هل أعاني من مرض نفسي أم عضوي في المعدة؟

0 614

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اسمي عبدالعزيز، طولي 170 سم، وزني 74 كيلو، وأنا شاب في العشرين من العمر، هجمت علي الضغوطات النفسية بينما كنت مسافرا للدراسة بالخارج، فابتليت بالتدخين وشرب الشيشة لمدة شهرين، في إحدى ليالي رمضان الماضي وبعد أن فرغت من تدخين الشيشة، أحسست بانسداد مفاجئ في الشهية، مما دفعني إلى عدم أكل السحور، والاكتفاء بمغادرة المقهى للعودة إلى المنزل بعد أن أحسست بالإرهاق، حاملا في بطني الكثير من الغازات، عند وصولي إلى المنزل كانت الغازات قد بلغت ذروتها، حيث أحسست بضيق يسير في الصدر و النفس، وعندما أعطيت ذلك الضيق اهتماما بدأت أتوهم، وعندها بدأت أشعر بالدوخة والغثيان ونوع من الهبوط؛ مما أدى أيضا إلى تسارع النبضات لدي ورعشة رافقها خوف شديد نظرا لصعوبة الموقف.

ذهبت إلى المستشفى، وعند استقبالي في الطوارئ أجري لي تخطيطا للقلب، وأشعة مقطعية، والتي كانت نتائجها -والحمد لله- سليمة، مما دفع الطبيب إلى القول: (إن ما تعاني منه هو نوبة ذعر فقط) ولم يتوصل لشيء أكثر من ذلك حينها قررت زيارة طبيب الباطنية، بعد أن أحسست أن المشكلة تكمن في معدتي، نظرا لتدخيني الذي قد يكون أدى إلى ابتلاعي للهواء، وتسبب لي بكثرة التجشؤ (التكريع) الطبيب أجرى لي بعض الفحوصات والتحاليل للدم والبراز -أكرمكم الله- فتوصل إلى أن تقاريري -ولله الحمد- سليمة، وأن معدتي تخلو من الجرثومة، ومع ذلك قرر وصف دوائي (Mutelium, Nexium) وقال لي بأنه ربما يكون ارتجاعا مريئيا، وحموضة، بعد أن صرح: (شكواك نموذجية لمريض بالجهاز الهضمي) رغم محاولاتي الكثيرة لإقناعه أنه لا توجد لدي حموضة، بل فقط:

- تجشؤ بكثرة، خاصة عند محاولة أخذ نفس كامل، أشعر بأن النفس يصل إلى مكان ما أسفل الرئة، ثم يعود للأعلى كغازات متجشئة.

- انقباض ما بين الرئتين عند جهة الحجاب الحاجز.

- قصر بالتنفس عند حالات التجشؤ، ويصاحبه دوخة وغثيان، وحالة من اللاوعي كالإحساس بالهبوط.

- الشعور أحيانا بمثل الهواء (الغازات) في منطقة القلب، مما يسبب شعورا مثل الوخز أو النغز (خاصة عند الاستيقاظ من النوم).

- إحساس بضعف النفس لدرجة عدم التنفس، عند مواعيد النوم أو عند الإرهاق الشديد بعد السهر، يصاحبه خوف أو قلق (عند الانتباه لذلك) يشعرني ذلك القلق برعشة واحدة في القلب وانتباه (من الدماغ) يتبعها تسارع نبضات القلب.

- عند زيادة القلق أشعر بالاضطراب في المعدة، فأعاني من إسهال أو إمساك.

- إحساس بالاكتئاب والانسداد في الشهية والرغبة بالتقيؤ (في النادر بعد إصابتي بالرعشة بالقلب عند التوهم والخوف).

كل تلك الأعراض تأتي وتذهب، إلا أنني أتوتر عندما أصاب بها أو أن التوتر الذي يصيبني بها، لست أعلم حقيقة ما إذا كان التوتر يأتي بالأعراض أم الأعراض التي تأتي بالتوتر!

