السؤال
أنا شاب عمري 18 سنة، منذ فترة طويلة (سنتين أو أكثر) بدأت أدخل بعض المواقع وأحمل مقاطع جنسية -أعوذ بالله- وأصبحت غير قادر على تركها مهما حاولت، حاولت حجب المواقع وبدون فائدة؛ لأنني لا أستطيع حجب كل المواقع، حاولت ألا أدخل النت أصلا.
لكن النت أصبح أسهل ومجانيا وبالموبايل، لا أستطيع أن أمنع نفسي مهما حاولت، أرجوكم أريد الحل لمصيبتي، أصبحت أمارس العادة يوميا، وتركت الرياضة، وضعف معدلي الدراسي كثيرا، ساعدوني بأسرع وقت، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك. كما نسأله تعالى أن يجعلك من المسلمين المتميزين الذين يكونون سببا في إقناع غير المسلمين بالدخول في الإسلام، وأن يجعلك من العلماء العاملين والأولياء الصادقين، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فإن قرار دخولك إلى المواقع الإباحية قرار شخصي، أليس كذلك؟ فأنت الذي قررت أن تدخل إلى هذه المواقع وقررت أن تحمل هذه الأشياء وأن تشاهد هذه الأشياء المحرمة، إلى غير ذلك من التصرفات، وأنا لا أعتقد أن هناك أحد أجبرك بالقوة على الدخول لهذه المواقع ومشاهدتها، وبذلك نتفق على أنك أنت الذي فتحت النار على نفسك، واعلم -ولدي حسن- أنه لن ينقذ حسن من النار إلا حسن نفسه، فكما أنك أخذت قرارا بالدخول إلى هذه المواقع ومشاهدتها فعليك أن تأخذ قرارا بتركها.
تقول أنك حاولت ولم تستطع، أقول لك: هذا من عمل الشيطان، صدقني لو أنك كنت جادا -يا ولدي- وأنك فعلا تريد التوبة لأمدك الله تبارك وتعالى بمدد من لدنه، ولكن لأنك تتوب توبة رخوة ليست جادة ولا صادقة فإنك تجد نفسك ترجع مرة أخرى إلى تلك الأشياء وتقول بأنه يستحيل أن تتركها وأنك لا تستطيع ذلك. أقول لك -يا ولدي- صدقني، لو أن هذا الأمر مستحيلا لما كلفك الله تبارك وتعالى به، ولو أنه مستحيل لما تاب هؤلاء الشباب الذين تركوا هذا الأمر حياء من الله تبارك وتعالى وخوفا من عذابه، فكلمة مستحيل هذه ليست صحيحة، وكلمة أنك لا تقدر هذه ليست صحيحة أيضا، أنت تستطيع أن تفعل ذلك، ولكنك لم تعزم عزما أكيدا.
عليك أن تجلس مع نفسك جلسة صادقة، وأن تحاول أن تقول لنفسك ( إلى متى يا نفسي هذه المعاصي؟ وإلى متى هذه الغفلة؟ وإلى متى الدخول إلى تلك المواطن المحرمة؟ لا بد أن أتوقف) توضأ وصل ركعتين بنية التوبة، وعاهد الله تعالى على أنك لن ترجع إلى ذلك أبدا، وحاول أن تخرج الجهاز من غرفتك الخاصة، وأن تجعله في مكان عام، حتى تستطيع أن تقضي على استحواذ الشيطان عليك أو تسويل الشيطان لك، لأن النبي أخبرنا -عليه الصلاة والسلام- بقوله:( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)، يعني البعيدة عن القطيع هي التي عادة يأكلها الذئب، كذلك البعيد عن الناس هو عادة الذي يستحوذ عليه الشيطان.
فعليك بأخذ هذا القرار، يجب أن قرارا شجاعا وقويا، وأنا واثق أنك على ذلك قادر -بإذن الله تعالى- خذ قرارا بالتوقف نهائيا عن الدخول إلى هذه الأشياء، وكلما شعرت بالضعف أو بالرغبة اترك الغرفة واخرج، وأكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حتى تذهب عنك هذه الرغبة.
أنا معك أنك ستتعب في أول الأمر، لأن الأمر ليس سهلا، وسوف تقاوم مقاومة عنيفة وشرسة، ولكن في نهاية المطاف سوف ينصرك الله تبارك وتعالى، لأن الله قال:{ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}، والله تبارك وتعالى قال:{ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون* الذين آمنوا وكانوا يتقون* لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، فعليك بترك ذلك كله ابتغاء مرضاة الله وحياء من الله، واعلم أن هذه المعصية شؤمها عظيم، لأنها قد تدمر الذاكرة، وقد تضعف الذكاء، وقد تضعف البدن، وقد تضعف البنية، وقد تؤدي إلى أمراض عظيمة لا يعلم بها إلا الله، وفوق ذلك عندما ستتزوج ستشعر بأنك غير قادر على إتيان زوجتك الحلال الطيبة؛ لأنك أصبحت ضعيفا نتيجة الإسراف في استعمال هذه العادة المحرمة، فعليك بأخذ القرار الشجاع.
ولدي حسن: أقول لك واسمعني -وأرجو أن تسمعني بقلبك وعقلك- خذ قرارا شجاعا بالتوقف من أول قراءتك لهذه الرسالة وقل ( لن أعود إلى ذلك بإذن الله تعالى- مطلقا)، واترك الأمر لله سبحانه وتعالى، وحاول -بارك الله فيك- أن تستغل أوقات فراغك في المذاكرة وفي شيء نافع وهادف، بمعنى ألا تجلس وحدك حتى لا يستحوذ عليك الشيطان، وإنما عليك إذا كانت هناك أماكن للمذاكرة أن تذهب للمذاكرة مع إخوانك، المهم أن تذاكر أولا بأول، وأن تجتهد في ذلك، وبإذن الله تعالى سوف تكون من المتميزين ومن الموفقين ومن المتفوقين بإذن الله تعالى- لأن الله لا يضيع أهله، وما دام الإنسان صالحا مستقيما فإن الله يمده بمدد من لدنه، وعد الله لا يخلف الله وعده، وعد الله لا يخلف الله الميعاد.. أسأل الله لك التيسير والسداد، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.