يصابون باضطراب ذهاني يشبه الفصام أو هو الفصام ذاته، والبنات أقرب قابلية للإصابة بهذه الاضطرابات الذهانية والعقلية.
الفصام ليس مرضا واحدا، وإنما هنالك فصاميات تتعدد وتختلف في قوتها وشدتها ومآلاتها التشخيصية والعلاجية.
الفصام على العموم قد يشمل الاضطراب في التفكير، قد يشمل الاضطراب في السلوك، مدخلات غريبة جدا على الإنسان، شاهدنا من يصمتون، شاهدنا من لا يتكلمون، شاهدنا من يتكلم بلغة غريبة من اختراعه، نسأل الله لهم الشفاء جميعا، فلا تستغرب ولا ترفض تشخيص الطبيب، فالأمر واضح وجلي لدرجة كبيرة.
يأتي السؤال المهم وهو العلاج، وأبشرك أن العلاج الآن متوفر جدا، لكن التعامل مع هذه الحالات يجب أن يكون شاملا وكليا، العلاج على المستوى الدوائي، العلاج على المستوى الاجتماعي والتأهيلي، الصبر عليها حتى تكون مرتبطة بالواقع، وتستعيد بصيرتها وتدبر أمورها.
يعتبر العلاج الدوائي ركيزة أساسية، وهنالك عدة أدوية، المهم هو الالتزام التام بالجرعة، معظم هؤلاء المرضى لا يتعاونون في تلقي العلاج، لذا يلجأ الأطباء إلى وسائل كثيرة، منها إعطاء الإبر الزيتية مثلا مرة كل أسبوعين أو كل شهر، وأنا شخصيا أرى أن مرض الفصام لا يمكن علاجه بصورة جيدة خاصة حين اكتشافه إلا بدخول المستشفى، وما دام هنالك اضطراب في التفكير واضطراب في الحركات وفي السلوك والمزاج والوجدان فلابد لهذه الابنة الكريمة أن تدخل إلى المستشفى، وهذا ليس عيبا أبدا.
المختصون في المستشفيات لهم القدرة والمعرفة في كيفية التعامل مع هذه الحالات، وسوف تكون في حفظ وصون وتبعد تماما من محيط التعاطي، وفي ذات الوقت المستشفيات هيئت لتقبل سلوكيات هؤلاء المرضى، ومن ثم يتم تعديلها لما هو إيجابي.
فيا أخي الكريم: القرار يجب أن يكون هو أن تدخل أختك إلى المستشفى، هذه نصيحتي و- إن شاء الله - سوف تأخذون بها، وأنا أبشرك بأن التحسن يبدأ بعد أسبوعين إلى ثلاثة من تناول العلاج، لكن جوهر الفصام لا يمكن اقتلاعه قبل شهرين إلى ثلاثة من تناول العلاج، وبعد أن تكمل المرحلة العلاجية سوف يضع لها الطبيب الخطة الوقائية والتي تعتمد في الأساس على المتابعة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.