توجهت بعدها أخيرا إلى عيادة الطبيب النفسي؛ نظرا لإحساسي الشديد بعدم الراحة، ووصفت له نفس ما ذكرته سلفا، إلا أنني ذكرت له ما أعني بكلمة (توهمت) فقلت له إن صعوبة الموقف جعلتني أتوهم الإغماء أو ربما الموت، وجعلتني أتخوف من أي شيء يذكرني به، ولو كلمة عابرة قرأتها في كتاب، فقام بوصف دواء (Faverin 50 mg) وطلب مني أخذ حبة كاملة، فهل هو أفضل أم السيبرالكس؟ وهل تنصحونني بأخذه؟

آسف على الإطالة، ولكنني ترددت على أربعة أطباء، ولم أستطع التوصل إلى نتيجة مؤكدة، وأنا -بعد الله- أعطيكم كامل ثقتي، لكوني أحبكم، ولكوني معجب بكتاباتكم السامية في توجيه خدمتكم للمسلمين والمسلمات، فقد استفدت منكم، وها أنا ذا أستخدم دواء (ديسفلاتيل) حاليا لمدة شهر بعد قراءتي لإحدى الاستشارات المجابة من د. محمد عبد العليم.. أو د. محمد حمودة،

أشكركم جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد عرضت رسالتك بصورة واضحة جدا، فالأعراض التي لديك بالتأكيد هي أعراض نفسوجسدية، ويقصد بذلك أن الأعراض الجسدية التي تعاني منها والتي تتمركز حول الجهاز الهضمي، وهي في الواقع ناشئة من قلق وتوتر، قد يكون الأمر بالفعل بدأ لديك بنوبة ذعر أو نوبة هرع، وارتباط الأمر بتدخين الشيشة قد يكون ناتجا من أن النيكوتين أو المركبات الأخرى التي يحتويها هذا الدخان والتبغ هي التي أثارت لديك نوبة الفزع والذعر في تلك اللحظة، وبعد ذلك تواصلت لديك الأعراض النفسوجسدية سالفة الذكر.

العلاج يكمن قيامك بمراجعة طبيب الجهاز الهضمي مرة واحدة كل ثلاثة أشهر (مثلا) لمجرد التأكد، وتكون أيضا حريصا جدا في ممارسة تمارين رياضية، لأن أعراض القولون العصبي والأعراض المصاحبة واضطراب الجهاز الهضمي حين تكون ناتجة من القلق والتوتر تستجيب بصورة فعالة جدا للتمارين الرياضية.

تناول العلاج الدوائي أعتقد أنه مهم جدا، والفافرين دواء جيد، لكن يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى عسر في الهضم، وزيادة في الحوامض لدى بعض الناس، وإن استطعت أن تتحمله فهو دواء جيد جدا، ولتخفيف الأعراض الجانبية يمكنك أن تتناوله ليلا بعد تناول الأكل.

جرعة خمسين مليجراما لا بأس بها كجرعة تمهيدية، لكن بعد أسبوعين لابد أن ترفع إلى مائة مليجرام، لأن هذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة.

جرعة المائة مليجرام تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

سيكون من المفيد أيضا أن تدعم الفافرين بعقار (دوجماتيل) والذي يعرف علميا باسم (سلبرايد) والجرعة المطلوبة هي كبسولة في الصباح وكبسولة في المساء – قوة الكبسولة هي 50 مليجراما – يتم تناولها لمدة شهرين، ثم بعد ذلك اجعلها كبسولة واحدة لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما إذا لم تستطع تحمل الفافرين فهنا يكون البديل هو السبرالكس، لأنه بالفعل دواء جيد وبسيط جدا، وتكون جرعة البداية خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – وتستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، وبعد ذلك اجعلها عشرة مليجرام كجرعة علاجية، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

السبرالكس يحبذ أن تدعمه بعقار آخر يعرف علميا باسم (فلوفنازين) ويسمى تجاريا (مودتين) والجرعة المطلوبة هي واحد مليجرام، يتم تناوله صباحا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا هو الذي أنصحك به، أما تناول (البسبتالين) فلا مانع من ذلك أبدا، وشراب النعناع الأخضر أيضا فيه فائدة كبيرة لكثير من الناس، ومن المهم أيضا أن تواصل مسيرتك الحياتية وتكثف من أنشطتك، وتصرف انتباهك عن هذا المرض البسيط من خلال الاجتهاد في الدراسة والاطلاع وتطوير المهارات الاجتماعية والمعرفية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات