السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 27 سنة، عندي مشكلة أعاني منها: وهي أن ثقتي بنفسي مهزوزة جدا؛ فأنا أخاف أن أقول لا لأي أحد، وأجامل الناس على حساب نفسي.
عندي مشكلة القلق من كل شيء، أخاف السفر، وأتخيل أنه سيحدث شيء لي: كأن يسرقني أحد، أو أن أضيع، وعندما أذهب للمستشفى أتخيل أن الطبيب سيقول لي: بأن لدي مرضا خطيرا، وعندما أراجع في دائرة حكومية لأنجز بعض المعاملات، فإنه ينتابني شعور بأن معاملتي سترفض.
دائما أفكر بالشيء، وأبدأ الخوف منه، وعندما يذهب أهلي لأي مكان أخاف أن يحدث لهم حادث، أو أن يتحرش بهم أحد ما، وأي اتصال يأتيني أتوقع أن هناك خبرا مؤلما.
أعيش في قلق، والله وحده العالم بي، فأنا منعزل، لا أحب الخروج من البيت، أحب الجلوس لوحدي، مكتئب طول الوقت، ومزاجي متقلب، وسريع التعكر، وأقل كلمة تغضبني، فأنا حساس لأبعد الحدود، وأقل شيء يغضبني.
أخاف أدخل في عراك مع أي أحد، وقلبي يدق بسرعة، وجسمي يرتعش.
أخذت (سيروكسات) منذ 10 سنوات، ولم أستفد منه، بجرعة 25، كل يوم حبة.
أسألكم بالله أن تجدوا لي حلا؛ فقد دخلت الموقع، ووجدت أكثر من دواء (زولفت، فافرين، سبريلكس، بروزاك)، فأيهم ينفعني، ويكون مفيدا لحالتي، ولا يسبب لي فشلا كلويا، أو كبديا، أو عقما؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا لا أعتقد أن لديك مشكلة في الثقة بالنفس؛ فما وصفته من اهتزاز في ثقتك النفسية هو ناتج بالفعل عن مخاوفك، وتضخيمك وتجسيدك للأشياء الصغيرة، والفكر التشاؤمي الوسواسي الذي يسيطر عليك.
أخي الكريم: قدراتك موجودة، لا تشوبها أي شائبة، والثقة بالنفس نحكم عليها من خلال القدرات، والأفعال، وليس المشاعر.
إذن القلق التوتري، والمخاوف الوسواسية، والفكر المعرفي التشاؤمي هو الذي جعلك تحكم على نفسك بصورة سلبية.
هنالك علاجات بسيطة جدا، لكنها مفيدة جدا، فيما يخص هذا القلق التوقعي الوسواسي، ومن أبسط علاجاته أن يحقر، وأن يعرف الإنسان دائما أنه في كنف الله، وفي معية الله.
أخي الكريم: حين تخرج من بيتك وتقول: (بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، إذا قالها الإنسان بتمعن وتدبر لا شك أنه سوف تنزل عليه طمأنينة عظيمة، ويهون أمامه كل شيء، وتنحسر أمامه كل المخاوف.
هذا مثال بسيط ضربته لك؛ لأنه ناتج حقيقة من تجربة شخصية، طالما خرجنا بهموم ومشاكل مجسدة ومضخمة، ولكن حين نسترجع، ونتذكر أشياء بسيطة نعرف أنها منقذات ومفيدات للإنسان؛ عندها تتلاشى تلك المشاكل والهموم.
أخي الكريم: اجعل هذا نهجا لك، وسوف تجد فيه خيرا كثيرا.
ثانيا: الفكر التخوفي يحقر من خلال فكر تخوف آخر؛ وهو أن هذه الأشياء التي تزعجني إن تحققت فما هو الشيء الذي يمكنني القيام به؟ لا شيء، إن كان سيقع فسوف يقع، هذا أيضا فكر بالرغم من أنه قد يبعث الخوف في الإنسان، لكنه مفيد جدا، ويؤدي إلى نوع من التعادل في المزاج التفكيري المعرفي الذي كونه لديك قلق المخاوف الوسواسي.
