أواجه مضايقات في عملي، هل أترك عملي؟

0 526

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل في شركة في الخليج منذ ثماني سنوات، وقد استفدت ماديا وزاد إيماني -والحمد الله- في هذا السفر، ولكني واجهت صعوبات كبيرة عديدة خلال هذه الفترة، وقد اشتدت في الآونة الأخيرة.

علما أني تعبت نفسيا، وأثر هذا العمل علي صحيا، فأصبت بأمراض منها السكر والاكتئاب، وقد فكرت بالاستقالة والرجوع أنا وأهلي إلى بلدي عدة مرات، واستخرت واستشرت الناس، ووجدت عدة إجابات.

توصلت إلى أن أترك العمل، وذهبت إلى مديري الجديد، وعندما دخلت بدأ كعادته بالشكوى والانتقاد المفتعل! فقلت له أنا تعبت، فماذا تريد مني بصراحة؟ فبدأ بالالتفاف ثانية وكالعادة، فقلت إن تريد مني ترك العمل فلا حول ولا قوة إلا بالله، وأنا راضي بقضاء الله، اكتب ورقة (التفنيش) فقال لي وهو متلهف إذا أردت اليوم، فاستغربت من تعجله، ومن ثم ذهبنا للحديث عن تاريخ نهاية مدة العمل، فقلت له غدا سأكلم المدرسة بخصوص أطفالي، فقال لي إعطني جوابا نهائيا غدا.

استخرت ليلتها، ولم أرتح لترك العمل، أنا محتار الآن، فماذا أفعل؟ هل أكمل إجراءات ترك العمل أم أعتذر؟ مع أن الوضع محرج وحساس جدا، وأنا متأكد بأنه سيكرر إزعاجاته اليومية، ليجعلني أترك العمل.

جزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صادق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

بداية نرحب بك في موقعك، ونسأل الله لك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.

بالنسبة لترك العمل: نحن لا ننصحك بالاستعجال في هذه المسألة، وأرجو أن تعلم أن الضيق والنكد يواجه الإنسان في هذه الحياة، فالإنسان خلق في كبد، والحياة كذلك مليئة بالنكد، وهو كادح إلى ربه كدحا فملاقيه.

جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفوا من الأكدار والأقذاء
ومكلف الأيام فوق طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

إذا كنت -ولله الحمد- قد تحسنت في بيئتك الجديدة إيمانيا وتحسنت ماديا، فإننا ندعوك إلى أن تستمر في هذا العمل، ولا تستعجل بترك العمل، أو لا تطالب بترك العمل، لأن الإنسان سيجد الصعوبات في كل مكان، وهذه طبيعة الحياة، ولذلك نتمنى أن ترجع إليه وتطلب منهم إعطاء مهلة للتفكير، وبين للمدير أيضا أن الأولاد – الأطفال – إذا خرجت في هذا التوقيت أخرجتهم من المدرسة فقد يصعب عليك اللحاق بالدراسة في أماكن أخرى، لأن العام الدراسي بدأ، وسيكون هذا على حساب مستقبلهم.

فبين له أن هذا هو السبب، وهذا فيه دفع للحرج عنك، وبين له أن الأولاد ومصلحة الأطفال وأن أم العيال تفضل أن نستمر قليلا، وأن نختار الوقت المناسب لترك العمل، حتى لا يتضرر الأطفال من ناحية الدراسة، وبعد ذلك يقضي الله أمرا كان مفعولا.

إذا كان المدير يريد أن يتلهف ليتخلص منك فلا تعطه هذه الفرصة، واستعن بالله تبارك وتعالى، وكن واثقا بأن رزقك ليس بيد المدير ولا بيد غيره، إنما هو بيد الله تبارك وتعالى.

أما بالنسبة للعمل فنحن ندعوك فعلا إلى أن تجود العمل، ليس من أجل المدير، لكن لأن الدين دعوة إلى الإتقان، ولأن الله يحب من أحدنا إذا عمل عملا أن يتقنه، ولأن الإنسان ينبغي أن يجود العمل الذي يكسب من ورائه رزق حتى يكون هذا الرزق حلال، وحتى يؤدي الضريبة التي عليه، فإن من أخذ الأجر حاسبه الله تبارك وتعالى على العمل.

إذا كان هناك جوانب من القصور أو التقصير في أداء العمل فعليك أن تتدارك نفسك، ويمكن أن تكلم المدير أيضا، وإذا كانت عليك ملاحظات تجتهد في تفادي الملاحظات التي سجلت عليك فيما مضى من أيام، وتحاول أن تحسن من أدائك وتطور من مهاراتك في العمل الذي تؤديه والذي تقوم به، والذي تكسب من ورائه بفضل الله تعالى قوت العيال، ووسع الله عليك تبارك وتعالى في المال من وراء هذا العمل.

الإسلام دائما يدعو الإنسان إلى أن يعمل، لأن الإسلام هو دين العمل، حتى في آخر لحظات الحياة يقول: (إذا قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة – شتلة شجيرة – فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل) فالإسلام دعوة للعمل، والعمل المستمر، فالإنسان يعمل ويرجو بعمله وجه الله تبارك وتعالى، وينتظر التأييد والتوفيق من الله تبارك وتعالى على هذه الأعمال التي يؤديها ويواظب عليها.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يعينك على الاستمرار في هذا العمل، هذه وجهة النظر التي نرسلها لك، وندعوك إلى أن تتريث ولا تستعجل في ترك العمل، وبين للمدير حتى ترفع عن نفسك الحرج – كما قلنا – أن هناك أسبابا خارجية تحول دون تركك العمل في هذا التوقيت بالذات، وبعد ذلك قل له: (إذا كانت هناك ملاحظات على عملي فأنا أرجو أن أسمعها حتى أتدارك هذه الملاحظات).

اجتهد في أن تلتزم بالعمل، في الحضور في الوقت المحدد، بأداء ما يطلب منك، بالتفاعل وحسن التعامل مع المديرين والمسؤولين الذين معك في العمل، وحسن التعامل مع الجمهور إذا كان العمل فيه مقابلة للجمهور، وأداء العمل بأمانة، وحب العمل والإخلاص لله تبارك وتعالى في هذه العمل.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك التوفيق والعافية، ولعلك تعرف أيضا أن هذه البيئات فيها رعاية صحية أفضل من غيرها، فلا تحرم نفسك من هذه الخيرات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات