كيف أحسن علاقتي بأمي؟

0 514

السؤال

السلام عليكم.

أشكر جهودكم في هذا الموقع، وجعل الله ما تقدمونه في موازين حسناتكم.

تتمثل مشكلتي في شعور بالغضب تجاه أمي، فأنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، ولا أحس بالحب نحو أمي، وقد يعود ذلك منذ صغري من خلال تمييزها لأخي الذي يكبرني ب3 سنوات، كما أنني لا أحكي لها عن أي شيء يخصني، لأنها بسرعة تقول لأبي، كما أنها لا تنصحني.

أنا لا أعتبرها قدوة لي في الأمور المنزلية، حتى أنني لا أساهم في تنظيف البيت، وأقوم بشؤوني لوحدي، لا أريدها أن تتدخل في شؤوني.

أنا حاليا أحاول أن أصلح علاقتي بأمي لإرضاء الله، وأتمنى أن تساعدوني لأتمكن من محبتها، والشعور برضا عن نفسي.

ولكم كل الشكر، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام وهذا التواصل، ويسعدنا أن نكون في خدمة أبنائنا والفتيات، وهذا شرف لنا، وعلى الاستعداد لاستقبال استشاراتكم في أي وقتك، ونسأل الله أن ينفع بكم بلاده والعباد.

وأشكر لك أيضا فكرة الاستشارة التي تدل على حرصك على البر، وعلى رغبة في الخير، وأنت - ولله الحمد - في عمر يؤهلك لفهم هذه الأمور، وأرجو أن توقني أن الوالدة تحبك - وبلا شك - ولكن دائما كثيرا من الأمهات تفرق في التعبير عن مشاعرها، خاصة مع الفتاة في هذه المرحلة العمرية، التي ربما تبتعد فيها الفتاة شيئا ما عن أمها، وتقترب ربما من والدها، وهذه من طبيعة هذه المرحلة، ولذلك أتمنى أن تكبر عندك هذه المشاعر النبيلة وتوقني بأنك بإرضاء الوالدة ترضي العظيم الذي أمرك بإرضاء الوالدة، فإن رضا الله في رضا الوالدين، وسخط العظيم في سخطهما سبحانه وتعالى.

أما بالنسبة لذكريات الطفولة: فعفى الله عما سلف، وأكيد أن الوالدة تقدرك، ولك عندها منزلة، ولكن كما قلنا: دائما الأمهات والآباء أيضا لا يحسنوا التعبير عن مشاعر الحب تجاه بناتهم، وأنت - ولله الحمد - تفهمت هذا الوضع، وأصبحت في سن، الوالدة الآن محتاجة إلى عطفك وقربك واهتمامك بها، فاصبري عليها، واتقي الله فيها، واعلمي أن إحسانك لها يفتح لك أبواب الخير، وسعادة في هذه الحياة.

كما أرجو أيضا أن تحاولي أيضا أن تتفهمي طريقة عملها في الأمور المنزلية، ومن حق الفتاة أن تبدع، ومن حق الفتاة أن تأتي بأشياء وإبداعات جديدة في خدمة المنزل، والوالدة ستفرح بهذا، ولكن أيضا الإنسان لا ينتقص جهود الآخرين، ولا يعيب عليهم، وأيضا هذا كله سيتلاشى بعد عام أو عامين، لأن الإنسان في فترة المراهقة يظن أن الوالدة لا تعرف، وأن الوالد لا يعرف، وأن المعلم لا يعرف سوى المادة، ولكن بعد أن تصلي بعد سنتين بالضبط ستشعرين أن الوالدة حنكتها التجارب، وأن لها حنكة من خلال التجارب، وأن هؤلاء الذين هم أكبر منا بيوم واحد أفهم منا بعام كما يقولون.

فمعنى ذلك أن هذه الأمور ستزول - بحول الله ومنته وفضله -، المهم ألا تشعر الوالدة أنك نافرة منها، وألا تشعر أنك تنتقدين طريقة عملها في البيت، لأن مثل هذه الأمور ربما تدخل الحزن على الوالد أو على الوالدة، فالإنسان مطالب بأن يثني عليهم، ويثني على مجهوداتهم، وأن يظهر الإعجاب بهم، وأن يتفهم الظروف التي عاشوا فيها، فنحن - وأنتم كذلك - جيل مختلف عن جيل الآباء والأمهات، وأنت جيل مختلف حتى عنا نحن، لأن كل ناس لهم زمان ولهم أشياء يهتمون بها، ومن حق الإنسان أن يهتم بما يريد.

ومن ثقافة الإنسان وحسن أدبه أن يحترم ثقافة الآخرين وطريقة فهمهم في الحياة، وهذا طبعا أمر موجود - بكل أسف - لأن الفارق بين الأم والبنت كبير في السن، وبين الولد وأبيه فارق كبير في السن، لأن في هذه الأزمنة يتزوج الناس فيه متأخرين، فتأتي مثل هذه الفروق، وطبعا يكون هنالك اختلاف في طرائق التفكير، وفي طرائق ترتيب المنزل، وطرائق التعامل مع الآخرين، ولكن العبرة بأن كل إنسان حر في الطريقة التي يتعامل بها مع الآخرين، وأن الإنسان ينبغي أن يقدر مشاعر الناس، فكيف إذا كان هؤلاء الناس هم الوالد والوالدة.

اجتهدي في حبها، واقتربي منها، واعلمي أنك ستؤجرين على صبرك عليها، ولا تظهري لها أنك متضايقة مما كان في الزمان الأول من تفضيلها لذلك الأخ الذي هو في النهاية شقيق لك، ربما هكذا يظهر لك، ولكن أنت أيضا لك منزلة رفيعة، والدليل على ذلك أنها حريصة عليك، والدليل على ذلك أنها تتألم لمرضك، والدليل على ذلك أنها اهتمت بك في صغرك، فاعرفي لها هذا الفضل، واعلمي أن الشريعة توجب علينا أن نحسن للآباء والأمهات حتى ولو غضبوا منا، حتى لو اشتدوا علينا، حتى لو قسوا علينا، لأننا نرجو ما عند الله تبارك وتعالى، وننتظر الخير الذي وعد الله تبارك وتعالى لمن يسعى ويحرص على بر والديه.

فنسأل الله لك التوفيق والسداد، ويسعدنا أن نكرر ترحيبنا بك في موقعك، ونسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد.

مواد ذات صلة

الاستشارات