ثالثا: تمارين الاسترخاء: نحن نطالب الناس بأن تطبقها؛ لأنها مفيدة، ومعروفة، وتقوم على أسس علمية، أضف إليها قراءة كتاب (كيف تتخلص من القلق وتبدأ حياتك)، هو كتاب قديم، لكن مشهود له؛ هذه الأمور أو هذه الوسائل كلها يمكن أن تلجأ إليها، وهي بسيطة جدا.
رابعا: إدارة الوقت بصورة حسنة، وصرف الانتباه، ونحن نركز على هذا، بل نركز عليه للدرجة التي قد تكون سببت الملل لبعض الإخوة والأخوات، لكن سبب تركيزنا واهتمامنا به لأننا نعرف قيمته العلمية، ومن يدير وقته بصورة صحيحة يصرف انتباهه عن كل ما هو سلبي، وينجح في إدارة حياته، فكن على هذا النهج -أخي الكريم-.
خامسا: بالنسبة للدواء العلاجي: أنت تتناول الزيروكسات منذ عشر سنوات، ولا شك أن الزيروكسات دواء جيد، ولكن ليس من الضروري أن تكون فعالية هذه الأدوية ممتازة لجميع الناس؛ فهنالك تفاوتات، وأعتقد أنه أتى الوقت الذي تستبدل فيه الزيروكسات بعقار آخر.
السبرالكس أنا أرى أنه دواء جيد؛ لأنه يعمل بخصوصية ودقة أكثر، قد يعاب عليه أن آثاره الانسحابية قد تكون شديدة إذا لم يتوقف عنه الإنسان بكياسة، وتدرج، ولكن هذا يجب ألا يهمك كثيرا؛ لأنك تحتاج للدواء بالفعل لمدة طويلة نسبيا.
أنا أرى أن تخفض جرعة الزيروكسات وتجعلها 12.5 مليجرام يوميا، وتبدأ في نفس الوقت بتناول السبرالكس بجرعة عشرة مليجرام يوميا، استمر على هذا الترتيب والنسق -أي الدواءين مع بعضهما البعض بالجرعة المذكورة- لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفع جرعة السبرالكس واجعلها عشرين مليجراما.
أما بالنسبة للزيروكسات فاجعله 12.5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوع، ثم 12.5 مليجرام كل ثلاثة أيام لمدة تسعة أيام، ثم توقف عنه واستمر على السبرالكس بالجرعة المذكورة، وأريدك بعد أن تتوقف عن الزيروكسات أن تبدأ في تناول عقار (بسبارون)، والذي يعرف تجاريا (بسبار) كدواء ممتاز جدا في علاج القلق التوقعي، ولكن يعاب عليه أنه بطيء بعض الشيء، لكن -إن شاء الله تعالى- نحن لسنا في عجلة، وسوف تتحصل على نتائج باهرة منه، بجانب تناولك للسبرالكس -بإذن الله تعالى-، والبسبار سيفيد كعلاج داعم، وله خصوصية وفعالية أيضا.
جرعة السبرالكس ستكون عشرين مليجراما، هذه تتناولها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة واجعلها خمسة عشر مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها عشرة مليجرامات يوميا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يوميا لمدة شهر، ثم نفس الجرعة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما بالنسبة لجرعة البسبار -والذي يعرف بسبارون-: ابدأ بخمسة مليجرام صباحا ومساء، واستمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرامات صباحا ومساء لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسة مليجرامات صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء، لكن استمر على السبرالكس بنفس الكيفية التي -ذكرناها لك-.
هذه أدوية سليمة وفاعلة، وكل الآثار الجانبية التي تتخوف منها وغيرها من الآثار -إن شاء الله تعالى- لن تحدث لك أبدا، ونحن نهتم كثيرا بسلامتها، وإمكانية فعاليتها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نشكر لك التواصل مع إسلام ويب.