تعبت من نفسي فكيف أعزز ثقتي بها؟

0 499

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في الصف الثاني متوسط, والحمد لله مجتهدة بدراستي, وعندي أحلام كبيرة أود أن أحققها, وبعد عدة أشهر سيصبح عمري 14 سنة, والله إني تأتيني أحيانا أفكار لا أعلم من أين تأتي, كما أني أحيانا أشكك في أمور الدين مع أني أكون على ثقة تامة بأنها صحيحة, ولكن هذه الأفكار تأتي في رأسي فجأة, مع العلم أني لا أؤمن بها, ولا أعيرها أي اهتمام, ولكني أخاف أن يغضب الله علي, هذه مشكلتي الأولى.

مشكلتي الثانية: أني أخاف كثيرا, لدرجة لا تتصورونها, كما أني أحيانا أصبح في حالة من الهلع, ولا يوجد سبب, وأخاف من الظلام كثيرا حتى أنني لا أستطيع النوم بمفردي, وبعض الأحيان أيضا أتوقع أشياء وتحصل, فأشعر أني أنا سبب حدوثها, فمرة مثلا توقعت أن أحدا مات, وفعلا رن الهاتف ليخبرنا بموت أحدهم!

وأنا أعاني أيضا من مشكلة كبيرة مع مظهري, ولا أنكر أن ملامحي جميلة جدا, وكثيرون قالوا ذلك - والحمد لله - ولكني سمراء جدا, وهذه أيضا ليست مشكلتي, فمشكلتي مع شعري فمهما كنت جميلة جدا - وأوقن بذلك - إلا أن شعري ليس ناعما, وهذا يجعلني أشكك في نفسي, ولا يجعلني واثقة من نفسي, كما أنني بكلمة واحدة أنهار كليا, ومؤخرا انعدمت ثقتي بنفسي تماما؛ حتى أني أتوتر وأقلق في بعض المواقف, ولا أستطيع أن أتكلم أمام عدد هائل من الناس, ولا أستطيع التحدث بشكل طبيعي مع شخص أراه أول مرة, أريد أن أعيد ثقتي بنفسي كالسابق, فالثقة ترفع صاحبها لأعلى المنازل, ولا أعلم ما الذي حدث لي حقا, ولكني تعبت, والقصص التي تتحدث عن الجن والخيال تثيرني فهل لهذا علاقة؟

أريد أن أصبح طبيبة أعصاب في المستقبل, كما أني أريد أن أصبح أديبة أيضا, والحمد لله ربي أنعم علي بنعمة القلم, فأستطيع الكتابة والتأليف, وكتاباتي جيدة جدا بالنسبة لعمري, وكثيرون قالوا ذلك, فهل ستؤثر مشكلتي علي؟

مرات أفكر أن أطلع بالإذاعة من أجل أن أعزز ثقتي بنفسي من جديد, وفعلا طلعت, وعندما طلعت بدأت يدي بالارتجاف, وأحسست بحالة من الهلع انتابتني مرة ثانية, وامتنعت من الطلوع ثانية بعدها, مع أني أتمنى ذلك, ولكن ...

كما أني أتخلى عن أشياء كثيرة بسبب حالتي, ولا أحب الخروج مع أهلي إلى الأماكن العامة خوفا من نفسي.

عندما أتعب أتوجه إلى الله, وأجد عنده ما يسليني, فمنذ طفولتي وأنا متعلقة بربي جدا ورسوله صلى الله عليه وسلم, كما أني أبكي أحيانا شوقا لهما, وأنا – والحمد لله - محافظة على صلاتي منذ دخلت المتوسطة بشكل جيد, ولكني قد أكون مقصرة في بعض الأحيان, وأيضا كلما طلبت من ربي شيئا يحققه لي, وإن لم يحققه أعلم أنه ليس فيه خير لي, مع العلم أني لا أستطيع الذهاب للطبيب, ولا أحد من عائلتي يعلم بحالتي, ولا أستطيع إخبارهم, فما رأيك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهول حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فقد أعجبت برسالتك، وتقولين: إن كثيرين يقولون لك: إن كتاباتك جيدة جدا بالنسبة لعمرك، وأنا أقول لك هذا أيضا, وأؤكده لك، وذلك من خلال اطلاعي على رسالتك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت في عمر يعتبر حلقة ضعيفة نسبية من الناحية النفسية، لا أقصد أنك ضعيفة، لكن هذا ينطبق على جميع من في عمرك، هذا هو عمر التغيرات النفسية والفسيولوجية والبيولوجية والوجدانية، فمن الطبيعي جدا أن ينتاب الإنسان شيء من أحلام اليقظة تتجاذبه هنا وهناك، وتكون الوساوس أيضا كثيرة جدا في مثل عمرك, وهي واضحة لديك, وتأتيك في أمور الدين، وأنا أعرف أن ذلك مؤلم جدا على النفس الطيبة مثل نفسك، لكني أؤكد لك أن هذه الأفكار أفكار عابرة, وسوف تنتهي تماما, وأنت تتعاملين معها من خلال التحقير، وهذا هو المبدأ الصحيح.

