السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الوسواس منذ زمن تقريبا، بدأ يزيد علي من 8 شهور، والآن من 3شهور تقريبا بدأ يزيد ويزيد، وأعيد الوضوء والصلاة والبسملة عند الوضوء والتكبير.
كنت أقرأ سورة البقرة للرقية وأرقي نفسي، ولكن لم يخف إلا قليل، وتأتيني أفكار على الله لا تقال وأعيد الأذكار، وأنا في دورة المياه وأنا أتوضأ وأنا أصلي تأتيني أفكار على الله لا تقال أشعر بالكفر دائما، معي قلق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لا أدري من أين أبدأ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن الوساوس القهرية مؤلمة جدا لصاحبها خاصة الأفكار حول الدين، وحول الذات الإلهية، فهي تكون متسلطة ومستحوذة، وتجعل الإنسان في وضع نفسي غير جيد.
الوساوس تنشأ من بيئة الناس ومن تفكيرهم، ومن معتقداتهم ومن طريقة وأسلوب حياتهم، كما أن شخصية الإنسان وتجاربه في أثناء الطفولة ربما تلعب دورا في هذه الوساوس.
الوساوس محتواها يكون حول أمور حساسة كما ذكرنا مثل الدين، وهذا - إن شاء الله تعالى – دليل خير، الأمر لا علاقة له بالكفر أبدا، لأن الشيطان يتسلط على الإنسان وتأتي هذه الوساوس، لكنه - إن شاء الله تعالى – يخنس، وتذهب هذه الوساوس إذا كان الإنسان يقظا وحذرا، وحقر الوسواس ولم يلتفت إليه، ولم يتبعه واستبدله بفكر أو فعل مضاد.
من المهم جدا – أيتها الفاضلة الكريمة – ألا تحللي الوساوس، بمعنى آخر: لا تسترسلي في معانيها أو تحاولي أن تجدي لها إجابات قاطعة، لأن التحليل والإسراف فيه يولد وساوس جديدة، وهذه تزيد من ألم النفس وعدم الارتياح، فتجاهل الوسواس هو مبدأ علاجي ممتاز ورصين جدا.
بالنسبة لموضوع إعادة الوضوء والصلاة وصعوبات حول البسملة والتكبير: أولا بالنسبة للوضوء يجب أن يكون هنالك عزما وإصرارا على ألا يعاد الوضوء، ولتساعدي نفسك، لا تتوضئي من ماء الصنبور، ضعي الماء في إبريق أو في إناء، حددي كميته، وتذكري أن الإسراف مذموم، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – كان يتوضأ بكمية قليلة من الماء، وحين تنتهي من غسيل أي عضو من أعضاء الوضوء أكدي على نفسك الفعل، مثلا عند المضمضة قولي (انتهيت من المضمضة) ثم انتقلي للاستنشاق والاستنثار مثلا – وهكذا -
بالنسبة للصلاة أيضا هو الأمر نفسه، هو الإصرار والاعتماد على اليقين مهما ساورتك الشكوك، ولا مانع أن تصلي مع والدتك أو أخواتك، هذا أيضا فيه شيء من الطمأنينة للإنسان.
الوسواس فيها جانب طبي كبير جدا، وهو أن الدماغ به مواد تسمى بالموصلات العصبية، اتضح أن اضطراب هذه المواد يؤدي أيضا إلى هذه الوساوس، ولذا وجد أن الأدوية النفسية مفيدة جدا وتساعد الناس كثيرا في زوال هذه الوساوس.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: يفضل أن تذهبي إلى طبيب نفسي حتى يصف لك الدواء الذي يناسبك ويكون هنالك نوع من المتابعة والتوجيه والإرشاد، أما إذا لم تستطيعي ذلك فشاوري أهلك، وتوجد أدوية سليمة جدا لا تحتاج لوصفة طبية، من هذه الأدوية عقار يعرف تجاريا باسم (فلوزاك) واسمه العلمي هو (فلوكستين) هذا الدواء مجرب جدا لعلاج الوساوس، لكن من أجل أن يتحصل الإنسان على فائدته لابد أن يلتزم التزاما شديدا بجرعة الدواء، وكذلك مدة العلاج.
جرعة البروزاك هي كبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وهذه تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
وتوجد مجموعة أخرى من الأدوية، وحتى البروزاك (فلوزاك) يمكن إضافة أدوية أخرى إذا لم تكن فعاليته ممتازة، لذا أرى أن المتابعة الطبية مفيدة ومطلوبة في مثل هذه الحالات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.