أهلي يريدون إرغامي على القبول بخاطب لا أرتاح له، فماذا أفعل؟

0 556

السؤال

السلام عليكم.

أود سؤالكم عن شيء ما..

أنا عمري 34 سنة، وأهلي يريدون تزويجي من شخص لم أرتح له، ولا أريده، وهم يقولون لي: لا تقولي هذا السبب، فهو ليس مقنعا، كيف تقولين بأنك لم ترتاحي له وأنت لم تعرفيه بعد؟ وأنني إن لم أقبل به فسأندم عليه ندما شديدا، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ r m d حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونحن لك في مقام الآباء الناصحين والإخوة الحريصين على مصلحتك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ولا شك أن الأمر معروف، فالفتاة ما ينبغي أن تجبر على رجل لا تريده، لأن الإقبال، والقبول، والرضا، والميل، والتوافق، هذه شروط أساسية في الرجل الذي يتزوج بالفتاة، وإذا كانت الفتاة قد رفضت رجلا صاحب دين، وصاحب خلق، وفيه خير، فإن الأسرة ينبغي أن تسعى في إقناعها، وتجتهد في عرض محاسن الرجل، وترغيبها فيه، ولكن ليس لها بالأخير في نهاية المطاف أن تجبرها الأسرة على رجل لا تريده، مهما كان صلاح هذا الرجل، ومهما كان الخير الذي فيه، طالما هي تجد نفورا في نفسها، ولا ترتاح لهذا الشخص، لأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.

ولكننا والأهل نريد أن نقف معك وقفة..

فإن النفور من الرجل قد يكون له أسباب واضحة تقتنع بها الفتاة، وهي أسباب مرجحة، وتجعل هذا النفور أصيل وثابت وراسخ في نفسها، ففي هذه الحالة نحن نؤيد الفتاة في موقفها، ولا نريد أن تخوض تجربة هي لها كارهة، وهناك أسباب معدودة: (واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة)، ومعروفة لسبب هذا النفور، ومن الصعب إزالة هذه الأسباب، ففي هذه الحالة نعطي الفتاة الفرصة.

أما إذا كانت الفتاة ليس لها عذر، وليس في هذا الرجل عيوب ظاهرة، ونفورها هذا محض نفور، فإننا عند ذلك ندعوها إلى الكثير من المراجعة، وإلى التعوذ بالله تبارك وتعالى من الشيطان الذي يريد أن يحول بينها وبين الحلال، ونريد أن تبصر نهايات الطريق.

كذلك إذا كانت العيوب قليلة وطفيفة – التي تشير إليها – فإننا نعلم بناتنا، ونذكر أنفسنا، بأنه لا يوجد شخص –رجلا كان أو امرأة – ليس عنده عيوب وليس فيه نقائص، ولذلك فأي إنسان فيه نقائص وفيه عيوب، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟! وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه.

من هنا فنحن ندعوك إلى مراجعة النفس، وإلى محاولة تذكر إيجابيات هذا الرجل، وتضخيم هذه الإيجابيات، والنظر إليها، والتأمل فيها، ثم بعد ذلك لا مانع من وضع السلبيات في كفة، وتذكري كذلك أنه لا يوجد إنسان يخلو من السلبيات، ثم عليك بعد ذلك أن تنظري في نهايات الطريق، فما هي الفرص المتاحة؟ وهل هناك فرص يمكن أن تأتي؟ وهل البنات أمثالك يجدن فرصا، أو تزوجن، أو هناك فرص تلوح في الأفق؟

فلابد أيضا أن ينظر الإنسان نهايات الطريق، وينظر إلى البدائل، ثم انظري إذا رفضت هذا الرجل فما هو البديل؟ وهل الأسرة سترضى؟ وما هي ردود الفعل المتوقعة؟ وما هو وضع البيت؟ وما هو مستقبلك مع هذه الأسرة؟ يعني لابد أن تكون النظرة شاملة، حتى يكون القرار صحيحا.

ثم بعد ذلك لابد من أن تستخير الفتاة ربها، وتصلي صلاة الاستخارة، وهي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، فدائما المؤمنة في استخارتها تقول: (اللهم إن كنت تعلم أن في هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي، ومعاشي وعاقبة أمري أو عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به).

والاستخارة من الأمور المهمة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يعلمها لأصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن.

ونتمنى أيضا في حالتك هذه أن تشاوري العمات والخالات والقريبات، وتشاوري المحارم، وتأخذي رأيهم، فإن الرجال أعرف بالرجال، وهؤلاء الكبار في السن فيهم عقلاء وعاقلات، والإنسان يستأنس برأيهم، وينتفع بوجهة نظرهم، حتى لا يتخذ قرارا يندم عليه في مستقبل الأيام.

ولكننا نريد أن نقول في الأخير وفي نهاية المطاف: بعد هذه المحاولات، أنه من حق الأهل أن يجتهدوا، ومن حقهم أن يكلموك في شأن الرجل، وأن يطلبوا منك القبول، لأنهم في النهاية يطلبون مصلحتك، ويريدون لك الخير، فأيضا ينبغي أن تعتبري هذا، ولا نتصور أن الأسرة من الآباء والأمهات ومن حول الإنسان يريدون له الشر، فكلهم يريدون لك الخير، ووجهة نظرهم معتبرة، ولكن في النهاية بعد أن تفكري في كل هذه الأمور، فمن حقك أن تتخذي القرار المناسب وبهدوء، واحرصي على بر الآباء والأمهات، وإرضائهم في كل الأحوال.

ونسأل الله أن يسهل لك الأمر، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات