السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة بعمر 25سنة -والحمد لله- أكملت دراسات عليا، ومن عائلة محترمة وتحبني، ولكني لا أشعر بأني موفقة في مسألة الزواج، فقد مررت بتجربتين فاشلتين في خطبتي.
في الخطبة الأولى تركته؛ لأني اكتشفت أنه لا يزال على علاقة مع خطيبته السابقة، وحاليا تزوجها.
في الخطبة الثانية كان من نفس عمري، في البداية كنا متفاهمين، وكان فرحا بالخطبة، ولكن فجأة تغير معي، وأصبح لا يطيقني، ولا يحب التحدث معي، ولا يحب القدوم لرؤيتي، وقال لي: بأننا لسنا متفاهمين، وأني لا أصلح له زوجة، وأني لا أعرف التعامل معه، لا أنكر أني خجولة، وأني ليس لدي خبرة بالتعامل مع الناس بسبب وجودي بالغربة بدون أقارب، أو أصحاب، وأني قد أخطأت بعض الشيء في التعامل معه، ولكنه في البداية كان يتقبلني، ولكن فجأة أصبح ينتقد كل حركة لذلك تركته.
أريد أن أعرف هل ما يحدث معي بسبب الحسد أو سحر؟ لأنه حتى عندما يأتي الخطاب يكونوا فرحين ويمدحوا في وبأخلاقي، وجمالي، ولكن لا يرجعوا ويتصلوا.
مرة صديق أخي طلب يدي، ولكنه لم يراني، بعث أهله، فأعجبوا في كثيرا، ولكنه كان مسافرا فطلب رؤية صورتي، أخي أرسل الصورة وعندما رأى الصورة غير رأيه، وقال بأنه لا يريد، بعد فترة أخبر أخي بأنه عندما رأى الصورة شعر بانقباض، وعدم راحة.
هل ما يحدث معي سحر أو حسد؟
أرجو المساعدة لأني محتارة، وتعبت كثيرا أدعو لي بالفرج.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يمن عليك بزوج طيب صالح مبارك، وأن يكون ذلك عاجلا غير آجل.
كما نسأله تبارك وتعالى أن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة منى – فإنه مما لا شك فيه أن كل شيء بيد الله تعالى، وأن الأمر لله تبارك وتعالى وحده، وكما ثبت في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) معنى هذا الحديث أنه لا يقع شيء في ملك الله إلا ما أراده الله، وأن كل شيء بتقدير الله تبارك وتعالى وحكمته وعلمه وإرادته، حتى قضية الزواج والأولاد والصحة والمال والجمال وكل شيء، كل شيء خاضع لإرادة الله تبارك وتعالى.
من هنا فإني أقول: ثقي وتأكدي أن هذه الحالات التي مرت لم يكن لك فيها من نصيب، لأنه لو كان فيها من نصيب لتحقق، ومعنى النصيب هنا: أي القدر الذي قدره الله لك، ولذلك أتمنى بارك الله فيك ألا تقفي طويلا أمام هذه التجارب التي مرت، وألا تحزني لعدم التوفيق، لأن الخير في عدم التوفيق، لاحتمال أن تكون هناك حياة، ولكن تبدأ المشاكل التي تمنى الإنسان فيها أنه ما تزوج أصلا، فثقي وتأكدي أن ما حدث كله خير، والله تبارك وتعالى لم يخلق الشر أصلا – أختي منى – وإنما الله تبارك وتعالى كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لبيك وسعيك، والخير كله بيدك، والشر ليس إليك) فثقي وتأكدي أن الذي حدث إنما هو خير، ويجب عليك أن تطمئني لذلك بنسبة مائة بالمائة، في الماضي وفي المستقبل، إذا تقدم لك شاب وقدر الله تعالى أنه لم يكن بينكما توافق وتركك أو تخلى عن الفكرة فلا تحزني، لماذا؟ قولي (لأنه ليس قدري، ولأنه لا يصلح لي، كما أني لا أصلح له، لاحتمال أننا لو توافقنا أن تكون حياتنا كئيبة أو تعيسة أو غير موفقة، وسيأتيني نصيبي بإذن الله الذي قدره الله لي).
هذا لا يمنع أن هناك بعض العوامل التي تؤثر في هذا الأمر، من هذه العوامل الكبرى (الدعاء) فإن الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى يغير (القضاء)، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) فأنت تحتاجين إلى جرعة قوية جدا من الدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يرزقك الله الزوج الصالح عاجلا غير آجل، خاصة وأنك تتمتعين بصفات رائعة.
