تصنعت شخصية غيري فأصابني الاكتئاب والارتباك.. ساعدوني

0 356

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد: فأحب أن أصف لك حالتي يا دكتور محمد:

كنت أطلع على علم النفس وبالذات الأشكال الهندسية النفسية، فاكتشفت أن شخصيتي من الشكل الدائري؛ لأني وجدت صفات الشكل الدائري تنطبق علي، وهذا مما أضعف ثقتي بنفسي حتى كرهت نفسي وسلوكي مع الغير، ففكرت أن أتصنع صفات الشكل المثلث؛ لأنه قائد، وواثق من نفسه وغيره.

تصنعت تلك الصفات، وكانت المشكلة أني فقدت أصدقائي وميزات شخصيتي الجميلة بسبب غلطتي هذه، وأصابني اكتئاب ووسواس، وأنا الآن أرتبك عند أدنى موقف، وأكره الحديث مع الآخرين، ولا أرتاح في نفسي، فأنا غير مندمج مع الآخرين ودائما، وأنا متشتت ذهنيا، وبداخلي إحباط شديد، فأنا الآن لا أهتم بشخصيتي، ولا أهتم بالآخرين، ولذلك خسرت أصدقائي، ونظرتي شبه سوداوية للمجتمع وللمستقبل.

بدأت منذ ثلاث سنوات لا أرتاح لأحد، وأتكلف في صفاتي؛ لأني كرهت شخصيتي الحقيقية، فأنا على غير عفويتي.

من الأعراض التي أعاني منها: زيادة في أوقات النوم، فقدان الشهية للأكل، الخمول والكسل.

علما أني أفقد هذه الحالات عندما يحصل لي موقف محرج، أو ألقي كلمة أمام الناس، فأنا أحس بعدها أني قد استيقظت من غيبوبتي، وأصبحت طبيعيا، أرجو الإجابة العامة، فليس لدي بريد، وأعتذر لكم، وجزاك الله خيرا يا دكتور محمد.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ متعب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وأقول لك: الاطلاعات المكثفة والتفصيلية على علم النفس، ومحاولة تطبيق بعض مؤشراته واختباراته على الذات لا أقول أنه أمر خطير، أو ذو علاقة سيئة مائة بالمائة، لكن ليس كل ما يستنتجه الإنسان عن نفسه من خلال هذه الاختبارات قد يكون صحيحا، بل على العكس هناك الكثير من التأثيرات الإيحائية التي تؤثر على نتائج هذه الاختبارات في الأصل، فما يتمناه الإنسان أو ما لا يتمناه أو ما يكون مكتوما في العقل الباطني له انعكاسات كبيرة جدا على هذه الاختبارات.

نعم أنا أعرف أنها اختبارات يمكن أن يطبقها الإنسان بنفسه، لكن دائما الاسترشاد بالمرشد والمختص النفسي هو الأفضل.

عموما ليس هنالك ما يحبطك أبدا، وصرامتك مع نفسك، ومحاولتك أن تنقلها إلى شكل وضلع آخر كان له مردود فعلي سلبي عليك، لأنك قد أخذت الأمور بحرفية شديدة جدا، وحاولت أن تكون حازما مع نفسك.

أخي الكريم: الإنسان لا يمكن أن يصنع شخصيته بهذه الطريقة، الشخصية لها مكونات بيولوجية ووراثية، وهنالك مكونات بيئية، وهنالك مكونات يمكننا أن نغيرها من خلال المعرفة، وهكذا، فيا أخي الكريم: لا تثقل على نفسك، خذ الأمور بشيء لا أقول لك بعفوية، لكن اترك الأمور كما هي، خالق الناس بخلق حسن، حاول أن تستفيد من وقتك بصورة جيدة، طور من مقدراتك المعرفية، ضع لنفسك أهدافا في الحياة، وحاول أن تضع الآليات التي توصلك إليها، واقبل نفسك كما هي لا كما تتمنى، لأن هذا التمني قد يكون فيه أخطاء، وحتى بالنسبة للآخرين اقبلهم كما هم لا كما تريد، هذا لا يعني أننا نحجب أمامك فكرة التطور والتغيير، التطور والتغيير يأتي ما دام الإنسان مستفيد من وقته، وله أنشطة متعددة، ويعيش حياته بقوة ومستقبله بأمل ورجاء، هنا يتكيف الإنسان مع ذاته ومع الآخرين، وهذا يكفي تماما.

أعتقد أن الأمر يجب ألا يتعدى هذا النطاق وهذا الطيف من التفكير، وليس هنالك ما يدعوك للإحباط، أنت في بدايات سن الشباب، طاقاتك عظيمة يجب أن تستفيد منها، وعليك بالصحبة والزمالة الطيبة، ويجب أن تحب نفسك، ليس هنالك ما يجعلك تكرهها، وبالنسبة للتواصل الاجتماعي: أرجو أن تسير على نفس النمط، إذا أطبق عليك هذا الشعور بالكدر والسلبية فليس هنالك ما يمنع أن تتناول أحد محسنات المزاج الجيدة، وأعتقد أن عقار زيروكسات لفترة ثلاثة أشهر سيكون مناسبا جدا، والجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها يوميا لمدة عشرين يوما، ثم اجعلها حبة كاملة لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرا على تواصلك وثقتك في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات