السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في العشرينات، تواصلت بالنت مع فتى أصغر مني ب4 سنوات، وكانت علاقتنا أخوية ولم يؤذني أو يجرحني أو يحرجني بكلامه، بالعكس كان لبقا وذا أخلاق رفيعة، ويعتبرني أخته الكبرى ونتشارك في أغلب اهتماماتنا.
وأحيانا نتحدث في أمور عادية من الحياة والمواقف والمشاكل التي تحصل لنا، لنجد لها حلا أو نتصرف التصرف السليم، ولم أر وجهه ولم ير وجهي، وكلانا يثق بالآخر وبأخلاقه، وتجمعنا علاقة أخوة.
أردت السؤال هل تواصلي بالرسائل فقط دون الماسنجر أو غيره خطأ أم أن العلاقة من أساسها خطأ رغم أنها أخوة فقط؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إشراقة النور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك هذا التواصل، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي حملتك إلى السؤال، ونشكر لك أيضا الحرص على نظافة العلاقة، ونحمد الله تبارك وتعالى أن العلاقة كانت في هذا المستوى، ولكن مع ذلك فإن هذه الشريعة العظيمة - هذه الشريعة التي كلها حكم وأنزلها خالق الإنسان الذي يعرف طبيعته - لا تبيح مثل هذا التواصل، لأن مثل هذه البدايات لا توصل إلى نهايات تسر، ونحن تمر علينا مواقف كثيرة يبدأ فيها الشاب بنصح الفتاة - أو العكس - بل قد يكون سببا في دخوله الصلاة، بل قد يكون فيه سبب لحفظ كتاب الله تبارك وتعالى، ثم تنتهي العلاقة بمخالفات ووقوع في أمور لا ترضي الله تبارك وتعالى.
ولذلك فإن هذه الشريعة بحكمتها باعدت بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، ومنعت المرأة أن تتخذ صديقا لها من الرجال إلا أن يكون محرما أو زوجا، ومنعت الرجل أن يتخذ كذلك صديقة إلا أن تكون من محارمه كالخالة أو العمة أو نحو ذلك أو تكون زوجة له، كل ذلك لأن الشرع الحكيم - الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به والذي أنزله خالق هذا الإنسان، قال تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} - هذا الشرع فيه حكم عظيمة، وما من علاقة تبدأ بهذه الطريقة إلا والنهاية تكون مختلفة، لأن الشيطان قد يشجع في البداية على علاقات نظيفة، وبعد ذلك يتدخل في بعض مراحل هذه العلاقة.
ومن هنا كان ينبغي للفتاة دائما - والشرع يدعو الفتاة إلى- أن تتخذ صديقات صالحات، وأن يبحث الشاب عن أصدقاء صالحين، ولكن العكس لا يمكن أن يحدث، أن يتخذ الإنسان صديقا من الجنس الآخر، فإن هذا من البداية لا ترضاه هذه الشريعة، ونحمد الله أن ما تم كان في إطار علاقة نظيفة، ولكن ينبغي التوقف فورا، ولا مانع من الدعاء بظهر الغيب لهذا الشاب إذا بلغ مبلغ الرجال وأعد نفسه للزواج ورغب في أن يكمل هذا المشوار، فعليه أن يأتي البيوت من أبوابها، وعليكم أيضا من مصلحتكم كتمان هذه العلاقة حتى لا يساء بكم الظن.
على كل حال: نحن ندعو إلى توقف هذه العلاقة نصحا لله تبارك وتعالى، نصحا لهذا الشاب، ينبغي أن تقف هذه العلاقة فورا، ويبحث عن أصدقاء له من الشباب، وكما قلنا العلاقة تبدأ عادية بأمور عادية، بل قد تبدأ بأمور شرعية كالدعوة للصلاة ودعوة للصيام والمشاركة في نشر المحاضرات ونشر الخير، ثم تنتهي إلى أمر لا يحمد عقباه، لذلك نحن نتمنى دائما حتى ولو أن فتاة وجدت شابا عاصيا ونجحت في أن تهديه أن تدله بعد ذلك على مراكز الشباب، أو تسلط عليها إخوانها من الأخيار من أجل أن يكملوا معه، فنحن لا نرضى لها أن تكمل المشوار.
والإمام أحمد حدثوه عن رجل كان يجلس فإذا عطست امرأة شمتها - أي قال لها: يرحمك الله - قال: هذا مجنون؟ والفقهاء وضعوا قاعدة في النصح - حتى ولو كان نصحا، ليس مجرد علاقة – لا ينصح إلا إذا أمنت الفتنة (ولا تنصح إلا إذا أمنت الفتنة) والفتنة لا تؤمن، لأن الفتاة يعجبها الكلام الجميل، والشباب يجيد هذا الكلام، فإذا أعجبت بكلامه وأعجب بأسلوبها، رغب في النظر إليها، ثم تطورت هذه العلاقة، لأن المرأة تتأثر بالكلام وبالأدب وبالكلام المكتوب، لكن الرجل هذا لا يكفيه حتى يطلب الرؤية والنظرة الشرعية، ومهما كان فإن هذا القلب ينبغي أن يكون عامرا بذكر الله وطاعته، وبعد ذلك إذا أردنا أن ندخل إنسانا إلى قلوبنا فينبغي أن يكون بالمعايير الشرعية وبالضوابط الشرعية، ومراعاة لهدي خير البرية - عليه صلوات الله وسلامه -.
ولذلك - باختصار - نحن نشكر السؤال، ونشكر لهذه العلاقة النظيفة، لكننا ندعوكم فورا إلى التوقف عن هذه العلاقة، وإن رغبتم في أن توضع في إطارها الشرعي فعليه أن يأتي البيوت من أبوابها، ولعل فارق العمر لن يكون مشكلا كبيرا، ومع أننا حريصون على أن تكتموا أمر هذه العلاقة حتى لو حصل وتطورت وأصبح زوجا في المستقبل فإن هذه العلاقة ينبغي أن تكتم حتى لا يساء بكم الظن.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجمعنا على الخير دائما، وأن يقدر لك وله الخير، ثم يرضيكم به، ونشكر لك مرة أخرى، ونشكر لك بلا حساب وبلا عدد هذا الاهتمام بالسؤال، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.