السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعاني من قلق داخلي، وأخاف كثيرا من الاختلاط مع الناس، والتحدث معهم، وخصوصا بالمناسبات والاجتماعات والأماكن التي تعج بالناس، أرتبك كثيرا لدرجة أن جسمي يرتجف عند خروجي من المنزل إلى مناسبة ما - دائما أتجنب مقابلة الأشخاص الغرباء، ولا أذهب إلى مناسبات كحفل زواج، أو غير ذلك - يوم كنت ذاهبا إلى حفل زواج صديقي، ومن شدة الخجل لم أستطع السيطرة على نفسي بدأ جسمي يرتجف كثيرا، وبدأت أعرق لم أستطع الدخول إلى الحفل فرجعت إلى البيت.
سؤالي هو : هل الأدوية النفسية ستغير حياتي مثل الفافرين والسيرو كسات؟ وهل يمكن أخذها دون اللجوء الى الطبيب؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمن خلال الوصف الذي أوردته في رسالتك الذي يظهر لي أنك تعاني من درجة بسيطة مما نسميه بالخوف أو الرهاب الاجتماعي، وهو بالفعل يمنع الإنسان من التفاعلات الاجتماعية الإيجابية، ومن ثم يلجأ الإنسان إلى التجنب والابتعاد عما يسبب له الخوف والقلق والتوتر.
لابد أن تستدرك أن الإنسان بطبعه كيان اجتماعي، والتفاعلات الاجتماعية مطلوبة جدا في حياة الناس، والناس حقيقة سواسية، فلذا ليس هناك ما يدعو أحد أن يخاف من أحد آخر، الخوف من الله تعالى فقط، وأنا أعرف أنك لست جبانا، وأنك لست ضعيفا في شخصيتك، لكن ربما تكونت لديك مفاهيم خاطئة منذ الصغر جعلت هذا الخوف ينبني عندك، فأرجو أن تصحح هذه المفاهيم، وأرجو أن تبدأ بالتواصل الاجتماعي على نمط نسميه بالتحسين التدريجي، وهذا يعني أنك تعرض نفسك لأنشطة اجتماعية مختلفة، ابدأها صغيرة إلى أن تنتهي بالكبيرة، مثلا حاول دائما أن تصلي مع الجماعة في المسجد، حتى ولو في الصف الأخير، أليس هذا نشاط اجتماعي؟ نشاط اجتماعي عظيم جدا متى ما كررته بالصورة المطلوبة سوف تجد أنك أصبحت أكثر قبولا لنفسك وللآخرين.
حاول أن تزور أرحامك، حاول أن تزور جيرانك وأصدقائك، انضم لمجموعة من الشباب لممارسة أي نوع من الرياضة مثل كرة القدم، وحتى إن لم يكن مثل هذا النشاط متوفرا اطرح على أصدقائك هذه الفكرة، وسوف تجد القبول، وصدقني أنها مفيدة ومفيدة جدا، وقد جرب الكثير ذلك ووجدوه نافعا وناجحا.
دراسات لم تنشر حقيقة أو لم توثق أشارت أن بر الوالدين فيه خير كثير جدا للإنسان فيما يخص تطوير المهارات الاجتماعية، فالذي ينفتح على والديه بالبشر والمحبة والطاعة والتقرب دائما ينشرح صدره، ويحس بطمأنينة وأمان، هذا مجرب - أيها الفاضل الكريم – فأرجو أن تكون ساعيا دائما في ذلك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أقول لك أن الأدوية مفيدة، والأدوية جيدة، والأدوية سليمة جدا، بالطبع إذا ذهبت وقابلت الطبيب النفسي هذا هو الأفضل، وإن لم تستطع فالآن نحن بين أيدينا أدوية سليمة جدا ليس لها خطورة، وفي معظم الدول لا تحتاج لوصفة طبية، يمكنك أن تتحصل على الزيروكسات - أو على الزولفت مثلا – هي الأدوية الأفضل في علاج الخوف الاجتماعي.
جرعة الزيروكسات في حالتك هي جرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بعشرة مليجرام – أي نصف حبة يوميا – تناولها بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك أنقص الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
إذن هذا هو الذي أنصحك به، وأعتقد أن ذلك سوف يفيدك كثيرا إذا تطبقت التعليمات.
نقطة أخيرة: أرجو أن تبحث عن عمل، وأنا أقدر عملية الشح والصعوبة في وجود الوظائف في بعض الأحيان، لكن العمل قيمة عظيمة، العمل يساعد الرجل على بناء شخصيته وتطوير مهاراته، وهو وسيلة تأهيلية عظيمة للإنسان من الناحية الاقتصادية وإزالة الخوف والتوتر.
وإن أتيحت لك فرصة أيضا أن تنضم إلى عمل خير أو جمعية خيرية أو ثقافية أو اجتماعية هذا أيضا يطور مهاراتك على المستوى الشخصي، ويجعلك أكثر ثقة في نفسك، مما يساعد على زوال الرهاب الاجتماعي البسيطة التي تعاني منها.
تمارين الاسترخاء أيضا دائما نحن ننصح بها، والأصل في ذلك أن الرهاب الاجتماعي هو نوع من القلق النفسي، والقلق مضاده الأساسي هو الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أن تطلع عليها، وتحاول أن تطبق الإرشادات والتعليمات السلوكية الموجودة بها، وإذا داومت عليها سوف تجد فيها خيرا كثيرا.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 )
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.