بالنسبة لموضوع حساسيتك حول مظهرك: فأنا حقيقة استغربت لذلك، فأنت بنت لبقة ذكية مؤمنة مقتدرة، فليس من المفترض أبدا أن تشغلي نفسك بأنك سمراء, أو أن شعرك ليس ناعما، فالله تبارك وتعالى خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف, والحكم ليس بالألوان أو بنوعية الشعر، وإنما يحكم على الإنسان من خلال خلقه ودينه ومعرفته، وهذه هي الدعائم التي من خلالها فعلا يستطيع الإنسان أن يثبت وجوده.

أرجو أن تحقري هذه الفكرة، فليس هنالك ما يدعوك للشعور بالدونية، بل على العكس تماما فأنت تحملين مميزات عظيمة: هذا الفكر المتقد، وهذه المقدرات الراقية، فلا تتجاهليها أبدا، ولا تشغلي نفسك بهذه الأمور البسيطة، ومن خلال تحقيرك لمثل هذه الفكرة فأعتقد أنه سيكون لك المزيد من الثقة بنفسك.

أرجو أن تقدري ذاتك بصورة صحيحة، فأنت متقدة الفكر، ولك تطلعات, ولك آمال.

وبالمناسبة: أحلام اليقظة ليست كلها سيئة، أبدا، بل أحلام اليقظة تحسن الدافعية لدى الإنسان، لكنها إذا كانت متداخلة وكثيرة فأرجو أن تحاصريها, وذلك من خلال إسقاط بعضها, والاستفادة مما هو مفيد منها.

أنت تحتاجين لأن تمارسي تمارين الاسترخاء، وهنالك تمارين نسميها بتمارين التنفس التدرجي، وكذلك تمارين قبض العضلات وإطلاقها تدريجيا، وهي تساعد النفس في الاسترخاء, وإن شاء الله تعالى تزيل عنك عوامل التوتر، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) سوف تجدينها مفيدة جدا حين تطبقينها.

هناك أيضا كتاب ممتاز جدا للدكتور (ديل كارنيجي), وهو كتاب مترجم اسمه (كيف تتخلص من القلق وتبدأ الحياة؟) أرجو أن تحصلي على هذا الكتاب الممتاز، وتطلعي عليه، فهو ذو فوائد إرشادية جمة، ولمحمد الغزالي كتاب بعنوان (جدد حياتك) فاطلعي عليه, وأيضا هناك كتاب للشيخ عائض القرني – حفظه الله – باسم (لا تحزن) أعتقد أنه من أفضل الكتب في مجال علم النفس السلوكي الإرشادي، فأرجو أن تطلعي عليه أيضا.

نصيحتي لك أيضا هي: أن تمارسي أي تمارين رياضية تناسب الفتاة المسلمة، واسعي دائما لبر والديك، فبر الوالدين حافظ للأبناء والبنات، ويؤدي إلى طمأنينة, وإلى استرخاء كبير في النفس, وشاركي أسرتك في قراراتها, وفي كل ما يساعد في نهضة أسرتك واستقرارها.

أما بالنسبة للقصة التي تتحدث عن الجن والخيال وإثارتها لك: نعم, هذه القصص تثير الفضول, وتثير الخيال، وأنت مسبقا لديك خيال خصب, ومقدرات عقلية كبيرة؛ فلذا يكون هنالك تأثير ومردود واضح عليك، فأرجو ألا تكثري من مثل هذه الاطلاعات.

أنا أتوقع لك - إن شاء الله تعالى – مستقبل باهر، وتخصصك في طب الأعصاب هذا أنا أقره تماما، وأن تكوني كاتبة وأديبة هذا أيضا - إن شاء الله تعالى – ليس بعيد المنال، وأنا أقول لك: إن دراسة الطب مفيدة للإنسان، وتعلم الإنسان الانضباط، وتعلمه تنظيم الوقت، وهذا سوف يساعدك - إن شاء الله تعالى – في الوصول إلى مبتغاك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات