أحب شخصا ويحبني... فهل هذا حرام؟

1 574

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أحب شخصا وهو يحبني ولكني خائفة أن يكون حبه لي حراما، ولم أكلمه في عمري أبدا أو أقبله أو ما شابه ذلك أبدا، الموضوع كله في داخلي، واعترف هو لقريبته أنه يحبني، وهي قالت له: أني أحبه، لأنها صاحبتي، وأقول لها كل شيء وتعلم كل شيء عني، أنا فقط أريد أن أعرف هل حبي له غلط أو ماذا؟

أنا حقيقة أحبه ولا أستطيع أن أستغنى عنه، هو أجمل شيء في حياتي، أنا أعلم أنه يمكن أن يكون سني صغيرا، ولكني فعلا أحبه، ورغم حبي له أرفض تماما أن أكلمه أو أقبله أو أي شيء، لأني مثل ما أنا أحبه أحب ربنا ولا أريد أن أغضبه مني، أريد حلا لأنني تعبت كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونحن سعداء بتواصل الفتيات من أمثالك، ونحن لك في مقام الآباء ومقام الإخوان، وأنتن مثل بناتنا الصغار، ولدينا بنات في مثل عمرك وأكبر منك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلحكن جميعا، وأن يجعلكن فخرا لهذه الأمة، وأن يرزقكن العفاف والستر والخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأعجبني وأسعدني - يا ابنتي الفاضلة - أنك قلت تحبين الله تبارك وتعالى، وحبنا لله تبارك وتعالى وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم - برهانه الطاعة، الدليل عليه الطاعة، لو كان حبك له صادقا لأطعته، إن المحب لمن يحب مطيع، والحب لله تبارك وتعالى هو القاعدة التي تقوم عليها كل حياة المسلم، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} فعلامة هذه المحبة هي اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم – ولذلك أرجو أن تجعلي هذا عنوانا، تستمرين عليه، اشغلي قلبك بحب الله وطاعته، هذا القلب غال جدا، وما ينبغي أن يكون فيه سوى الحب لله تبارك وتعالى، وبعد ذلك عندما يتهيأ الإنسان للزواج، فلا مانع أن تحب زوجها؛ لأنه أخ لها في الله؛ ولأنها اختارته لدينه، فالمؤمنة تحب والديها، وتحب صديقاتها، وتزيد في محبة الصالحات، بل تحب الرجل (زوجها الحلال) الذي يأتي بيتها من الباب ويكلم أهلها الأحباب، ويبتعد عنها ولا يتواصل معها إلا في إطار شرعي، ولذلك نتمنى أن يظل هذا مكتوما، وأن يظل هذا في قلبك، يظل محفوظا ومستورا ومكتوما؛ لأنه هكذا تفعل العفيفة، واشتغلي بطاعة الله، وعليه كذلك أن يشتغل بطاعة الله، وإذا هيأ نفسه للزواج فعليه أن يأتي داركم من الباب ويقابل أهلك الأحباب، ويطلب يدك بطريقة رسمية.

وأرجو أن يظل هذا الأمر أيضا مستورا، واحذري من صديقتك من أن تخبر عن هذا الأمر وتتكلم به، بل ينبغي أن يظل هذا مكتوما حتى يأتي الوقت المناسب، وعندما يأتي الوقت المناسب لابد أن يأتي - كما قلنا – البيوت من أبوابها.

ونحن نعتقد أن هذا مجرد إعجاب، وأرجو أن يكون الإعجاب في الدين، تعجب بدينه، يعجب بدينها، لأن الدين هو الأساس، وليس هناك ضرر على الفتاة، والأصل أن الفتاة تميل إلى الرجل، والرجل يميل إلى النساء، ولذلك الشريعة باعدت بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، وجعلت أفضل صفوف النساء آخرها لبعدها عن صفوف الرجال، وأفضل صفوف الرجال أولها لبعدها كذلك عن صفوف النساء.

فالإسلام لا يرضى بأي علاقة إلا في إطار شرعي، إلا بعلاقة تبدأ أولا بالمجيء إلى البيوت ومقابلة الأهل، فإذا حصلت الموافقة وتمت الخطبة عند ذلك يستطيع أن يتواصل مع الأهل، مع أننا نؤكد أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها.

لذلك أرجو أن تتجنبي وتبتعدي عن المكالمات، وتبتعدي عن المراسلات، وتبتعدي عن ما هو أكثر وقد ذكر في السؤال، وهذا طبعا لا يليق أصلا أن تقوم بينهما خلوة فضلا عما بعدها، ولذلك أرجو أن تنتبهي لهذا الأمر، واجتهدي في أن تشغلي نفسك بطاعة الله، وبالتوجه إلى الله تبارك وتعالى، ولا مانع من أن تسألي الله أن يكون من نصيبك، ويسأل هو أن تكوني أيضا من نصيبه، فهذا لا مانع فيه، لكن نشغل أنفسنا بطاعة الله، ألا نتكلم بهذا الذي في أنفسنا، فإن هذا قد يفهم في غير إطاره، وليس من المصلحة والمفيد لك وله أن تشتغلوا بإعداد أنفسكم، لأن التفكير بهذه الطريقة سيؤثر على مستواك العلمي، ويؤثر على دراستك، ويؤثر على حياتك من أولها إلى آخرها، وهذا لا نريده لبناتنا، وسيؤثر عليه أيضا، على مستقبله، على تعليمه، على حياته، فالإسلام دين يدعونا إلى أن ننصرف إلى الجد، والمشوار أمامه طويل وعنده فرصة يهيأ نفسه ويعد نفسه، ويوفر ما يستطيع من أجل تكوين أسرة، ثم يأتي لمقابلة أهلك، غير هذا الشريعة لا تقبل أي صورة من صور التواصل بين الفتاة والفتى مهما كانت الأسباب، لأن الإسلام لا يعرف صداقة بين ذكر وأنثى إلا في إطار الزوجية أو في إطار المحرمية، تكون خالة، عمة له أو نحو ذلك، أو خال أو عم لها – يعني محرمية – أو تكون زوجة، والإسلام لا يعترف إلا بعلاقة مكشوفة بعلم الأهل والناس جميعا، والإسلام لا يعترف إلا بعلاقة هدفها الزواج بعد اتخاذ هذه التدابير والوسائل الصحيحة التي ينبغي أن نهتم بها.

فاشغلي نفسك بطاعة الله، واحرصي على أن تكوني تقية، وأكثري من التوجه إلى الله تبارك وتعالى، واشغلي لسانك وقلبك بذكر الله وبمشاهدة آلاء الله ونعم الله ومعرفة قدر العظيم سبحانه وتعالى، وانتبهي لدراستك، وسوف يأتيك الرزق الذي قدره الله لك، وعليه أن يأتي لداركم في الوقت المناسب ويطلب يدك، وعند ذلك لك أن تعلني رغبتك وموافقتك على هذا الأمر، وينبغي أن يكون هذا الذي حدث من تواصل أو معرفة أو تعبير عن المشاعر سرا من الأسرار، لأنه إذا ظهر للأهل وعرفوا أنك تفعلين هذا من ورائهم فقد يحملهم العناد إلى الرفض الشديد مهما كان صلاح الشاب ومهما كانت تقواه لله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يعينكما على الطاعة، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات