أعجبت بفتاة ورأيتها في المنام مرات.. كيف أتخلص من هذا الإعجاب؟

0 690

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود نصيحتكم أكرمكم الله.

أنا شاب أدرس في الجامعة -ولله الحمد- متفوق وطموح في مجال دراستي -ولله الحمد- أيضا ملتزم بالصلوات، وما كتب الله لي من السنن والعبادات.

أكرمني الله بأخلاق كريمة؛ حيث أستطيع التعامل مع فئات كثيرة وبشهادتهم هم أنني شخص اجتماعي لا أتحرج في الدين.

مشكلتي أنني أصبحت موضع مراقبة من الناس، وخاصة في الجامعة، وكأن الناس ترصد تصرفاتي حين أقوم بشيء ما، ولا أخفي عليكم أن هذا يشعرني ببعض الفخر حيث أكون موضع اهتمام الناس، ولكنني صرت أخشى الرياء وعاقبته، ولا أعرف ما هذا الشعور الذي يساورني، وكيف أتخلص منه.

شيء آخر: هو أنني لا أصافح زميلاتي والتزم تجاههن، فأتعامل معهن بما يرضي الله، ولكن واحدة منهن تعلق قلبي بها بصورة غريبة، فصرت اصطنع المواقف كي لا ألاقيها وأنسى هذا الشعور، ولكن حدث مرة أن أحد رفاقي قام بمقلب معي يجمعني فيه بفتاة ما، ولسوء حظي كانت هي نفسها ما أدى لإحراجي الشديد ما جعل أصدقائي يكتشفون شعوري نحوها ويجعلونني مادة لسخريتهم

بعض أصدقائي يوجهونني لأقيم علاقة معها على أساس أن أتعرف عليها، ثم أتمم الأمر مع أهلها، وغير ذلك -والحمد لله- ليس لدي شك أن العلاقات غير الشرعية لا ترضي الله ولا خير يأتي من ورائها.

ولكن مشكلتي تعلقي بها مع كل هذا، وهي لن أقول أن لديها من التعامل والأخلاق ما أرغب فيه كزوجة، ولكنها أهون بكثير من بعض الفتيات -هدانا الله وهداهن-، فكيف أتخلص من هذا الإعجاب الشديد والتفكير بها بالإضافة إلى أنني رأيتها في المنام عدة مرات.

آسف على الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الإله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونشكر لك هذا الشعور النبيل الذي يدل على الحرص وعلى الخير فيك، فلولا أنك حريص على الخير، ولولا المشاعر النبيلة في نفسك ما سألت مثل هذا السؤال، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل، وأن يستخدمنا جميعا في طاعته.

ونذكر أنفسنا – ونذكرك أيضا – بأن الناس لا يعرفون منا إلا ظاهرنا، لكن سرائرنا بيد الله تبارك وتعالى، فإذا مدحك الناس فاحمد رب الناس، وإذا أثنى عليك الناس فاحمد الله الذي ستر عليك العيوب، فلولا ستر الله علينا لافتضحنا، ولو كان للذنوب ريح ما استطاع أحد أن يجالسنا، ولكن ثناء الناس على الإنسان هو رحمة من الله، هو توفيق من الله تعالى، والعاقل لا يقف عند هذا الثناء، لكن يراجع نفسه ثم يحمد الله، ثم يستمر على الخير، ثم يراجع إخلاصه ونيته قبل العمل، يتأكد أن المنطلق لله، ويراجع نيته أثناء العمل، يتأكد أن النية طيبة ومستمرة، ويراجع نيته بعد العمل ليتأكد أن ثناء الناس لم يؤثر عليه، ولم يفسد عليه نيته ورغبته فيما عند الله تبارك وتعالى.

وهنيئا لك بالتوفيق من الله تبارك وتعالى، ونشكر لك أيضا هذا التواصل مع زملائك، فإن الدين دعوة إلى التواصل ودعوة إلى التراحم، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.

ونتمنى أن يستمر برنامج البعد عن الفتيات، واجتهد أن يكون الأصدقاء دائما من الرجال، وتجنب الخلوة بأي فتاة، واعلم أنه ليس من مصلحتك تعميق أي مشاعر مع أي فتاة، وهذه المشاعر لا تتعمق إلا إذا كانت فترة الوجود مع بعضكم طويلة، وإلا إذا كانت هناك خلوة، والشريعة لا ترضى بالخلوة بين الرجل والمرأة، ولذلك ينبغي أن تنتبه من مثل هذه المزالق، وأنت -ولله الحمد- منتبه لها، فلا تطاوع الأصدقاء إذا حاولوا أن يحتالوا عليك بمثل هذه الحيل.

