السؤال
السلام عليكم
أشكركم على المنتدى الرائع، والأكثر من ممتاز.
أعاني بعض الأحيان من عدة أمور أولا: المخاوف، مثلا أحس إذا خرجت من المنزل أني سوف أمرض، أو يحصل شيء فأكون متوترا وخائفا، وإذا قدت السيارة تراودني أفكار بأن السيارة سوف تخرب في مكان بعيد، إذا سافرت خارج المدينة أصبح خائفا ومتوترا، وبعض الأحيان أرجع، ولا أكمل طريقي، ودائما أتحاور مع نفسي حيث أتخيل أني قابلت صديقا، أو أي أحد أعرفه في مجلس أو في الجامعة، أو كنت عند صديق، أتذكر كل الكلام الذي قلته له، وأراجع نفسي، وهذا أكثر شيء.
بعض الأحيان يراودني نشاط في الكلام، وأريد أن أتكلم مع أي شخص، وأنا كثير السرحان، وعدم التركيز، وأهتم بكل كبيرة وصغيرة.
أخيرا عند النوم أسمع أصواتا من داخل رأسي كأنه راديو داخل عقلي، علما أن عمري 30 عاما، غير متزوج، ولا أعمل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاصم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الإنسان حين يحس بمخاوف، وهو خارج المنزل – بمعنى أنه افتقد أمان المنزل – هذا نوع من الرهاب أو الخوف الخاص يسمى برهاب الساح، ورهاب الساحة يكون أيضا مرتبط بأنواع أخرى من المخاوف، كلها ذات طابع وسواسي، وحالتك بما تحمله من أعراض مختلفة نسميها بحالة قلق المخاوف الوسواسي.
بالفعل الفراغ يجعل الإنسان يتفرغ لهذه الأعراض، يكون مستقبلا لها، وقد قيل أن أحد أكبر أسباب الاضطرابات النفسية هو أن يملأ الإنسان فراغه بهذه الأعراض النفسية، يكون في انتظارها، يستقبلها، يحللها، يفصلها، وهذا يجعل هذه الأفكار تتشعب وتتوسع، وهذا له مردود سلبي جدا على الصحة النفسية.
لذا أعتقد أن من قال (الواجبات أكثر من الأوقات) قد أصاب، وهذا نشاهده في حياة بعض الناس من المتميزين والمثابرين والمجتهدين والفعلين، والذين في نهاية الأمر تجدهم نافعين لأنفسهم، ونافعين غيرهم.
أيتها الفاضلة الكريمة: في حدود ما هو متاح – وأعتقد أنه كثير جدا – يجب أن تتحركي لإدارة وقتك بصورة جيدة وفاعلة، هذا يصرف انتباهك كثيرا عن هذه الأعراض.
نصيحة أخرى لك، هي: لا تتقبلي هذه الأعراض مهما هجمت عليك وحاولت أن تفرض نفسها عليك، كوني أنت أقوى، وأشد حنكة في إجهاضها، وذلك من خلال رفضها، وتجاهلها، واستبدالها بفكر إيجابي فعال، وهذا ممكن، أنت تمتلكين الطاقات النفسية، وكذلك الجسدية والفكرية، وهذا هو المطلوب لأن يغير الإنسان نمط حياته.
هنالك أدوية ممتازة جدا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، ولا شك أن الدواء يدعم ويزيد من فعالية الإرشادات والوسائل السلوكية لتغيير السلوك، وهذه من جانبها تجعل الإنسان أكثر التزاما بالدواء، يعني أن الربط ما بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي لا أحد يستطيع أن يفصل ما بين الاثنين، إذا أراد أن ينتهج المنهج العلمي الصحيح، يعني ما يشاع عن الأدوية النفسية هو خطأ جسيم، والمطلوب فقط هو أن تستعمل بصورة صحيحة، وللعلة المشخصة الصحيحة، وللمدة المطلوبة، وبالجرعة الصائبة.
الدواء الذي يفيد في حالتك يعرف (زولفت)، واسمه الآخر هو (لسترال)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين) وحالتك لا تتطلب جرعة كبيرة أبدا، حبة واحدة في اليوم سوف تكون كافية، والجرعة القصوى لهذا الدواء هي أربعة حبات في اليوم.
البداية بالنسبة لك هي أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) يتم تناولها ليلا لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة واحدة ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم تجعليها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
إذن هذه هي الرزمة والحزمة العلاجية التي أرى أنها سوف تفيدك كثيرا - بإذن الله تعالى -.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.