السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كم يسرني أن أكتب إليكم، وأتمنى أن تفيدوني إن استطعتم.
أنا فتاة في ال 18 من عمري، وأعيش حياة عادية ومستقرة، ولكن المشكلة تكمن في صلاتي!!
لقد ضيعت الكثير من الصلوات منذ بلوغي سن التكليف إلى الآن، ولكني أصلي وأعود إلى ربي تائبة عما ضيعته، وأحيانا أعاهد ربي بأني لن أقطع فرضا أبدا، ولكنني أعود وأضيع صلاتي، فأحزن أكثر وأكثر لأني أحس بأني منافقة في نقضي للعهد، وهذا الذي يتعبني أكثر، حتى صرت أدعو الله أن يثبتني على الصلاة، ولكن دون أن أعاهده على عدم تركها، حتى لا أكون كاذبة إذا ما ضيعتها.
أتمنى من كل قلبي أن لا أترك الصلاة، ولكن لا أدري لماذا أضيعها؟ وما سبب التكاسل عنها؟ فهل من عودة؟ وكيف أعوض ما فاتني من الصلوات؟
لدي مشكلة أخرى: وهي أن إرادتي ضعيفة، ولا أنفذ قراراتي التي أتخذها، وهذا يجعلني أكره نفسي، مع أنني في الثانوية العامة، فكنت قد اتخذت قرارا في الحصول على معدل فوق ال 99، وقد حصلت عليه - والحمد لله -.
ومع ذلك كنت أرى أن إرادتي ليست قوية، وأنه كان يجب أن اجتهد أكثر وأكثر، ولكن بعد حصولي على النتيجة أدركت أني اجتهدت وتعبت، ولكني لا أعرف لم ألوم نفسي؟
أتمنى شيئا واحدا في هذه الحياة، وهو أن يرضى عني ربي وأهلي، وأن أكون فتاة مسلمة تساعد في تقدم بلدها ومجتمعها، كما أني أحتاج للإرادة القوية، ولا أعرف من أين أستمدها؟ فالكسل يسيطر علي أحيانا كثيرة.
ساعدوني كيف أتغير للأفضل؟ ولكم جزيل الشكر، وأعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك هدى وصلاحا واستقامة وتميزا وتفوقا علميا ودراسيا. كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على أن تكوني صالحة مصلحة وداعية إليه سبحانه وتعالى، وقادرة على خدمة دينك وخدمة بلدك ومجتمعك، وتتمتعين بإرادة قوية وعزيمة صادقة.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فأنا أقول لك باسمي وباسم إخواني: نحن فخورون بك كونك مسلمة تحبين الله ورسوله، وكونك أيضا عقدت العزم على أن تحصلي على هذا المجموع الرائع، واستطعت أن تحققي هذا الأمر بجدارة واقتدار، وهذا بفضل الله تعالى وتوفيق يدل على أنك على خير، وأنه من الممكن أن تكوني مشروعا كبيرا لخدمة الإسلام والمسلمين ولرفع شأن بلدك بين العالمين.
فيما يتعلق بقضية الصلاة، فنحن دائما نقول كما يقول الناس: (إذا عرف السبب بطل العجب) ومعنى هذا الكلام أن نبحث في الأسباب التي تؤدي إلى التوقف عن الصلاة، لأنك الآن بفضل الله تعالى حريصة على مرضاة الله سبحانه وتعالى وحريصة على المحافظة على الصلاة، وتندمين ندما شديدا إذا فاتتك بعض الصلوات، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك على خير، وأن في قلبك قدرا كبيرا من محبة الله ورسوله، ولكن تحدث عندك بعض الانتكاسات أو بعض الإسقاطات، أو بعض لحظات الضعف التي تتوقفين فيها عن أداء الصلاة في أوقاتها.
أقول لك: أتمنى أن تجلسي مع نفسك جلسة هادئة وأن تحللي العوامل التي تؤدي إلى التقاعس في الصلاة والتكاسل عنها، والأسباب التي تؤدي إلى ذلك، لأنك بفضل الله تعالى تصلين وتستمرين أسبوع واثنين وأكثر ثم تتوقفين، فهناك مما لا شك فيه أسباب، لأنه يستحيل أن يوجد شيء دون سبب.
