السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 15 سنة.
مشكلتي أن عندي حالة وهي أنه يتوجب علي بعد كل مرور موقف يحصل لي أن أظل أفكر فيه بتدقيق، لماذا حدث كذا، لماذا لم أرد؟ والمشكلة أني أفكر مباشرة بعد الموقف يعني لازم أفكك كل شيء يصير لي في اليوم مع أن بعض المواقف سخيفة، لكن لا أستطيع إلا أن أفكر، وأفكك كل شيء صار لدرجة أني صرت أسمع كلام أعدائي، وأقول لماذا يقولون كذا ولماذا صار كذا.
وأتمنى منكم الإفادة، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنعم أؤكد لك أننا قد فهمنا تماما ما تقصدين، فالذي ينتابك هو ظاهرة تحدث في مثل عمرك، وهي ظاهرة التفكير والتدقق الوسواسي، ومحاولة التدبر والتأمل وإعطاء بعض الأحداث أهمية أكثر مما تستحق.
هذا الانشغال الفكري هو ظاهرة نعتبرها طبيعية جدا، وهذا لا يعتبر مرضا، وهنالك دراسة تشير إلى أن الذين يتفكرون ويتدبرون ويتمعنون في الأمور لديهم فرصة أكبر لتحويل هذا الفكر، وهذه الطاقات النفسية لما ينفعهم ويفيدهم، مثلا في مجال حفظ القرآن، في مجال التركيز في الدراسة، في مجال القراءة الحرة والاطلاع – وهكذا -.
إذن الظاهرة التي تمر بك وإن كانت تسبب لك بعض المضايقات والمشاكل، إلا أنها ظاهرة عابرة، وهي طبيعية إلى حد كبير، ويمكنك التغلب عليها من خلال الإصرار على ألا تعطي الأمور الصغيرة أهمية، وفي ذات الوقت حين تتساقط عليك هذه الأفكار وتفرض نفسها عليك قومي بصرف انتباهك عنها، وذلك مثلا من خلال تغيير مكان جلوسك، الانخراط والانشغال بنشاط آخر، لا علاقة له أبدا بالفكرة المفصلة الوسواسية التي تسيطر عليك.
هذه بعض الطرق البسيطة التي يمكن للإنسان أن يتخلص من خلالها من الفكر القلقي الذي يسبب التوتر وعدم الارتياح.
إذن تحقير هذا النوع من التفكير مطلوب ومهم، وكذلك صرف الانتباه كما ذكرنا لك.
الأمر الآخر هو: حاولي أن تكوني دائما معبرة عن ذاتك، لا تتركي الأمور البسيطة تحتقن وتزداد، وتسبب لك قلقا، لأن الإنسان حين يسكت كثيرا ويحتقن داخليا بما لا يرضيه هذا يظهر في شكل أفكار سخيفة – كما ذكرت – ونوع من التدقيق، والبحث عن تفاصيل لا داعي لها.
فإذن التعبير عن النفس أول بأول يعتبر متنفسا ممتازا جدا.
أنصحك أيضا بأن تمارسي بعض تمارين التنفس التدريجي، هذه بسيطة وجيدة جدا، وأنت جالسة في مكان هادئ قومي بأخذ نفس عميق وبطيء، وقبل أن تقومي بذلك أغمضي عينيك، وفتحي فمك قليلا، وتأملي وفكري في حدث سعيد، بعد ذلك استنشقي الهواء عن طريق الأنف – وهذا هو الشهيق – ويجب أن يكون ببطء، بعد ذلك أمسكي الهواء قليلا في صدرك، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم لتكتمل مرحلة الزفير.
كرري هذا التمرين ثلاث إلى أربع مرات متتالية، وإن شاء الله تعالى فيه إفادة كبيرة بالنسبة لك.
بارك الله فيك، وجزك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.