أعاني من الانطواء والوحدة، فهل هناك علاج لحالتي؟

0 611

السؤال

أنا أعاني من الانطواء والعزلة، ولا أحب الاختلاط بالاخرين، فوجود الآخرين من حولي يجعلني أشعر بالتوتر والقلق، وهذا يكون واضحا علي، فأنا لا أحسن التصرف، ولا أتقن اختيار الكلمات الملائمة عند حديثي مع الآخرين، الأمر الذي يزيد من توتري، حتى أنني فكرت مرات عدة بترك دراستي والجلوس في المنزل.

كما أنني دائما ما أشعر باليأس، وأعاني من الاكتئاب، وأنه لاشيء يجعلني سعيدة، وأشعر بأنه لا فائدة مني، وأنني من المستحيل أن أتغير، وأن حالتي ميؤوس منها.

فأخبروني ماذا أفعل؟ وهل هناك دواء لمثل حالتي بدون أعراض جانبية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الوحيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا.

أحيانا قد يكون هناك وجه آخر لنفس المشكلة النفسية التي يعاني منها الإنسان، فربما الوجه الآخر للانطواء الذي تتحدثين عنه هو الارتباك، أو الخوف، أو الرهاب من لقاء الآخرين، أو الذي يعرف بالرهاب الاجتماعي، وهذا الموضوع هام جدا، لأنه يعطينا مؤشرا قويا نحو التشخيص السليم، وبالتالي العلاج المناسب.

فتشخيص الرهاب الاجتماعي يحدد لنا أن العلاج ليس في تجنب الناس، وليس في ترك الدراسة والجلوس في البيت، فهذا لا يعالج الحالة، وإنما يزيدها شدة وعنادا على العلاج.

والسؤال، هل يمكن أن تخرجي من الحالة التي أنت فيها؟ الجواب نعم!
نعم يمكنك الخروج من هذه الحالة، وخاصة بعد فهم ما هو حاصل، واتخاذ الخطوات السليمة.

طبعا هناك احتمال أن تكون هناك تحت سطح الرهاب الاجتماعي حالة من الاكتئاب الذي ذكرته في سؤالك، وهو إما الاكتئاب بداية وليس له علاقة بالرهاب والخجل، والاحتمال الثاني، وهو ربما الأرجح، اكتئاب ثانوي ناتج بسبب الرهاب الاجتماعي والخجل والانطوائية والابتعاد عن الناس وقلة المشاركة معهم.

وهناك نوعان من العلاج، وأعتقد أن علينا السير فيهما معا:

الأول: العلاج السلوكي، وهو بداية اقتحام كل المجالات التي كنت تتجنبيها، فالتجنب لا يساعد، وإنما يجعل المشكلة تتفاقم كما ذكرت، وربما هو سبب الاكتئاب كما ذكرت.

والعلاج السلوكي يقوم على محاولة دفع نفسك للتواجد في هذه الأماكن والمواقف كتجمعات الأصدقاء، والحديث مع من حولك من الأسرة والآخرين، والذهاب إلى أماكن تجمع الناس، وكل المواقف التي اضطرك الرهاب الاجتماعي إلى تجنبها.

والعلاج الثاني: هو العلاج الدوائي، فهناك عدد من مضادات الاكتئاب، والتي يمكن أن تفيد في تحسين حالتك العاطفية أو المزاجية، وهي أيضا تساعد كثيرا في التخفيف من الرهاب الاجتماعي، وبحيث تشعرين بأنك أكثر جرأة وشجاعة في اقتحام الأماكن التي ورد ذكرها أعلاه.

ولابد في هذا من مراجعة الطبيب النفسي الذي يصف لك الدواء، ويساعدك أيضا في العلاج السلوكي الأول، حيث يمكن أن يضيف، وبحسب خبرته، شيئا من العلاج المعرفي السلوكي، حيث يمكن للعلاج المعرفي أن يرفع من ثقتك من نفسك عن طريق تغيير بعض الأفكار التي تكونت عندك خلال السنين، والتي تقف ربما وراء كل من الخجل والرهاب الاجتماعي والاكتئاب.

أرجو أن لا تقف "الوصمة" التي تترافق في مجتمعاتنا مع عيادة الطبيب النفسي، أو لا تقف هذه "الوصمة" عائقا أمام مراجعة الطبيب النفسي، وكما قال الحبيب المصطفى "ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، فإذا أصاب الدواء الداء، برئ بإذن الله" وما أحسب هذا الحديث إلا أنه ينطبق على أمراض البدن كما ينطبق على أمراض النفس، ومستقبل حياتك ربما يتوقف على هذه الزيارة، فلا تتركي الدراسة، وقومي بهذه الزيارة.

عافاك الله، وخفف عنك ما أنت فيه، وجعلك من المتفوقات السعداء في الدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات