تعامل أبي واتهاماته أثرت على حالتي النفسية وحالته، ما نصيحتكم؟

0 522

السؤال

السلام عليكم

أعاني من مشاكل كثيرة في حياتي أولها مع أسرتي حيث بيني وبين أبي شحناء دائما ولا أشعر بالحب تجاهه هو ولا أمي بسبب سوء التربية من أبي وإهمال أمي الشديد في حياتنا أبي يعاني من عدم النضوج العقلي دائما أشعر وكأنه ولد لم يبلغ، وذلك بسبب قراراته، علما أنه شكاك إلى أبعد الحدود، وله خيالات غريبة، وإذا أراد من أي أحد من أسرتنا شيئا ماديا كالمال مثلا: اتهمه بأشياء غريبة كعادته يتهم أمي بالخيانة ويتهمني بالشذوذ، وأخي بعلاقات نسائية غير سوية، ويسب أختي بأسوأ الألفاظ وإذا غضب منا نادانا بأولاد الحرام، وإذا حدثت مشكلة في البيت يقول أمكم هي السبب، وأمي تقول أبوكم هو السبب، فإذا غضبنا ينادينا يا أولاد الحرام وغير ذلك.

يبلغ أبي من العمر 67 عاما، وكان يعمل مديرا في إحدى المصالح الحكومية، ومنذ حوالي 17 عاما، أو أكثر لا يذهب للعمل حتى قبل أن يسوي معاشه كان متفرغا تماما وعلاقاته مع إخوته سيئة وأقاربه وجيرانه، وليس له أصدقاء، ويحب الكلام بطريقة مملة، ومعاملته المادية صعبة، أذكر أنه كان يعطيني مصروفي إثناء ذهابي للجامعة 50 قرشا، في أولى جامعة، وفي غير ذلك من السنوات كان قد رفعها إلى 3 جنيه ثم إلى 5 جنية.

المهم أنه غير هادئ دائما، وحتى بصره أصبح ضعيفا إلى أبعد الحدود بسبب إهماله في نفسه، وهذا ما سبب لي مشاكل نفسية، وسبب لي مشاكل في شخصيتي، وذهبت لطبيب نفسي فكتب لي بروثايدين 25 ونوديبرين 50.

وايميبرايد، ولم أستطيع المتابعة، ولا المداومة على العلاج بسبب سوء أحوالي المادية، وشعوري برعشة في أطراف يدي، وأيضا انتهيت من دراستي، ولم أستطيع تحصيل أي شيء، ولا أستطيع التركيز في درس إطلاقا، ولا أعرف مجالا اتجه إليه لأتعلمه بسبب صعوبة التركيز، وسرعة النسيان غير أني أتذكر ذكريات طفولتي.

بصورة ممتازة، أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن أعراضك التي ذكرتها نسميها بعدم القدرة على التواؤم، فأنت غير متكيف مع الظروف الأسرية، ومن ثم حدث لك شيء من القلق، وربما الاكتئاب البسيط، وكذلك التفكير السلبي.

بالطبع أنا أقبل كل التفاصيل التي أوردتها في رسالتك، وأنت أطلعتنا بحقيقة ما يجري في أسرتكم الكريمة، ونحن -إن شاء الله تعالى- مؤتمنين على الأسرار، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى -أيها الفاضل الكريم- أريد أن أنبهك لأمر هام، ربما تكون أنت مدرك له، وهو كيفية المعاملة الوالدية، الوالد هو الوالد، والوالدة هي الوالدة، وديننا الحنيف علمنا ضرورة أن نبر والدينا، هذا لا مناص منه، لا جدال حوله، لا نقاش فيه أبدا، وحقيقة ديننا العظيم يرتكز على مرتكزات ثابتة، وهي -ومن أهمها، وهذا يغفله الكثير من الناس- أن آبائنا وأمهاتنا يحبوننا حبا غريزيا وجبليا، لا يوجد أب -أو أم- يكره أبنائه، هذا غير موجود، وهذا ضد سنن الحياة وضد طبيعة البشر.

