السؤال
السلام عليكم - عزيزي الدكتور محمد عبد العليم -.
لي تاريخ طويل مع المعاناة النفسية والمرض النفسي.
بداية: كنت أعاني من اكتئاب, وأعراض نفسوجسدية, وسوء ظن, وتأويل, وضيق, ورغبة في إنهاء الحديث مع بعض الناس, رغم أنهم قد يكونون طيبين, ذهبت للطبيب النفسي فأعطاني سيرباس مادة السرتونين, وأندرال عشرة بجرعات معقولة, وداومت عليه حوالي عام ونصف, فشفيت - بحمد الله - من الاكتئاب, وأخبرته أني أعاني من سوء الظن, فأعطاني ريسبردال فشفيت كثيرا, لكنه بقي بعض من سوء الظن هذا, أما عن الأعراض النفسوجسدية فكانت تتمثل في رعشة في منطقة غريبة ألا وهي الرقبة, لكن - ولله الحمد - ذهبت إلى طبيب آخر, وأخبرته بالأمر فأعطاني فافرين 100, فداومت عليه - ولله الحمد - ذهبت الرعشة بصورة كبيرة.
والذي أعاني منه الآن كثيرا هو الضيق عند الحديث مع بعض الناس رغم طيبتهم؛ ولذلك لا تكون عندي أريحية في الحديث معهم, ووقتها يذهب عني الكلام, وأتكلم بحساب, وأشعر أني لو تكلمت سأتلعثم, علما أنني أعاني من بعض النسيان, فقد أنسى أسماءهم, وهذا يسبب لي حرجا بالغا.
كذلك بعض الناس الذين لا أحبهم إذا رأيتهم أشعر بالضيق, والقلق, والرغبة في عدم رؤيتهم, كما أنني مصاب برهاب في المناسبات, خاصة إذا أحسست أن العيون تنظر إلي, حينها أشعر أنني إنسان غير طبيعي, وأنني مراقب, ويذهب عني الكلام, علما أنني في مرحلة الدراسات العليا, وأشعر بالخوف الشديد كلما تذكرت أنني سأناقش الماجستير بعد فترة من الزمن.
ملاحظة: كنت قد بعثت إليكم باستشارة فوصفتم لي باروكستين, وأخذته بجرعات كبيرة وصلت إلى حبتين, وداومت عليه فترة طويلة, فلم أشعر بتحسن, كما أن سرباس مادة السرتونين, وريسبردال لم يعالجا الأمر كلية.
أرجو منكم علاجا لهذا الضيق الوقتي الذي يلازمني مع من أحبهم, ومن أكرههم, وكذلك هذا الرهاب.
سؤال أخير: هل هناك تعارض بين سرباس سرتونين وفافرين؟
شكرا لكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فالذي يظهر لي أن أعراضك في معظمها تتمثل في القلق الاكتئابي المصحوب بشيء من الظنان، وفي الآونة الأخيرة ظهرت جزئية أخرى من جزئيات القلق وهي شيء من الرهبة الاجتماعية.
هذه المسميات بالرغم من أنها متعددة، لكن مرضك ليس بمتعدد، هي كلها تدول حول ما نسميه بالاضطرابات الوجدانية، وهو - إن شاء الله تعالى – من درجة بسيطة.
بالنسبة للعلاج: التجربة خير برهان، والأدوية النفسية متشابهة جدا, خاصة مجموع (مضادات الاكتئاب والمخاوف الجديدة), والإنسان يناسبه دواء حسب التركيبة الجينية له, والآن هنالك أبحاث متقدمة جدا فيما يخص تحديد الخارطة الجينية، والتي من خلالها يمكن أن يحدد لكل إنسان نوعية الدواء الذي يناسبه، إلى أن نصل هذه المرحلة فأعتقد أن تجاربك السابقة مع الدواء يجب أن نقدرها, ويجب أن نتخذها ركيزة ننطلق من خلالها لأن تحل مشكلتك - إن شاء الله تعالى -.
أنا أرى أن عقار فافرين دواء جيد جدا، والآن هنالك دراسات تشير أنه حتى بالنسبة للرهاب الاجتماعي له فائدة كبيرة، وهو محسن للمزاج، لكن المطلوب منك هو أن ترفع الجرعة، فأنت تتناوله الآن بجرعة مائة مليجرام، وأنا أعتقد أن الجرعة يجب أن ترفع إلى مائة وخمسين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها مائتي مليجرام، وهذه هي الجرعة العلاجية, والتي يمكن أن تتناولها بمعدل مائة مليجرام في الصباح ومائة مليجرام في المساء، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفض الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها مائة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم يمكن أن تخفضها إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
أنا أرى أيضا أن تدعم الفافرين بعقار سلبرايد, والذي يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل), وهو - بفضل الله تعالى - متوفر في مصر، وهذا الدواء ستكون له آثار إيجابية جدا عليك, خاصة فيما يخص القلق والتوتر والشكوك الظنانية البسيطة, والجرعة المطلوبة في حالتك هي خمسون مليجراما صباحا ومساء، وعليك أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء, هذا فيما يخص الدواء.
وأنا أقول لك: إنه لا يوجد تناقض بين (سرباس سرتونين) و(الفافرين), لكن يجب أن تحس بالجرعة، بمعنى أنه يجب ألا نتخطى مستويات السلامة في هذه الأدوية.
بالنسبة للسبل العلاجية الأخرى: حاول أن تغير نمط حياتك، بأن تجعله أكثر إيجابية، وتتواصل اجتماعيا، وتمارس الرياضة، وتحاول أن تحسن الظن بالناس بقدر المستطاع، كما يجب أن تكون معبرا عما بداخلك، ولا تترك أشياء ورواسب وأفكارا تحتقن داخليا مما يسبب لك القلق والتوتر وعدم الارتياح.
التطوير المهني دائما يفيد الإنسان، والإنسان الذي يوسع آفاقه, ويزيد من مهاراته في مجال عمله هذا لا شك أنه ينتفع تأهيليا، ويجد أن صحته النفسية بالفعل أصبحت أفضل مما كانت عليه.
هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد.