السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي للدكتور محمد عبد العليم.
منذ نحو خمسة عشر سنة وأنا أعاني من حالة نفسية غريبة وصعبة جدا، ولم أكن أعرف ذلك، وقد كشفت عضويا مرات عديدة، وكان الأطباء يذكرون أني سليم تماما من الناحية العضوية، ولم أكن أعرف أن هذه حالة نفسية، وقد أثرت هذه الحالة على مختلف نواحي حياتي، ومن أعراض هذه الحالة :
1 - الشعور بالحزن والكآبة، لدرجة لا تحتمل.
2 - قلة التركيز أو انعدامه.
3 - فقدان الرغبة في ملذات الدنيا جميعا.
4 - قلة النشاط الجسماني والجنسي.
5 - الرغبة والميل للنوم حتى بدون تعب.
6 - عدم وجود رغبة في عمل أي شيء.
7 - الشعور باليأس من المستقبل ولا يوجد ما أتطلع إليه.
8 - أشعر بأنني لم أحقق شيئا له معنى أو أهمية.
9 - لا أستمتع بأي شيء كما كنت من قبل.
10- الحياة ليس لها معنى بالنسبة لي.
11 - أدفع نفسي بمشقة رهيبة لكي أؤدي عملي، ولا يوجد أدني رغبة في العمل.
12 - أشعر بالتعب حتى لو لم أعمل شيئا! وأشعر بالرغبة في النوم دائما.
13 - فقدت رغبتي الجنسية بشكل ملحوظ، ولا أشعر بالرغبة في الأكل، وآكل فقط لأنني اعتدت على ذلك.
14 - أصبحت مشغولا بأموري الصحية بشكل ملحوظ.
15 - فقدت تماما الحزن والفرح بأي شيء.
16 - لدي توتر وقلق شديد لأتفه الأمور.
على الرغم من هذا التعب فقدت قاومت مقاومة كبيرة جدا، وتمكنت من الحصول على درجة الدكتوراه في تخصصي، وأنا متزوج، وأعاشر زوجتي بشكل طبيعي، أذهب إلى الرغبة، رغم عدم وجود أدني رغبة أو دافعية إلى ذلك.
أشعر في أوقات متقطعة بأن حالتي شفيت تماما، ولكن هذا لا يستمر كثيرا، فسرعان ما أعود إلى الحالة السيئة مرة أخرى، والحالة التي أشعر فيها بالتحسن لا تستمر أكثر من أربعة أيام أو أسبوع، على أحسن الأحوال، ثم أعود إلى المرض لفترات طويلة، ولا يوجد أي مبرر للتحسن الذي يطرأ فجأة.
تناولت بروزاك لفترات متقطعة، شعرت معه بتحسن طفيف، وتناولت سبراليكس وسبب لي ألما شديدا في المثانة، والآن رجعت للبروزاك، مع بوسبار، وذهبت إلى طبيب نفسي فلفت انتباهه أن وزني لم ينقص، وأنا أمارس عملي، وحياتي الزوجية بالرغم من انعدام الرغبة تماما في ذلك.
أعطاني بروزاك، وزيبركسا، ولكن الزيبركسا سبب لي نوما طويلا، فلم أستمر عليه.
أرجو العلاج من فضلكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
ذكرت ستة عشر عرضا تعاني منها، وأعراضك هذه كلها مهمة، ونستطيع أن نقول إنها تعكس العلامات الكبرى والعلامات الصغرى للاكتئاب النفسي، وكل من يعاني من أربعة أعراض مما ذكرت ويكون له أيضا تسع شكاوى ذات طابع عضوي، إذا استمرت أكثر من أسبوعين نستطيع أن نقول إن هذا هو الاكتئاب النفسي، وذلك حسب المعايير التشخصية العلمية المعروفة.
أخي الكريم، ما ذكرته هو الاكتئاب النفسي، أسأل الله تعالى أن يرفعه عنك، وأن يشفيك وأن يعافيك.
من الطبيعي كما ذكرت أن يأخذ الإنسان بالأسباب ويطرق باب العلاج، وأنا أود أن أؤكد لك حقائق مهمة، وهي أن الاكتئاب يمكن علاجه، بل يمكن هزيمته ويجب أن يهزم.
الأدوية المضادة للاكتئاب هي خط العلاج الأول، وهي مهمة وفعالة، فعاليتها تختلف من إنسان إلى آخر، والالتزام بالعلاج والصبر عليه وتنفيذه حسب شروطه التي يضعها الطبيب هي من وسائل نجاح العلاج الضرورية.
الجوانب العلاجية غير الدوائية أيضا ذات أهمية كبيرة، خاصة لعلاج بعض الأعراض ذات الطابع المعرفي، ومنها الشعور بالحزن والكآبة، وفقدان الرغبة في ملذات الحياة، الحياة ليس لها معنى – وهكذا – هذه يجب أن تغير معرفيا، بأن تتفكر وتتألم في مضاداتها، وتتشبث بها، تتعلق بها، ثم تقتنع بها.
أخي الكريم، التغيير المعرفي مهم جدا، وأنت لديك عوامل إيجابية تساعدك - إن شاء الله تعالى – في الشفاء، وهي:
لديك عمل محترم، لديك أسرة، لديك تخصص علمي، وهذه كلها محفزات - إن شاء الله تعالى – نحو الشفاء، فاحرص عليها، واسع دائما لأن تطور نفسك.
فقدان الطاقات الجسدية أيضا يتطلب ممارسة الرياضة بتدرج، هذه وسيلة علاجية مهمة، فأرجو أن تحرص عليها أخي الكريم.
بالنسبة للأدوية المضادة للاكتئاب: كما ذكرنا هي العمود الفقري للعلاج، وهي قريبة من بعضها البعض، متشابهة في فعاليتها، وربما يكون (الإفكسر أو السيمبالتا) أكثر فعالية من بقية الأدوية، لذا أنصحك بتناول الإفكسر، والذي يعرف علميا باسم (فلافاكسين)
ابدأ بتناوله بجرعة خمسة وسبعين مليجراما، تناولها ليلا أو نهارا، وربما يكون تناولها ليلا أفضل، وإن كان البعض يفضل تناولها نهارا، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها مائة وخمسين مليجراما، استمر عليها لمدة شهر آخر، ثم لاحظ مستوى التحسن الذي طرأ عليك، إن كان بنسبة خمسين بالمائة أو أكثر قليلا فاستمر على نفس الجرعة، وإن لم تصل لهذه الدرجة من التحسن فاجعل الجرعة مائتين وخمسة وعشرين مليجراما يوميا، تناول خمسة وسبعين مليجراما صباحا، ومائة وخمسين مليجراما ليلا.
هذه جرعة كافية جدا، تستمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما ليلا، تستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعل الجرعة خمسة وسبعين مليجراما يوميا، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها خمسة وسبعين مليجراما يوما بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وسبعين مليجراما كل ثلاثة أيام لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أما إن كانت الجرعة التي تكفيك هي مائة وخمسون مليجراما يوميا فاستمر عليها لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة، ثم خفضها إلى خمسة وسبعين مليجراما يوميا لمدة خمسة أشهر، ثم خمسة وسبعين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم خمسة وسبعين مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا هو الذي أنصحك به، ولا شك أن المتابعة مع الطبيب مفيدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.