البيت الذي فيه الأغاني ... هل يقبل فيه الدعاء؟

0 414

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أستفسر: هل بيتي يقبل فيه الدعاء أم لا؟ لأني سمعت حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم:" أن البيت الذي فيه أغان لا تدخله الملائكة, ولا يقبل فيه الدعاء" والأغاني تتواجد في غرفتين من بيتي فقط، وعندما أدعو إلى الله أدعوه في غرفتي التي لا توجد بها الأغاني, فهل يقبل دعائي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته, ومن والاه.

نرحب بك - ابننا الفاضل - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وقد أحسنت وصدقت, فإن الغناء مزمار الشيطان، وهو ينبت النفاق، وهو رقية الزنا، وهو الذي – والعياذ بالله – تعوذ منه الفقهاء والفضلاء، ورفضوه؛ لأنه يدعو إلى الرذيلة, ويدعو إلى الفحش، ويدعو إلى الغفلة عن الله تبارك وتعالى، ولو كان خيرا لسبقنا إليه الكرام، وقد كان ابن مسعود - رضي الله عنه وأرضاه – في قول الله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} يقسم أنها الغناء، والله مدح الأخيار فقال: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما}.

فهذه كلها تدل على أن من كان يبتغي الكمال فعليه أن يبتعد عن الغناء والفجور، والبيت الذي فيه الغناء بيت تدخله الشياطين تعشش فيه، وتقيل مع أهلها حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، والمؤمن يحرص على أن يعطر بيته بكتاب الله تبارك وتعالى، ويبعد الموسيقى وآلات الموسيقى عن بيته.

وأنت - ولله الحمد - تستطيع أن تجعل قلبك عامرا بكتاب الله تبارك وتعالى ، ثم تجتهد في النصح لأهلك، وفي توجيههم، وفي دعوتهم إلى الله تبارك وتعالى برفق، وفي إحضار التلاوات بأصوات جميلة لتكون بديلا لذلك المنكر؛ حتى تستريح نفوسهم وقلوبهم، وسيشعرون بالطمأنينة التي تحل في البيت عندما يتلى القرآن فيه، فإن البيت الذي يقرأ فيه القرآن والبيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة بيت لا يدخله شيطان، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

وهذا الذي نريده بداية أن تسعى في الإصلاح، وأن تعمر بيتك بتلاوة كتاب الله، وإذا كانت الغرف الأخرى فيها موسيقى فاجعل غرفتك واجعل ما تيسر في البيت عامرا بتلاوة كتاب الله تبارك وتعالى، وبكل أمر يرضيه سبحانه وتعالى, واجتهد في نصح أهلك بلطف وحكمة وحنكة، وبين لهم أخطار الاستمرار في سماع الموسيقى والأغاني؛ لأنها – كما قلنا – تنبت النفاق كما ينبت الزرع في الأرض.

والله تبارك وتعالى بعث النبي - صلى الله عليه وسلم – يحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث، ويجمع أهل الغناء – قبل غيرهم – أن الغناء ليس من الطيبات، بل هو من الخبائث لما يتركه في النفوس من آثار، خاصة إذا نظرنا في الأغاني التي في زماننا؛ فإن فيها مخالفات حتى في الكلمات، وفيها مخالفة للموسيقى، وفيها مخالفة في الداعر أو العاهرة التي تؤديها تتراقص أو يتراقص ويتمايل، وقد تكون متبرجة - والعياذ بالله - في غاية التبرج، وهذا كله يجعل هذا الوسط وهذه البيئة وهذا العمل – والعياذ بالله – من القبح بمكان؛ ولذلك نتمنى أن تنجح أولا في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.

أما بالنسبة للدعاء: فإنه يقبل من أي مكان، ومن أي إنسان، فإن الله يجيب المضطر إذا دعاه سبحانه وتعالى، قال تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} وهذا المضطر قد لا يكون مسلما، وإذا لجأ إلى الله بصدق وانكسار وإلحاح فإن الله يجيب المضطر إذا دعاه سبحانه وتعالى، وإذا كان يجيب المضطر مهما كان، فكيف بالمؤمن الحريص على الخير من أمثالك, فادع الله تبارك وتعالى بما شئت، ومن أي مكان، واجعل الدعاء أولا لوالديك ولأهل البيت بالهداية، ولنفسك بالثبات، ولإخوانك بالنصر، ولأمواتنا بالرحمة، لعلنا إذا متنا نجد من يترحم علينا، فالدعاء يقبل ويسمع، فسبحان من وسع سمعه الأصوات؛ لذلك لا توقف الدعاء لأجل هذا السبب، ولكن اجعل قبله وبعده الدعوة إلى الله، وادع لنفسك ولأهلك بالليل، وادعهم إلى الله في الليل وفي النهار، وأظهر لهم حسن البر والإحسان، حتى يحبوا هذا الدين لما يروا فيك من أدب واحترام للكبير, ورعاية لمشاعرهم، فإننا بهذه الوسيلة نستطيع أن نؤثر على من حولنا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات