أفكار سلبية وضعف ثقتي بنفسي، كيف أتخلص منها؟

0 416

السؤال

عندما بدأت أشتكي فقط من الأشياء التافهة، وهي عندي تافهة، لكنها عند غيري ليست تافهة لأن فيها هموم حقيقية، لم يكن أحد يهتم لسماعي، ودائما يلمونني بأني أنا المخطئة حتى ولو لم أكن مخطئة، ولا يفهمونني، بل يستهزئون بي ويستحقرونني أمام الناس، لذلك عندما أفكر أن أشتكي في ما أشعر به من ألم حقيقي خوفا من كل ذلك، أيضا لم أجد الشخص المناسب لهذا، ولكن بدأت أفعالي تشتكي وتظهرني، وكأني فتاة شرسة عدوانية جدا، وحتى أن كل من حولي ينظرون لي نظرة غريبة، والطالبات لا يفكرن حتى بالسلام علي.

أما بالنسبة للمعلمات فهن يستحقرنني جدا، ويقلن أمام الطالبات هذه البنت غريبة، ما عمرنا رأينا مثلها، ويقلن أيضا للفتيات اتركوها ولا تضيعوا وقتكن مع بنت مثلها، وأشياء أخرى كثيرة.

أشعر بالألم! هل هن يقلن هذا الكلام فقط؛ لأني أرفض أن أشارك أو حتى أرفض أن أحل الواجبات، لكن كل هذا بسبب ظروف معينة، فهن لا يكلفن على أنفسهن عناء سؤالي، لذلك يستحقرنني، وأشعر بالألم الشديد، ليس من الناس، بل من مستقبلي؛ لأن أسلوب الناس سوف يحطمني مع أني لا أبالي بالناس، ولا حتى بكلامهم، لكن مللت من هذه الحال، حتى المعلمات اللواتي لا يدرسنني ينظرن إلي نظرة غريبة، حتى أني عندما ألتفت وأنظر إليهن أجدهن يغيرن اتجاه نظرهن ‏عني!

ما أود معرفته هو كيف أتخلص وأبدأ أكتسب الثقة؟ وأبدأ أشارك مع المعلمات، وأتفاعل مع الطالبات، لا أريد أن أثبت وجودي بشيء سيء، ولا أريد أن أصل إلى مراحل الاكتئاب، والألم فما مررت به في الماضي قد كفاني لا أريد أن يكون المستقبل مشبها للماضي.

جزاكم الله خيرا، ونفعكم بما علمكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأتفق معك تماما أن الإنسان أصلا يجب ألا يكون المستقبل عنده مشابها للماضي إذا كان يعتبر الماضي سلبيا، لكن كم منا يقيم ماضيه تقييما صحيحا؟ الإنسان حين يكون تحت ضغوطات نفسية ينظر إلى ماضيه نظرة سالبة جدا، لذا كثير من الناس تجدهم أسرى لماضيهم مما يؤثر سلبا على مستقبلهم وحاضرهم.

أيتها الفاضلة الكريمة: الماضي عبرة وتجربة وخبرة يستفاد منها، وليس أكثر من ذلك، وأود أن أنبهك بأننا كثيرا ما نخطئ التقدير والتقييم لما مضى، هذه نقطة لابد أن نشير إليها.

مشكلتك الأساسية حقيقة هي مشكلة العلاقات والتواصل الإنساني، وهذه قضية مهمة، نحن لا نلوم طرفا على طرف، أو نحاول أن نستعجل في تحليلاتنا، لابد أن يتم تقييم لحالتك بصورة أحسن وأفضل، وأنا من وجهة نظري أنك مقتدرة أن تقيمي نفسك، نفس الأسئلة التي طرحتها علينا لابد أن تطرحيها على نفسك، ويكون هذا الطرح برحابة، بقبول لضرورة انتقاد الذات ومن ثم إصلاحها.

الإنسان حين يعرف ما له وما عليه، ويحلل نفسه تحليلا صحيحا ومنصفا هذا نسميه بفهم الذات، وفهم الذات خطوة مهمة جدا لقبول الذات، وحين يتم قبول الذات يتم -إن شاء الله تعالى- تطوير الذات وتخليصها من شوائبها، وبناء أطر وأسس جديدة ينطلق من خلالها الإنسان نحو آفاق مستقبلية عامرة وجميلة -إن شاء الله تعالى-.

أنت لابد أن تسألي نفسك (لماذا تعاملين الآخرين على هذا النسق؟ هل هناك أخطاء مشتركة؟ هل هنالك عصبية وتوتر من جانبك؟ هل لأنك تلجئين إلى سوء التأويل والتفسير؟ هل يحتاج أسلوبك في الحوار إلى مراجعة وتعديل؟) هذه كلها يجب أن تطرحيها على نفسك، وتجدي المعالجات لها، الإنسان هو كيان اجتماعي والتواصل الاجتماعي يعتبر ضرورة، والتواصل الاجتماعي عملية مشتركة، والإنسان دائما يعامل من قبل الآخرين حسب المردود الذي يقدمه.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أريدك أن تكوني أكثر هدوء، لا تستعجلي الأمور، كوني مستمعة جيدة، وشاركي مشاركة إيجابية مع الآخرين، على مستوى المعلمات، الدراسة، زميلاتك، صديقاتك، وهذا -إن شاء الله تعالى- يجلب لك الحب والقدرة على التواؤم من الآخرين ومعهم، هذا مهم وهذا ضروري جدا.

وأريدك دائما أن تتخيلي مواقف معينة، مثلا: سألتك المعلمة سؤالا معينا: كيف ستجاوبين على هذا السؤال؟ لابد أن يكون هنالك انتباه من جانبك، تركيز، إبداء التقدير والاحترام للمعلمة، وهذه أمور بسيطة جدا، لكنها مهمة جدا، وبعد ذلك تبدئي في الإجابة حسب ما هو متوفر من معلومات، وإذا لم تستطيعي الإجابة تعتذري بصورة لطيفة جدا للمعلمة، وتعديها بأنك سوف تراجعين هذا الموضوع، وهكذا.

عيشي مثل هذه المحاكاة في الخيال، أو التعريض في الخيال، هذه مواقف مهمة جدا يجب على الإنسان أن يتدرب عليها، وهكذا.

بالنسبة لعلاقاتك مع صديقاتك وزميلاتك وحتى أهل بيتك يجب أن تكون على هذا النسق.

(لا تغضبي، لا تحزني، لا تقلقي) ضعيها شعارات أمامك، وسلحي نفسك بنور العلم والدين، هذه تبني شخصيتك بناء حسنا وجميلا، يجمل صورتك أمام الآخرين. وزعي وقتك بصورة جيدة، هذا يساعدك على أن تديري حياتك أيضا بصورة جيدة.

هذا كله إن اتبعته فسوف تثبتين وجودك، وتحسين بالرضا، لن يصيبك الاكتئاب، أرجو أن تتبعي ما ذكرته لك، ومن جانبي أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات