السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا كل الخير على هذا الموقع المرشد لنا وللشباب في عصر الضياع والفتن.
مشكلتي هي: أنا شاب أشعر أو أنا على يقين بأن أمي لا تفهمني بكل الأمور، كلما أفتح موضوعا للمناقشة معها فإنها تغيره، وخاصة في الرزق، تقول نحن سنتحسن ونحن جالسون في البيت، كيف؟!
وتقول الرزق على الله، كيف بدون الأخذ بالأسباب؟! أنا أقول لها دعينا ندخل في مشروع يدر لنا الأموال أو نسأل هنا وهناك، تقول لا، أنا ادع الله بالرزق فقط بدون عمل.
ماذا أفعل؟ أقول لها نحتاج لسيارة لكي تنقلنا، فنحن في منطقة لا يوجد فيها مواصلات، تقول لا، ستأتي السيارة بالوقت القادم، كيف ونحن جالسون؟!
جزاكم الله خيرا كيف أتكلم معها، وهي لا تفهمني وأتجنب أي كلام معها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الكريم، ونريد أن نبين لك أننا في خدمة شبابنا، وشرف لنا أن نكون في خدمة الشباب وفي خدمة الكبار والصغار، ونسأل الله أن يعيننا على هذا العمل، وأن يجعل الأعمال خالصة لوجهه الكريم.
ثانيا: نشكر لك هذا الحرص على البر وهذا القرب من الوالدة، ونسأل الله أن يعينك أيضا على إقناعها بما هو صواب وبما هو حق، وقد أحسنت فكل شيء لابد له من سبب، والله أمرنا بفعل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب، وهو الذي قال: {وهزي إليك بجذع النخلة} ولو شاء لأعطاها من غير أن تهز، ولكن كل شيء له سبب، فالإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.
إذا كانت الوالدة تصر على أن الدعاء وأن الرزق سيأتي هكذا، طبعا هذا غير صحيح، ولكن من البر للوالدة أن تقول (ما شاء الله، صدقت، وإن شاء الله عليك بالدعاء يا والدتي، ونحن علينا بالسعي) يعني هذا هو المطلوب، هي تواصل الدعاء وتجتهد في الدعاء، ولدعائها أثر وبركة في الرزق، وفي برها أيضا بركة في الرزق كما هو معروف، لكن لابد من عمل، ولابد من بذل للأسباب، ولابد من أن يتحرك الإنسان، فإن الله قال: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} فإن الله قال: {فإذا قضيت الصلاة} لم يقل اجلسوا في البيوت يأتيكم الرزق، وإنما قال: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} فما ذهبت أنت إليه هو الصواب.
لكن الآن نحن نتكلم عن ضرورة مناقشة الوالدة في هدوء وفي حكمة، وتطييب خاطرها والثناء على كلامها، لكن تفعل الأسباب، ومع ذلك تجتهد، تقول: (يا والدتي نحن سنعمل وأنت عليك بالدعاء ودعوتك مستجابة، وأنت على العين والرأس، وأنت أمنا، برنا بك أجر ودعاؤك لنا سيكون بركة لنا في أرزاقنا) بهذه الطريقة، نحن لا نريد للشباب ولا نريد لأي إنسان إذا كان الوالد أو الوالدة يقول كلاما غير صحيح أن يقف أمامه ويقول (لا هذا غير صحيح، وأنت ما تفهم، وأنت ما تعرفين، ونحن أعلم منكما) طبعا هذا مرفوض وإن كان كلام الوالد غير صحيح.
المطلوب هو مجاراتها في الكلام وتشجيعها على حسن الدعاء وكثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، والاستفادة أيضا من جانب التوكل على الله تبارك وتعالى، فإن الكبار عندهم مثل هذه المعاني، والإنسان حقيقة مطالب أولا بأن يفعل الأسباب، ولذلك قالوا (ترك الأسباب جنون) يعني الذي يريد أن ينجب أولادا دون أن يتزوج مجنون، الذي يريد أن يحصد دون أن يزرع مجنون، قالوا (ترك الأسباب جنون) لكن لا تقل هذا الكلام للوالدة، لأن هذا يدخل عليها الحزن.
ترك الأسباب جنون، والتعويل على الأسباب خدش في التوحيد عمل لا يكون، أيضا ما يجوز للإنسان أن يقول (طالما عملت فسيأتني الرزق)، (طالما اجتهدت سأكسب)، (طالما تجارت لابد أن أربح) لا، أنت تربح إذا قدر الله لك الربح، أنت تنجح إذا قدر الله لك النجاح، فالإنسان يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ويرضى بما يقسمه الله وما يقدره الله تبارك وتعالى.
الذين يظنون أنهم كسبوا بعملهم وأنهم إذا عملوا سيكسبون دون أن يقولوا إن شاء الله، دون أن يتوكلوا على الله، أيضا هذا خطأ، ولذلك قارون قال: {إنما أوتيته على علم عندي} نسي توفيق الموفق، فكان الجزاء {فخسفنا به وبداره الأرض}.
ما كل عامل مرزوق، لذلك نحن بحاجة إلى التوكل الذي عند الوالدة، وبحاجة إلى العمل الذي عندك، فالتوكل الذي عند الوالدة مع العمل بالأسباب، والتوكل الذي عندك أنت مع العمل بالأسباب هو الذي ينزل علينا الرزق من الكريم الوهاب إذا قدره سبحانه.
على الإنسان أن يفعل السبب، وعليه أن ينتظر التوفيق من مسبب الأسباب، من الوهاب سبحانه وتعالى.
إذن الأمر يحتاج منك إلى تعامل بحكمة، ولا تقعد إذا طلبت الوالدة منك القعود عن العمل، أو ترك العمل، أو ترك المحاولات، لكن قبل أن تدخل تجارة أو عمل من اتخاذ الأسباب أيضا أن يكون الدراسة جيدة، أن تكون هناك دراسة لها جدوى، أن يكون التخطيط سليما، أن يكون التخطيط صحيحا، أن يمشي الإنسان بخطوات ثابتة، ثم يتوكل على الله تبارك وتعالى، لا يرمي أمواله ويدخل مجال التجارة دون معرفة ودون استشارة ويقول سأربح، لا، لأن السوق هذا فيه تمسايح - كما يقولون - من يلعب على الناس، فالإنسان يتخذ الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وتطلب من الوالدة الدعاء، وتجتهد في برها، و تشكرها على رغبتها في أن تنتظر الخير من الله، في هذا الارتباط بالله، لأن هذا أيضا مفتاح من مفاتيح الرزق.
إذن عليك ببر الوالدة، وعليك أن تمشي معها في الكلام وتحسن الاستماع لها، وعليك أن تفعل الصحيح الذي يرضي الله، وأيضا يعلمه كل عاقل لفهمه لكتاب الله وفعله للأسباب.
عليك كذلك أيضا أن تواظب على الصلاة، أن تكثر من الاستغفار، أن تكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أن تكون في حاجة الضعفاء، أن تكون سليم الصدر، أن تكثر من الاستغفار، أن تستقيم على شريعة الله، أن تتقي الله... هذه كلها مفاتيح للرزق.
نسأل الله أن يوسع علينا وعليكم الأرزاق، وأن يغنينا بالحلال عن الحرام، ونشكر لك هذا التواصل، ونسأل الله أن يبارك في الوالدة، وأن يعينك على برها، وندعوك أيضا إلى فعل الصحيح الذي يرضي الله، مع إرضاء الوالدة والثناء عليها ومطالبتها بمزيد من الدعاء واللجوء إلى الله، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.