الأمر الثاني بارك الله فيك: لا مانع من استعمال الرقية الشرعية، لاحتمال أن يكون هناك فعلا شيء قد حدث من الأمور التي أشرت إليها، لأن الشر موجود في الإنسان، والإنسان قد يكون شريرا بنفسه فيقوم بمزاولة الشر بنفسه، وقد يستعين بغيره من عالم الجن لإلحاق الضرر بالآخرين، ولذلك هناك ما يعرف بالعين والمس والحسد والسحر، هذه كلها عبارة عن أعمال شيطانية يشارك الجني الإنسي الظالم فيها، وهذه كلها في الواقع وموجودة، وقد تكون فعلا سببا في صرف الناس عنك، لأن بعض هذه الحالات قد يتلبس الجني بوجهك، فإذا ما رآك أحد ما استراح لك، أو قد يتلبس بلسانك فتتكلمين كلاما فيه نوع (من العنف أو الشدة أو القسوة أو عدم المرونة أو كلاما غير مناسب) في فترات الخطوبة مما يؤدي إلى انصراف الناس عنك.
هذا كله وراد وممكن وليس مستحيلا، ولكن علاجه بالرقية الشرعية، ولذلك أنت في حاجة إلى عرض نفسك على بعض الرقاة الشرعيين، شريطة وجود محرما معك، بأن تذهبي أنت وأخوك – أو غيره – إلى هؤلاء الرقاة – أو أن يأتوا إلى البيت – بشرط أن يكون هذا الراقي ثقة، وأن يكون صاحب عقيدة صحيحة، وأن يكون يتعامل فعلا بالتعامل السليم في الرقية، فلا يستعمل شعوذة، ولا دجلا، ولا يستعمل جنا، ولا غيره، وإنما يستعمل الطريقة التقليدية المعروفة، لأن الشفاء في آيات الله، وفي كلام النبي - عليه الصلاة والسلام – وليس في الراقي نفسه.
الراقي عبارة عن وسيلة، أما الأصل إنما هو كلام الله وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم – كما قال الله تبارك وتعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}.
إذن عليك بارك الله فيك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يكرمك الله تبارك وتعالى بالزوج الصالح، كذلك عليك بمراجعة بعض الرقاة، كذلك أيضا أتمنى – جزاك الله خيرا – أن تقرئي في فن العلاقات الزوجية، لاحتمال أن تكوني فعلا غير موفقة في طريقة الطرح، أو عرض الكلام، أو غيره، وقد يكون الكلام سببه لا جن ولا مس ولا غيره، وإنما أسلوبك قد يكون فيه نوع من عدم التوفيق، فأنت تحتاجين إلى اكتساب مهارات أيضا في كيفية التخاطب مع الآخرين خاصة مع الرجال.
ليس معنى ذلك أنك تقولين كلاما – لا قدر الله – فيه سوء أدب أو ميوعة، وإنما على الأقل يكون كلاما موافقا للحال، وهذه الكتب الآن موجودة ومتوفرة، وتستطيعين أن تقرئي أي كتاب في فن الحياة الزوجية في الإسلام، أو كيفية معاملة الزوجة لزوجها، أو صفات الزوجة المثالية أو الرائعة أو الناجحة، وهذه ستجدينها بسهولة ويسر - بإذن الله تعالى – تستطيعين أن تتعرفي على الوسائل التي ينبغي أن تكون عليها المرأة المسلمة، خاصة في فترة الخطوبة، لأن فترة الخطوبة ليس معناها زواج، وإنما هي مقدمات زواج، وهي ليست فيها كلام أيضا، وإنما فقط مجرد رؤية عادية في حضور الأهل والمحارم، وكذلك أيضا كلام، بمعنى أن تتكلمي أمامه ويتكلم أمامك، لاحتمال أن يكون هناك نوع من عدم التوافق في الكلام أو في العبارات.
هذه فقط الخطبة، أما موضوع الجلوس أكثر من مرة، والاتصال بالهاتف، وإرسال رسائل SMS هذا كله لا أساس له من الصحة، وكله لا يجوز شرعا، وإنما الخطبة مجرد رؤية فقط، ويمكن أن تتكرر أيضا إذا اقتضى الأمر ذلك، ولكن لا يكون ذلك وحدك، وإنما تكونين في حضور أهلك ومحارمك، لأن هذا رجل أجنبي عنك، وليس من حقه أن يختلي بك، أو يخرج معك، أو يمسك، أو يقترب منك، إنما فقط رؤيته لك ورؤيتك له، وفي الآخر الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وإذا تمت الرؤية وحصل الوفاق، والتوافق فينبغي أن يكون هناك عقد نكاح فقط دون دخول إلى وقت معلوم محدد غير طويل، فهذا هو الأحسن والأفضل لنأمن الفتنة والزلل.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يعجل لك بالزوج الصالح الذي يسعدك ويسعد وتسعدين معه، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.