السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
أنا شاب التزمت قبل 6 أشهر -والحمد لله- مشكلتي أني كنت أعرف فتاة قبل التزامي، وكان لدي معها علاقة، هي أيضا التزمت، ولبست النقاب قبلي منذ شهرين، وبعد أن التزمت لدي نفس الإحساس السابق بأني أحبها، وأريد الزواج منها، ومنعت نفسي من الاتصال بها، وسماع صوتها، حتى الشات لا نتحادث فيه، ولا غير ذلك، وإذا احتاجت لي في الشغل تخبر أخاها، فأرجو بعد الله سبحانه وتعالى أن تفيدوني.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
بداية نشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر لك الاهتمام بالسؤال، ويسعدنا أن نهنئك بالتوبة، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، والحمد لله الذي أتاح لك فرصة التوبة، وستر عليك وعليها حتى رجعتما إلى الله تبارك وتعالى.
هذا السؤال يدل -ولله الحمد- على أنك على خير، وأن هذه نعمة من الله تبارك وتعالى، فكم من غافل لا يزال في غفلته، وأنت تاب العظيم عليك، فتبت ورجعت إلى الله، ونسأل الله أن يقبلك وأن يسددك، وأبشر، فإن الله ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه رحيما إلا ليرحمنا.
إذا كانت الفتاة قد تابت وتنقبت -ولله الحمد- وأنت أيضا -ولله الحمد- قد تبت وتوقفت من التواصل معها، فهذه نعمة وإنجاز كبير -ولله الحمد-، أرجو أن تشكروا الله كثيرا عليها، وليس هناك مانع من أن تصححا هذه العلاقة، وأولى من يشاركك في الطاعة هو من كان معك على المعصية، وما حصل منكما من المخالفة لا يمنع حصول الحلال الذي يرضي الكبير المتعال سبحانه وتعالى.
ونحن سعداء أيضا بهذا الحرص، ونتمنى أن تظل في توقف عن التواصل بها، حتى تقرر القرار النهائي بالزواج، وعند ذلك عليك أن تطرق باب أهلها، وتأتي البيوت من أبوابها، وأنا سعيد أن أخاها هو الذي يتواصل معك إذا كانت تحتاج إلى شيء؛ لأن هذا مهم جدا في أن تكون العلاقة بهذا المستوى من الحرص على الطاعة، وحاول أن تستمر على هذا الخير الذي أنت عليه؛ لأن هذا دليل على صدق التوبة وابتلاء واختبار لك ولها، -فلله الحمد-، هذا دليل على أنكم على خير، فهي -ولله الحمد- تابت وتنقبت وتوقفت، وأنت -ولله الحمد- بدأت تصلي وتبت ورجعت إلى الله تبارك وتعالى، وسوف يبارك لكم الله في هذه العلاقة، لأنها جاءت بعد توبة نصوح، ولكن عندما تريد أن تعيد الأمور أو تفكر وتكون قد تهيأت فعلا للزواج.
ونحن لا ننصح لأي شاب في الاستعجال، نريد للشاب أن يهيأ ما استطاع، ويتهيأ للزواج، ثم بعد ذلك يطرح الفكرة على أسرته، ويطلب منهم التعرف على الفتاة، ثم يتقدم لخطبتها، ثم يسأل عنها وعن أهلها، ثم بعد ذلك يطلب الرؤية الشرعية، فإذا حصل الوفاق، فالأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وحصل الوفاق بين العائلتين، فعند ذلك نقول: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) وعند ذلك هو خير البر عاجله، فالإنسان يكمل هذه المراسيم.
وأنصح الجميع في هذه الحالة أيضا بأن يخفوا ما كان من أمر العلاقة الأولى، وتستروا على أنفسكم وقد ستر الله عليكم لما كنتم في المخالفة، فأبشروا بتوفيق الله لما أقبلتم على طاعته، وعلى كل أمر يرضيه، لأن هذه من النقاط المهمة، فلست مطالبا أن تعترف لأحد أو تقول لأهلك (كنت على علاقة) أو هي تقول لأهلها، بل الشريعة تدعوكم إلى الستر والمبالغة في الستر على أنفسكم في ذلك التقصير وفي غيره، فالإنسان ينبغي أن يستر على نفسه، ولا يفضح نفسه؛ لأن الشريعة دعوة إلى الستر، الإنسان يستر على نفسه ويستر على الآخرين.
فتحاول أن تبدأ علاقة على أسس صحيحة وفق الضوابط التي أشرنا إليها، وبعد ذلك وقبل ذلك تجتهد في أن يكون همك الطاعة، وتأسيس بيت على ما يرضي الله تبارك وتعالى، وليس هناك أي مانع شرعي من تأسيس هذا البيت طالما كان الميل موجودا، وطالما كانت الثقة -ولله الحمد- متبادلة، وهذا توفيق من الله تبارك وتعالى لكم، ونسأل الله أن يوفقك وأن يقدر لك ولها الخير، وأن يجمع بينكما على الخير، وأن يعينكما على تأسيس بيت مسلم يطاع فيه ربنا تبارك وتعالى، وأن يعينكم وإيانا على السداد والثبات، هو ولي ذلك والقادر عليه.