ولذلك الذي أنصح به – ابنتي الفاضلة هبة – إنما هو البحث في الأسباب التي تؤدي إلى هذا التقاعس وهذا التكاسل، ومحاولة القضاء عليها، وأن تعلمي أن قضية الصلاة قضية حياة أو موت، ليست قضية استثنائية أو قضية ثانوية أو هامشية، وإنما هي قضية جنة أو نار، وأنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وكان آخر كلام حبيبك - عليه الصلاة والسلام -: (الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم) وهي أعظم حق لله تبارك وتعالى بعد التوحيد، فينبغي عليك البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى هذه الانتكاسة وهذا التكاسل والقضاء عليها نهائيا، وعقد العزم وأخذ القرار الجريء والقوي والشجاع على ألا نتوقف عن الصلاة مهما كانت الدوافع، ومهما كانت الأسباب.
أنت تقولين أنك تحتاجين إلى قوة وإرادة، وأنا أرى أن إرادتك قوية، ولكن عموما هناك عوامل تعين على الإنسان في قوة الإرادة، العامل الأول إنما هو الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يرزقك قوة الإرادة. تقولين: لا أعرف من أين تستمدينها؟ أقول: من الله سبحانه وتعالى بالدعاء والإلحاح على الله مع البكاء أن يرزقك قوة الإرادة وقوة الشخصية، وأن يعينك على أن تثبتي على مبادئك، وألا تترددي في اتخاذ القرارات المناسبة.
كذلك أيضا من العوامل إنما هو النظر في الجانب المشرق في حياتك، فأنت الحمد لله متميزة ورائعة، وحصلت على درجات في القمة، ولذلك أعتقد أنك الآن مما لا شك فيه ينبغي أن تحافظي على هذه القمة التي وصلت إليها، وحفاظك على هذه القمة يجعلك تذاكرين بطريقة جيدة وتنتبهين إلى شرح المعلمين أو الدكاترة للمواد المقررة، وتحاولي أن تجعلي المذاكرة والمراجعة شيئا عاديا في حياتك كالأكل والشرب والنوم، فلا تهملي هذا الأمر أبدا.
كذلك أيضا احرصي على أن تشاركي في بعض المشاريع والمناشط الدعوية في داخل الجامعة (الكلية)، وأن يكون لك دور في التفاعل مع أخواتك المسلمات في تكوين جماعات نسوية، التي تستطيع أن تقدم خدمة عظيمة.
كذلك أيضا كونك تضعين خطة للمذاكرة وتلتزمين بها، وتحاولين أن تثبتي عليها ولا تتنازلي أبدا عن هذه الخطة مهما كانت الأسباب والدوافع، أعتقد أن هذه كلها سوف تساعدك أيضا على الشعور بأنك صاحبة إرادة قوية. أنا أرى بأنك في الواقع صاحبة إرادة قوية، ولكن يبدو أنك تريدين أكثر من ذلك، ولذلك قدمت لك هذه العوامل.
أكثري من الصلاة على النبي محمد - عليه الصلاة والسلام – بنية أن يرفع الله همتك، وأن يقوي عزيمتك، وأن يشد من أزرك، وأن يرفع من شأنك.
كذلك أيضا الإكثار من الاستغفار، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، كذلك أيضا المحافظة على أذكار الصباح والمساء، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء.
حاولي أن تطلعي على بعض المواقع التي تتكلم عن قوة الإرادة والثبات على المبدأ، فإنك ستجدين شيئا رائعا في بعض المواقع في التنمية البشرية تتكلم عن هذا الجانب في تقوية الإرادة، ولكني أرى بأن هذا الذي ذكرته فيه الكفاية، لأنك - ولله الحمد - قوية الإرادة، والدليل على ذلك نجاحك في هذا التميز.
ضعي هدفا نصب عينيك دائما أن تكوني باستمرار صاحبة تميز علمي، وهذا - بإذن الله تعالى – لو وضعته نصب عينيك، وعقدت العزم على ألا تهملي هذا الأمر أبدا، وأن تكوني دائما من الأوائل على دفعتك، ومن المتميزات بين أقرانك وزملائك، أعتقد أنك بذلك أيضا سوف تشعرين بمتعة عظيمة، وتستعيدين ثقتك بنفسك بطريقة قوية، وتقدمين خدمة لدينك، وخدمة لأمتك وخدمة لأسرتك.
وكم أتمنى أيضا أن تأخذي قرارا في حفظ بعض آيات القرآن الكريم، ولو في كل يوم آية أو آيتين أو ثلاث، أو بعض السور القصيرة من قصار السور، لأن هذا أيضا سوف يعيد إليك الثقة في نفسك ويقويك في هذا الاتجاه، وانظري الطريق إلى علو الهمة في هذه الروابط: ( 274415 - 277538 - 282702 - 2109170 ).
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على طاعته ورضاه.