كيف أكون على الطريق الوسط بلا إفراط ولا تفريط؟

0 332

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم, ورزقكم الفردوس الأعلى من الجنة, مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين, والصديقين, والشهداء, والصالحين, وحسن أولئك رفيقا, دون سابقة عذاب ولا حساب, إنه خير الرازقين.

أنا في 15 من عمري, كنت ضالة إلى وقت قريب, فهداني ربي جل جلاله بفضله ومنه وجوده وكرمه.

بدأت أشعر بعد ما أفعل أي شيء أني منشغلة عن الله عز وجل, مع أن ما أفعله حلال والحمد لله, أصبحت أكره الاحتفالات والزيارات, لا لأجلها هي وإنما لأجل الضيق الذي يعتريني بعدها, أشعر بعدها وكأني منافقة والعياذ بالله, قد أنسى خلالها قول أذكار المساء مثلا, أو أبدأ فيها ولا أكملها, أصبحت لا أهتم بها ولا أحب التنزه؛ لأني أرجع متضايقة, حتى وإن كنت سعيدة قبلها وأثناءها, بعدها أكون شيئا آخر, أشعر أني منغمسة في الدنيا والعياذ بالله, لا أدري كيف أعبر.

حتى إنني الآن أخاف أن يأتيني الجواب مطمئنا فتحتج به نفسي علي فأصير منشغلة فعلا -جزيتم خيرا- أريد أن أعلم أن الإسلام ليس كذلك, كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم يمزح ويضحك عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم, أريد أن أكون متوسطة, المشكلة أن هناك دائما مواقف تحدث معي ولا أدري كيف يكون التوسط فيها, فإن استشرت في موقف ما أجد موقفا آخر.

أعتذر عن كون الرسالة هكذا مبعثرة, فأنا لم أجهز لها, وأعتذر عن الإطالة, هدانا الله وإياكم إليه صراطا مستقيما, دعواتكم لي وللمسلمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نشكر لك -ابنتنا الفاضلة– تواصلك مع هذا الموقع، ونشكر لك هذا الدعاء، ونبشرك بأن الملك سيقول (ولك بمثل) فهذا دعاء لإخوانك بظهر الغيب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يجمعنا وإياك مع رسولنا وحبيبنا في فردوس ربنا الأعلى، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ثانيا: يسعدنا أن نهنئك بهذه العودة إلى الله وبهذا الرجوع إليه تبارك وتعالى، وهنيئا لك بهذه المشاعر النبيلة التي تدعوك إلى المواظبة على الطاعات والحرص على رضا رب الأرض والسموات، وهنيئا لك بهذا الشعور بالألم عندما تفشلين في إتمام الأذكار أو القيام بها في الصباح أو في المساء.

كل هذا دليل على أنك ولله الحمد على خير، ولكننا نريد أن ننبه وقد أحسنت، فالنبي -صلى الله عليه وسلم– كان يضحك مع الصحابة وكان يجلس معهم، ومع ذلك هو أتقى الناس لله, وأخشى الناس لله, وأكثرهم ذكرا لله تبارك وتعالى, من هنا لا بد أن نعلم أن انشغال الإنسان بالمشي, أو بالزيارات, أو بوجوده مع الناس، هذا لا يعني أنه في معصية، ولا مانع من أن يذكر ربه وهو يمشي، أن يذكر الله وهو قاعد، أن يذكر الله وهو على جنب، أن يتفكر في عظمة العظيم تبارك وتعالى في سائر أحواله، فإن المؤمنة تجعل حياتها من أولها إلى آخرها لله تبارك وتعالى.

ولا شك أننا ندعو كل امرأة إلى ألا تكثر الخروج من بيتها، لأن البيت هو حصن المرأة، وهو المكان الذي ينبغي أن تواظب على الجلوس فيه، لكن الشرع لا يمنع خروجها للزيارات، زيارة الأرحام، أو في بعض التنزه الآمن، الذي ليس فيه فتن أو معاص أو مخالفات، لأن الله يقول: {وقرن في بيوتكن} فإذا جلست في البيت تشغل نفسها بالطاعة، وإذا خرجت من بيتها فهي متسترة متحجبة متغطية، ليست متعطرة، وأيضا هي ساعية في طاعة الله تبارك وتعالى ترجو ثواب صلة الرحم، أو ترجو ثواب الترفيه على النفس، أو زيارة الزميلات، أو فعل الخيرات، والأبواب واسعة ولله الحمد، وهذا يدل على عظمة وجمال وكمال هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

وإذا شعر الإنسان بالتقصير فإن عليه أن يستغفر ربه الغفور، ويواظب على ذكر الله وطاعته، ويندم على ما سلف منه من تقصير، وهذا كله يؤجر عليه، وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن رجاع أواب إلى الله تبارك وتعالى.

فأنت ولله الحمد على خير، وسنكون سعداء في حال تواصلك مع الموقع لتوضيح مثل هذه المشاعر ومثل هذه الإشكالات، واعلمي أن الذي يدخل الحزن عليك هو الشيطان، لأن شغل الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله، فإذا اتهمك الشيطان بالتقصير، أو بأنك منافقة أو بأن توبتك ليست صادقة أو غير نصوح، فما عليك إلا أن تجددي التوبة، تكثري من الاستغفار، وتكثري من السجود لمالك الأكوان، واعلمي أن هذا العدو يندم إذا تبنا، ويتحسر إذا استغفرنا، يبكي إذا سجدنا لربنا تبارك وتعالى، فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، واعلمي أن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.

فكوني مع الله، واجتهدي في طاعة الله تبارك وتعالى، ولا تقصري في حق الوالدين، ولا في حق الرحم، ولا في حق الأخوات، ولكن ينبغي كذلك أن يكون هذا ليس على حساب الفرائض التي فرضها الله تبارك وتعالى، وعودي نفسك أن تكوني دائما ذاكرة لله في مشيك وفي سيرك وفي جلوسك وفي سائر أحوالك، حتى إذا كانت اليد تعمل في عمل فما المانع أن يشتغل اللسان بذكر الله وتسبيحه وتقديسه، وأحب الكلام إلى الله تعالى (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) إلى غير ذلك من الأذكار التي وردت في فضلها الآثار.

نكرر سعادتنا بهذا السؤال، ونكرر تهنئتنا لك بالتوبة وبهذه المشاعر النبيلة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات