السؤال
أختي تبلغ من العمر 19 عاما، بعد حادثة غضب جلست تبكي في غرفتها طوال الليل، وبقيت ثلاثة أيام لا تريد أن تتحدث معنا، وتجلس معظم الوقت لوحدها في غرفتها، في الليلة التي تلي هذه الأيام الثلاثة بدأت تشعر برعشة واهتزاز لاإرادي في أطرافها وكتمة على صدرها وخفقان شديد جدا في القلب.
وأخبرتنا أنها كانت سابقا تشعر بشيء بسيط جدا من الحركة اللاإرادية في أطرافها، ولا تخبرنا به، ذهبنا بها إلى المستشفى، وكانت نتائج الفحوصات سليمة، وأخبرنا أن سبب ذلك نفسي، ويجب عليها زيارة طبيب نفسي وأعطاها إبرة مهدئة.
لكن كانت نتيجة تحليل الدم: 7.5 أي أنه منخفض جدا عن الطبيعي، بعد ذلك تكررت الحالة عدة مرات، لكن بشكل بسيط جدا، وبعد شهرين تكررت الحالة بذات الشدة، ثم بعد ثلاثة أيام تكررت أيضا إضافة إلى حركة لا إرادية في فكها السفلي لليمين واليسار وضغط على رقبتها، ثم سقطت على الأرض، وبعد أيام أيضا تكررت الحالة مع حركة لا إرادية في أصابع يديها، وتنميل في جسمها.
هل يمكن أن تشخص لنا هذه الحالة، ومدى جدوى العلاج النفسي السلوكي، وما العلاج الدوائي المناسب، وهل يمكن أن يكون ذلك بسبب الإصابة بالعين؟
علما أنها كتومة، وحساسة جدا إلى جانب أنها ذكية، ومتفوقة جدا في دراستها، وأن هذه الحالة لا تأتيها إلا عند موعد النوم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن شاء الله تعالى نبذل كل جهد ممكن لأن نعطي مؤشرات وعلامات قد تفيد في تشخيص حالة هذه الابنة -حفظها الله تعالى-.
أولا: موضوع جلوسها لوحدها وانقطاعها لمدة ثلاثة أيام: هذا ناتج بالفعل من ردة فعل نفسية سلبية، هذا تفاعل يحدث كإفراز طبيعي عند بعض الفتيات حين يواجهن موقفا نفسيا معينا.
موضوع الرعشة والاهتزاز اللاإرادي في أطرافها والكتمة في صدرها: هذا ربما يكون لها ارتباط وثيق بحالتها النفسية، والقلق قد يظهر في شكل حركات لا إرادية، البعض يسميها بالتغيرات التحويلية، والبعض يسميها بالتحولات الهيسترية، وإن كنت لا أفضل ولا أحب هذا المسمى أبدا.
هنالك أشياء ملفتة جدا في حالة شقيقتك، وهي أن مستوى الدم لديها منخفض، وهذا يجب أن يعالج حقيقة؛ لأن ضعف الدم يؤدي إلى الكثير من الاهتزازات والهشاشة النفسية، مثلا تسارع ضربات القلب قد ينتج من أسباب كثيرة، ومنها انخفاض الهيموجلوبين، فهذا الموضوع يجب أن يعالج، وقد يكون سببا بسيطا نقص في الحديد، أو شيئا من هذا القبيل. فهذا يجب أن يعالج.
الأمر الآخر الذي لفت نظري: أن الحركات اللاإرادية -وحسب ما ورد في وصفك للمرة الثانية- أن هذه الحركات شملت الفك الأسفل لليمين ولليسار، ثم سقطت على الأرض، هذا أيضا قد يكون سببه الانفعال الهيستري، لكن يجب أن نتأكد أيضا من موضوع مهم، وهو: إذا كان لديها زيادة في كهرباء الدماغ، لأن بعض التشنجات قد تظهر بهذه الصيغة خاصة التشنجات التي تكون بؤرتها -أي مركزها ومستقرها- في الفص الصدغي في الدماغ، وهي منطقة معروفة لدى الأطباء.
فيا -أيتها الكريمة الفاضلة-: نترك جانب العين جانبا، وهذا لا يعني أننا نهمله، لأننا نؤمن جميعا بالعين، لكن نعرف أن المعالجات سهلة جدا، وهي أن ترقى هذه الفتاة، وأن تحافظ على صلاتها، وأن تدعو الله، وتكون على ثقة ويقين أنها في حفظ الله ورعايته، وهذا يكفي تماما.
الخطوات الطبية المطلوبة هي: أن يذهب بأختك إلى الطبيب النفسي، أعتقد أن هذا مهم، وأعتقد أن الطبيب النفسي لابد أن يقوم بإجراء تخطيط للدماغ للتأكد من عدم وجود أي نشاط كهربائي زائد ناتج من بؤرة معينة في الدماغ -كما ذكرت لك-، وهذا إن وجد أيضا علاجه ليس صعبا، ويمكن أن يفسر كل الأعراض التي تعاني منها.
الجانب النفسي لا ننكره، موجود، وهي أنها تعاني من القلق الانفعالي الذي أدى إلى الحالة التحويلية -أو الهيسترية كما يحب أن يسميها البعض- لكن هذا لا ينفي وجود أشياء عضوية، فهي ضعيفة الدم، وهذه الحركات اللاإرادية أيضا يمكن أن تفسر من خلال اضطراب كهرباء الدماغ.
فإذن قد يكون لديها العلتين مع بعضهما البعض، أو قد تكون لديها العلة النفسية فقط مع ضعف الدم، وهذه تحسم من خلال الذهاب إلى الطبيب، وإجراء الفحوصات التي تحدثت عنها.
أنا أعتقد أنها سوف تعالج، أنتم من جانبكم عليكم المساندة لها، وإشعارها بأنها فعلا ذكية ومتفوقة، إشعارها بكينونتها ودورها الأسري الإيجابي، وبعد أن يتم الفحص عليها إذا اتضح أن الأمر قلقي وانفعالي فهنا يتم تجاهل الأعراض -هذا هو خط العلاج الأول- أضف إلى ذلك سوف يقوم الطبيب بإعطائها بعض الأدوية المضادة للقلق.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، واهتمامك بأمر أختك، وكل عام وأنتم بخير.