ما الطريق الصحيح لإيقاف الأدوية النفسية؟

0 341

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

دكتور محمد وفقك الله, سبق وأن طرحت العديد من الاستشارات بخصوص تغيير الأدوية بأخرى, ولكني لم أحصل على الفوائد المرجوة.

بداية مع السيروكسات لعلاج الرهاب والقلق, تحسنت عليه تحسنا كبيرا في أول شهر, لدرجة أنني لا زلت أتذكر المواقف التي حصلت لي في تلك الفترة, وقوة جرأتي وحديثي أمام الآخرين.

ولكني بدلا من رفعها بعد ذلك خفضتها من تلقاء نفسي, ثم عاودني الرهاب بعد ذلك, وعدت لما أتناوله من جرعة ثم رفعتها لكن دون جدوى, فأحسست بحاجة لتغيير الدواء, فوصفت لي لوسترال ثم استمريت عليه شهرا, ورفعته ثلاثة أشهر, كما وصفت دون جدوى, فاستشرتك بسبرالكس فاستمريت عليه سنة دون نتيجة, ولما خفضت الجرعة تمهيدا لإيقافه أتتني آثار انسحابية, فقرأت في بعض استشاراتك ضرورة استعمال بروزاك معه لإيقافه, ثم استخدمت البروزاك فاستطعت التوقف عنه.

الآن أتناول البروزاك بجرعة حبة يوميا, ولم أرفعه بل خفضته إلى حبة كل ... أيام؛ لأنني عاقد العزم على إيقاف الأدوية لأنتي أعتقد أن جزء كبيرا من العلاج إحساسي بأنني طبيعي بدون أدوية.

خلاصة القول القلق خف معي كثيرا ولله الحمد, فقط لدي رهاب من الحديث أمام الآخرين, أو من الأنظار المركزة علي, هل أستفيد من طريقتي هذه؟ وهل هناك علاجا أكثر فاعلية من تلكم التي استخدمتها؟ وما هي نصيحتكم؟

جزاكم الله خير الجزاء عني وعن إخواني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأشكرك على تواصلك معنا في إسلام ويب، وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، وأنا أذكر استشارتك السابقة تماما.

منهجك في التعامل مع الأدوية أستطيع أن أقول إنه منهج جيد, ومنهج صحيح، يمكن أن يكون الخطأ الوحيد هو أنك في فترة من الفترات قد أوقفت الدواء قبل أن تتم الدورة العلاجية، لكن هذا يحدث.

أنت الآن نيتك كلها تتجه نحو إيقاف الدواء، وأمورك الآن مستقرة، وتتناول البروزاك بجرعة صغيرة, رسالتك واضحة وهي النية نحو التوقف عن الأدوية، أعتقد أنه مؤشر قوي جدا أن إرادة التحسن لديك قد ارتفعت، وهذا أمر جيد وممتاز، ونحن نشجعه كثيرا، لكن الإنسان أيضا له طاقات تحملية، والدفع النفسي مهم وضروري، لكن هل يستطيع الإنسان أن يصل إلى مبتغاه من خلال الدفع النفسي فقط، خاصة إذا كانت هناك عوامل بيولوجية، نعرف أنها ربما تلعب دورا في العلة التي يعاني منها الإنسان، هذا لا يعني أبدا أنني متمسك باستعمال الأدوية، أنا حذر جدا في استعمالها، بالرغم من قناعتي القوية بفعاليتها، وحين نصف الدواء نصفه على حسب المعايير العلمية القائمة على الدليل، هذا هو المطلوب الآن.

بالنسبة لك: أعتقد أن عقار بروزاك له مميزات كثيرة، البروزاك بالرغم من أنه ظهر عام 1988 في أسواق الدواء، لكن حقيقة وبالرغم من بروز وظهور أدوية كثيرة أخرى إلا أن البروزاك لا زال هو الأول وهو سيد الموقف، وذلك لما يميزه من خصائص، أهمها أن هذا الدواء -ونسبة جود إفرازاته الثانوية- لا يسبب أبدا أي نوع من آثار انسحابية، كما أنه دواء محايد جدا في موضوع النوم، بمعنى أنه لا يؤدي إلى النعاس أبدا، وبالنسبة للذين يعانون من اضطراب النوم يحسن البروزاك نومهم من خلال تحسين أحوالهم النفسية.

الذي أراه –يا أخي– هو أن تستمر على البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك انتقل إلى كبسولة يوما بعد يوم -هذا لا مانع فيه أبدا- لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك تتوقف عن تناول الدواء.

والبعض الآن يفضل ما يعرف باسم (البروزاك 90) فهي كبسولة واحدة يتم استعمالها أسبوعيا، بمعنى أن أربع كبسولات في الشهر تكون كافية، لكن أعتقد أنك لست في حاجة لهذا المنهج العلاجي.

التغلب على القلق يكون من خلال أن تفهم أن القلق هو طاقة نفسية ضرورية، لكن يجب ألا نطلق لها العنان، ويجب أن نتحكم فيها، وذلك من خلال الاستفادة من أوقاتنا وإدارتها بصورة جيدة، وأن نكون فعالين، وألا نكون في تسابق مع أنفسنا، كل شيء -إن شاء الله تعالى– سوف يتم إنجازه، والإنسان قد ينجح في هذه ويخفق في تلك، وهذه هي أمور الحياة.

وأنا لدي قناعات قوية جدا: أننا الآن نعيش في زمن أصبحت فيه بالفعل الواجبات أكثر من الأوقات، فالوقت نفسه لا يكفي إذا كان الإنسان يريد أن يعيش حياة فاعلة, فإذن لا مجال للقلق، أنا أستفيد من وقتي، أرتب أموري، أطور من ذاتي، آخذ المبادرات المهنية والاجتماعية الجيدة، أحرص على عباداتي، أتواصل مع أرحامي, هذه مزيلات القلق الحقيقي الذي لا يفيد الإنسان.

كما نحتم دائما أن تمارين الاسترخاء وممارسة الرياضة هي من مزيلات القلق، وكذلك الاطلاع على بعض الكتب المفيدة مثل كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن) وكذلك كتاب ديل كارنيجي (التعامل مع القلق وكيفية التخلص منه) هذه كلها مفيدة وممتازة جدا, وأقول لك: لا تقلق، أنت بخير، وإن شاء الله تعالى سوف تظل على خير, رسالتك أعجبتني كثيرا، وجزاك الله خيرا، وبارك الله فيك، وكل عام وأنتم بخير في هذه الأيام الطيبة.

مواد ذات صلة

الاستشارات