لكن بعض الآباء وكذلك الأمهات ربما تكون أساليبهم التربوية غير موفقة، إطلاق بعض الكلمات السلبية، مثل ما يحدث من والدك الكريم، وإن لم يقصدها في بعض الأحيان، هذا لابد أن نركز عليه تماما، وكثيرا ما تكتسب الناس ألفاظ وكلمات وعادات من مجتمعاتها، يتم تناول وتداول هذه الألفاظ دون حكمة ودون روية، وهذا بالفعل قد يؤثر في الإنسان تأثيرا سلبيا خاصة جيل الأبناء والبنات.

فيا -أيها الفاضل الكريم-: أرجو ألا تضمر سوء لوالديك، وأرجو أن تجد لوالدك العذر، وكذلك لوالدتك، وأرجو أن تقوم بواجبك حيالهم قياما تاما، هذا من ناحية ثانية.

من ناحية ثالثة: أنت ذكرت أن والدك لديه هذه المتغيرات، وهي من وجهة نظري متغيرات شديدة، بما أنه لم يسوي حتى معاشه ربما يكون -عافاه الله- قد أصيب بمرض، ربما يكون لديه اكتئاب نفسي، ربما يكون لديه نوع من الأمراض الظنانية -وهي كثيرة جدا- فلماذا لا يعرض عليه من خلال شخص آخر، أحد إخوانه أو الجيران أو أي واحد منكم لديه تأثير مباشر عليه، يمكن أن يتكلم معه، ودون علم الآخرين، أو لا نشعره أن أحدا قد اطلع على هذا الأمر في البيت، بمودة ومحبة وشيء من الروية والذكاء يعرض عليه الذهاب إلى الطبيب، يقال له: (نحن نرى أنك مجهد، لأنك لا تنام جيدا، هنالك بعض العصبية، لماذا لا تذهب للطبيب من أجل الفحص، التأكد من نسبة الدم، مستوى الغدد لديك) وهكذا، ومن ثم يستطيع الطبيب أن يقيمه من الناحية النفسية والعصبية والعصابية وحتى الذهنية.

فيا -أيها الفاضل الكريم-: هذه خطوة يمكن أن تقوم بها أنت وبذكاء، وهنا تكون -إن شاء الله تعالى- نفعت نفسك وأسرتك ووالديك.

فأرجو أن تركز على هذا الجانب، مع الجانب الآخر الذي أوردته لك، وهو جانب القناعة المطلقة ببر الوالدين، مهما كان الوالد، حتى السكير وحتى العربيد وحتى الذي يقوم بفعل أشياء غير مقبولة، نحن ندعو الأبناء لطاعتهم، للتقرب منهم، وهذا يصلح الآباء، وإن شاء الله تعالى لك أجر وثواب عظيم.

ويا -أيها الفاضل الكريم-: أنا لا أحب حقيقة اجترار الذكريات السلبية، كثير من الذين يأتون إلينا من إخوة وأخوات وأصدقاء يتحدثون عن الماضي وأحزانه، الإنسان يجب ألا يكون أسيرا لماضيه وأحزان الماضي، الماضي قد يتآمر مع المستقبل -هذه نقطة مهمة- وأقصد بذلك أن السلبية والنظر للماضي بأحزان شديدة يجعلك تتشاءم حول المستقبل، وهذا يفقدك جميل الحياة الحاضرة.

إذن الماضي خبرة، الماضي عبرة، الماضي انتهى، نحن لا نبد أن نعيش حياتنا بقوة، ونعيش مستقبلنا بأمل ورجاء، وأنت -الحمد لله- في ريعان شبابك، ولديك الطاقات النفسية والجسدية يمكن أن تستفيد منها، وهذه وسيلة ممتازة للخروج من حالة القلق الاكتئابي التي أتتك نسبة لعدم قدرتك على التواؤم، اجعل لنفسك شخصية محترمة، شارك الناس في مناسباتهم، كن حريصا على الصلاة، التطوير من خلال العمل المهني، صلة الرحم، هناك أشياء عظيمة جدا يمكن للإنسان أن يقوم بها في الحياة، وتفيده وتسعده وتسعد من حوله، فكن حريصا على ذلك.

بالنسبة لمضادات الاكتئاب كلها متقاربة، عقار (بروثايدين) أنا أعتقد أنه جيد وممتاز جدا، فقط أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة خمسة وسبعين مليجرام ليلا، ولا تتناول أي دواء آخر -البروثايدين دواء ممتاز، وممتاز جدا- تناول خمسة وسبعين مليجراما لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجراما لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات