السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر القائمين على هذا العمل المبارك، أسأل الله أن يجعله في موازين أعمالكم.
سؤالي هو: أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما، أعاني منذ تقريبا 7 سنوات من مشكلة أرهقتني كثيرا، وهي نتف شعر رأسي، حاولت مرارا وتكرارا أن أترك هذه العادة السيئة، ولكني لم أستطع أن أتركها، يوما أو يومين ثم أعود لها، وفي أغلب الأحيان يكون عندي الهوس! وبالأخص عندما أكون وحدي أو متوترة أو متمللة.
فقدت الكثير من شعري، أصبحت محبطة نفسيا، لا أرغب في الخروج إلى الناس، فذلك يسبب لي كثيرا من الإحراج.
قرأت كثيرا في هذا الموضوع واتضح لي أنه لابد من زيارة طبيب نفسي، ولكن تكمن المشكلة في مجتمعنا أنهم يرفضون الدخول إلى تلك العيادات.
قرأت عن علاج يصرف اسمه ( بروزاك أو فافرين) لمثل هذه الحالات، هل من الممكن أن أستخدم أحدهما؟ وأيهما الأفضل من بينهما؟ وهل لهما مضاعفات أو ما شابه ذلك؟
أنا في هم لا يعلمه إلا الله، ومشكلتي تجعلني أبكي كثيرا، فأطلب منكم إفادتي ونصحي، والحل لهذه المشكلة. وجزاكم الله خير الجزاء.
علما أنني متزوجة، ولدي طفل عمره سنتان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكرك على عرض مشكلتك على إسلام ويب، وعلى ثقتك في هذا الموقع، ونحن نقدر تماما شعورك بعدم الارتياح في موضوع الذهاب إلى الطبيب النفسي، لكننا نؤكد لك أن الطب النفسي هو من العلوم المتقدمة جدا والراقية جدا، والتي يمكن من خلالها أن يستفيد المريض الكثير.
عموما: هنا أيضا يمكننا أن نوجه ما يفيدك - إن شاء الله تعالى – فأرجو أن تتبعي الخطوات العلاجية التي سوف نذكرها لك.
نتف الشعر من حيث التشخيص يعتبر أحد الوساوس القهرية العصابية، فهو عمل اندفاعي، ولا شك في ذلك، والإنسان يجد راحة وقتية في تنفيذه، لكن بصفة عامة يسبب القلق والتوتر الشديد.
من المهم جدا أن تدركي إدراكا تاما ومطلقا أن هذه العادة بالفعل هي عادة سيئة، وتفكري بها على هذا النمط واعتبريها شيئا سخيفا جدا في حياتك، وبإرادتك أن تغيري هذا السلوك، وأن تتوقفي بصفة تامة عن هذه العادة.
إذن من خلال تغيير الإرادة والتفهم الكامل لطبيعة الفعل الوسواسي ومساوئه، هنا يبدأ لديك ما نسميه بالتغيير المعرفي حول نتف الشعر، وهذا يشجعك بالطبع عن التوقف عن هذه العادة، هذا أولا.
ثانيا: إذا كانت هناك أي روابط أو مثيرات لنتف الشعر أرجو أن تتجنبيها، فبعض الناس يشتكي من أن النتف للشعر يكثر عنده مع التوتر، وهنا نقول: يجب أن يتم التخلص من التوتر، وذلك من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء، ومن خلال التأمل والتفكير الإيجابي، ومن خلال تغيير المكان، وتغيير الوضع، إذا كان الإنسان واقفا يجلس، وإذا كان جالسا يقف ويتحرك، وهكذا، هذه إذن كلها تمارين جيدة، وتصرف الانتباه عن الفعل الوسواسي.
ثالثا: هنالك تمارين مهمة جدا وممتازة جدا إذا طبقت بدقة واهتمام، هذا التمرين يتمثل في أن تجلسي على الكرسي – أو السرير – وأنت في وضع مريح، وتتصوري أنك الآن تريدين نتف شعرك، وبالفعل قومي بوضع يدك وتحسسي شعرك بين أصبعين، كأنك تريدين أن تنتفي، لكن انزعي يدك دون أن تنتفي الشعر.
كرري هذا التمرين حتى تحسي بإجهاد شديد، وهذا يتطلب أن تكرري هذا التمرين مرة أخرى، أي أن تأخذي قسطا بسيطا من الراحة ثم تقومي بنفس الفعل عدة مرات، قد يصل إلى مائة أو مائتي مرة حتى تحسين بالإجهاد من هذه الممارسة، وتكرري نفس الفعل للمرة الثالثة.
هذا تمرين مهم، تمرين ممتاز، وجد أنه ذو فائدة كبيرة جدا في علاج مثل هذه العادات الوسواسية المكتسبة.
التمرين يجب أن يكرر مرة في الصباح ومرة في المساء على الأقل لمدة أسبوعين، هذا يفيد ويفيد كثيرا.
أنا أشرت مسبقا لأهمية تمارين الاسترخاء، وأود أن أشير لك أن إسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) فيها بعض التوجيهات التي نعتبرها مفيدة جدا إذا اتبعت، وذلك من أجل تخفيف وطأة القلق والتوتر، فأرجو أن تتبعيها بدقة.
الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، وبالفعل عقار بروزاك وعقار فافرين – على وجه الخصوص – وجد أنهما مفيدان جدا لعلاج هذا النوع من الوساوس القهرية العصابية.
أنا أفضل عقار فافرين، يمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجراما، تناوليها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها مائة مليجرام ليلا، واستمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها مائتي مليجرام يوميا، يمكنك أن تتناوليها ليلا كجرعة واحدة، أو يمكنك أن تجعليها مائة مليجرام نهارا ومائة مليجرام ليلا.
هذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة، وهي جرعة وسطية، وليست الجرعة القصوى، والتي تبلغ ثلاثمائة مليجرام في اليوم، وأنت لست في حاجة لهذه الجرعة، استمري على جرعة مائتي مليجرام يوميا بنفس الكيفية التي ذكرناها لك، ومدة العلاج هي ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفضي الجرعة واجعليها مائة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول العلاج.
لا شك أنه دواء سليم وفاعل، وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤدي إلى أي نوع من التأثير السلبي على الهرمونات النسائية، وفعالية العلاج ونجاحه أحد شروطه الرئيسية هو الالتزام بجرعة الدواء ومدة العلاج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.