السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مسلم عمري 20 عاما، اعترف أني كنت أقرأ كلام الملحدين، وشبهات النصارى، وخلافه من باب حب الاستطلاع، ولكن هذه المسائل تعلق معي في دماغي، وأفتقد السيطرة على فكري، وتداهمني هذه الأفكار الخبيثة، ويعلم الله ما في قلبي من ضيق، وغم وهم من هذا الأمر، مع أني موقن أن الله موجود، وأنه الخالق الواجد، وأن الإسلام حق، وأعلم ذلك ولكن هناك شيء في نفسي يطعن في ذلك، وأحس بضيق في حلقي، قرأت عن دواء انفرانيل، وبالفعل اشتريته أمس أخذت حبة، وتحسنت بفضل الله، ولكن اليوم أحس أنها بدأت ترجع هذه الأفكار والضيق في الحلق.
أعترف بتقصيري تجاه فروض الله أعترف بالفارغ القاتل الذي أعيشه، أرجو منكم، ومن الله من قبلكم أن تنقذوني من هذا الوحل الذي سقطت فيه.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك - ابننا الفاضل - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن ييسر لك الهدى، وأن يطهر قلبك وقلوبنا من الشقاق والنفاق وسيئ الأخلاق، وأن يجنبنا الزلل، وأن يهيأ لنا من أمرنا رشدا، هو ولي ذلك والقادر عليه.
بداية ننصح أبنائنا الكرم – وننصحك أيضا – بألا يقرأ الإنسان عن الملحدين، وأقوال هؤلاء الجهلاء السفهاء إلا بعد أن تتمكن في نفسه العقيدة الصحيحة، فإن مثل هذه الأفكار الباطلة قد تصادف قلبا خاليا فتتمكن فيه، لذلك ينبغي للإنسان أن يتعرف على الإسلام أولا، ثم بعد ذلك يتمكن من معرفة هذه العقيدة الصحيحة، ثم يبدأ في قراءة أفكار الآخرين إذا أراد أن يقرأ، وعندها سيؤثر ولن يتأثر، وهذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم، أن يؤثر في الآخرين، ولا يتأثر بالباطل الذي عند الآخرين.
والتناقضات في كلام الملحدين، وفي كلام هؤلاء الجهلاء السفهاء لا تخفى، بل إن معظم هؤلاء لا يقتنعون بالكلام الذي يقولونه، ولكنهم يريدون تلك الأفكار لأنها تبرر لهم ما يفعلونه من فسق وفجور وعصيان، فهم لا يريدون أن يتقيدوا، لا يريدون أن يتمسكوا بهذه الأحكام التي يرون أنها تحول بينهم وبين شهواتهم وأمراضهم والسوء الذي عندهم – عياذا بالله تبارك وتعالى - وإلا فكثير من هؤلاء الملحدين لا يقتنع بالأفكار التي يرددها عبارة عن مراهقة فكرية متأخرة، لا يسقط فيها إلا ضعاف النفوس، الذين ما عرفوا الحق، ولا درسوا الحق، ولا تهيأت نفوسهم لقبول الحق، ولذلك وجد ذلك الباطل بزيفه وبخديعته مكانا في نفوسهم فتمكن منها.
الأمر الثاني: نحن حقيقة سعداء بهذا الضيق الذي في نفسك، وهو يدل على أنك على خير، فإن الشيطان وأعوانه مهما بلغوا من نفس المؤمن لا يستطيعون أن يؤثروا عليه؛ لأن الدين الحق يحميه؛ ولأن العقيدة الصحيحة تمنع دخول تلك الأفكار واستقرارها في نفسه، وهذا الضيق دليل على أن كلامهم باطل، والإثم ما حاك في النفس أو تلجلج في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس وإن أفتاك الناس وأفتوك.
فهذا أيضا مبشر بخير، ودليل على أنك على خير، فلا تصادم هذه الفطرة السليمة التي وهبك الله تبارك وتعالى إياها.
الأمر الثالث: أرجو أن يكون لك اجتهاد وحرص على أداء الواجبات وأداء الفرائض الشرعية التي فرضها الله تبارك وتعالى، فإن هذا أيضا دليل على صدق إيمان الإنسان، وهذه العبادات هي برهان على صدق إيمان الإنسان وصدق عقيدته، بل إن الإنسان إذا أدى العبادات وذكر رب الأرض والسموات استنارت نفسه بنور الهدى، ووجد الطمأنينة، وراحة البال والهدوء والصدق، وهذه المعاني الجميلة التي لن توجد إلا في رحاب هذه العقيدة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
رابعا: إذا عرض لك أمر، وعرضت عليك شبهة ولم يتضح لك الأمر فإن الإنسان ينبغي أن يرجع هذا لأهل العلم ممن تخصصوا في الرد على هذه الأباطيل الذي عند القوم.
وأرجو أن يعلم الجهلاء أن الملحدين الأصليين، بل الشيوعية في بلادها انهزمت، وتنصل منها أهلها، وفشلت نظريتها في الدين أو في الدنيا، وأيقن الناس أن ذلك باطل، أصبحت موضة قديمة – كما يقال – لا يجري وراءها إلا الجهلاء، إلا السفهاء، إلا ضعاف العقول، الذين يقلدون هؤلاء الناس، ظنا منهم أن عندهم من الفهم أو عندهم شيئا من العلم، ولكن إذا ترك أهل الباطل باطلهم، فكيف يتمسك السفهاء من العرب ومن الملحدين العرب بما كان عليه أهل الإلحاد والفسق والفجور.
إن هؤلاء الجهلاء الذين يظن الواحد منهم أن رسمة في ورقة، أو أقل الصناعات لا يمكن أن تصنع إلا بصانع، كيف يسوغون لأنفسهم أن يكون الكون بلا صانع، وإذا قالوا الصدفة هي التي صنعت فكيف تصنع الصدفة، وهي عشوائية؟.
سميعا، بصيرا، حكيما، عاقلا، يدير هذا الكون ويخطط له كهذا الإنسان، وكيف تصنع الطبيعة هذا الكون المنسجم؟ {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} ولذلك هذا الكون بانتظامه، بإبداعه بنظامه، بتناسقه، دليل على الخالق القدير الواحد سبحانه وتعالى.
فما أحوجنا إلى أن نقف مع أنفسنا أمام هذه المعاني، حتى يتضح لنا الحق، حتى نثبت على هذا الدين العظيم الذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتنا عليه، وأن يلهمنا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.