وأيضا حاول أن تبتعد عن الفتيات، وإذا وجدت من تميل إليك فبين لها أن المجيء للبيوت لابد أن يكون من أبوابها، واشغل نفسك بالعمل الأكاديمي وبالنجاحات وبالطموح العالي الذي عندك، فإن هذه المشاعر خارج الأطر الشرعية هي محرمة كما ذكرت، والأخطر من ذلك أنها سبب في تعاسة الإنسان في مستقبل حياته الأسرية، والأخطر من ذلك أنها سبب في الفشل وتدني المستوى الدراسي لمن يجعل هذه الأمور من همومه، فهو سيقف الساعات الطويلة من أجل أن يصلح هندامه ليلفت نظر الفتيات، وكذلك الفتاة تجتهد حتى تلفت نظر الشباب، ونحن ابتلينا وهذه مصائبنا في عالمنا الإسلامي بوجود البنات مع الأولاد في مكان التعليم، والإسلام باعد بين أنفاس النساء والرجال حتى في مواطن العبادة، حتى في المسجد، فجعل خير صفوف الرجال أولها، وخير صفوف النساء آخرها، لبعدها عن الرجال، وكذلك شر صفوف الرجال آخرها، وشر صفوف النساء أولها لقربها من الرجال.

فاجتهد في البعد عن الفتيات، ولا تقف طويلا عند هذه الفتاة ولا عند غيرها، وإذا كانت الأسرة عندها إمكانيات وبإمكانك أن تتزوج والأسرة ستتفهم هذا الوضع، فعليك أيضا أن توقف العلاقة ثم تأتي بأخت من أخواتك أو شقيقة لتتعرف على الفتاة، ثم بعد ذلك تتواصل مع أهلها فتطرق باب أهلها، بعد أن تجد الموافقة من أسرتك والتوافق على هذه الفتاة، فإن هذا الذي يحدث ما هو إلا إعجاب، لكن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي، والحب الحقيقي يزداد بالطاعة لله، ويزداد مع معرفة الصفات، ويزداد مع التعاون على البر والتقوى رسوخا، ولكن هذه الأشياء لا يمكن أن تحصل إلا بعد الرباط الشرعي على الأقل بعد الخطبة، حيث يسأل الشاب عن الفتاة وعن أهلها وأسرتها، ومن حقها أيضا أن تقوم بالسؤال عنه وعن أسرته حتى تتعرف عليه، فإن اللقاء ليس بين شاب وفتاة، ولكن هو لقاء بين أسرتين، بين عائلتين.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ما فيه الخير، وحتى يحصل ذلك نوصيك أن تظل على ما كنت عليه من البعد عن الفتيات، وتجنب مقابلة الفتيات، اتخاذ أصدقاء من الصالحين، وإذا كنت مع الفتيات أيضا لا تخلو بفتاة؛ لأن الخلوة محرمة، وكذلك النظر محرم، لك الأولى وعليك الثانية، ونظر الفجأة ينبغي على الإنسان أن يصرف بصره، وما من إنسان غض بصره لله إلا وجد حلاوة في قلبه، يجدها في نفسه، إلا وجد سعادة وطعما وحلاوة لبعده عن المعصية وعن المخالفة، وما من إنسان يشغل نفسه بالغاديات والرائحات إلا ويخسر خشوعه ويخسر تدبره للقرآن، ويخسر سعادته ويخسر مستواه الدراسي، في أتعاب تتابع.

وهذا القلب – لأنه غال – ينبغي أن نعمره بحب الله وفي الرغبة فيما عنده سبحانه وتعالى، ولا مانع من أن يخطط الإنسان عندما يتهيأ لأمر الزواج، ولن تكون المناسبة هي الفتاة التي تقدم التنازلات وتضاحك الشباب، ولكن الإنسان ينبغي أن يبحث عن صاحبة الدين، كما أن أولياء الفتاة ينبغي أن يبحثوا عن صاحب الدين، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يعينك على النجاح والفلاح.

نكرر شكرنا لك على هذا التواصل، ونسأل الله لك دوام التوفيق والسداد والنجاح، وشكرا لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات