السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع، وعلى المجهودات المبذولة لوجه الله.
أنا امرأة متزوجة وأم لثلاثة أطفال، تخرجت من كلية الهندسة وكنت الأولى على دفعتي كل عام, تم تعييني معيدة بالكلية، وبدأت في تخضير رسالة الماجستير, تزوجت وأنجبت أول طفل قبل أن أنتهي منها، ولكن الحمد لله وبعد معاناة وسهر ناقشت الرسالة وأنا حامل في طفلي الثاني, ثم بدأت في الدكتوراة.
سافر زوجي للعمل في دولة عربية ثم أخذت إجازة من العمل وانتقلت أنا والطفلان معه، حتى ذلك الوقت لم يكن هناك مشكلة، وكنت أذاكر لتحديد نقطة البحث.
المشكلة بدأت عندما طلب زوجي مني طفلا ثالثا تناقشنا كثيرا وتشاجرنا مرات، وفي النهاية وحتى لا أشعر بالذنب قررت أن أترك وسيلة منع الحمل، ودعوت الله لو كان في حملي خير يرزقني به، وبمجرد أن سجلت نقطة البحث في بلدي اكتشفت أني حامل، وعدنا لمواصلة العام الدراسي مع زوجي في الخارج.
منذ هذا اليوم لم أتمكن من المذاكرة لمدة أكثر من ساعة إن وجدت هذه الساعة, حملي صعب، كنت بالصعوبة ألبي احتياجات الطفلين، وبعد الولادة الأمر أصبح أصعب، سئمت من تقديم الاعتذارات للمشرفين, الوقت ليس في صالحي، لدي مدة محددة لإنهاء الرسالة فيها، وإلا سأفقد وظيفتي وأتحول لوظيفة إدارية .
طفلي الثالث الآن عنده عام وسبعة أشهر، ولكن نومه غير مستقر وكثير القلق، أحيانا أشعر بالحزن لعدم إتمامي دراستي، ولكن في كثير من الأحيان أشعر بالرضا لاختيار الله، وأشعر أن هذا الطفل الجميل المعافى أحسن من أي دراسات، وهذا الشعور يجعلني أفكر أن أستسلم من الآن بدلا من إضاعة الوقت في شيء صعب إكماله في هذه الظروف، ولكن هذه الأفكار لا ترضي زوجي، ولا أحد من أهلي، الكل يريد أن يراني دكتورة، والكل يشجعني ولكن ماذا أفعل؟!
لقد انتهت المدة المحددة لي بالفعل، ولكن لأني في إجازة تمكنت من الحصول على مدة لعامين، وهناك احتمال أن أمد لعام آخر بموافقة رئيس الجامعة، ولكن لا تكفي هذه السنين مع معدل عملي البطيء جدا.
آخر شيء فكرت فيه أن أدخل طفلي الصغير حضانة في الوقت الذي يكون إخوته بالمدرسة، ووافق زوجي رغم أنها مكلفة جدا، ومع ذلك كلما هممت بهذا الأمر أتراجع وأشعر بتأنيب ضمير، وخاصة أن شهور البرد بدأت تقبل علينا.
ماذا لو ذهب للحضانة ولم أتقدم في دراستي، لأن المشكلة الثانية أنني أعمل وحدي، لا يوجد من يوجهني لأني بعيدة عن المشرف، ووقته مشغول جدا، نقطة البحث أصبحت قديمة، وما نويت أن أبحثه ربما انتهى منه غيري.
أشعر بالحيرة، وأريد من يوجهني ويشعر بما لدي من مسؤوليات في بيتي، ما هو الأهم الدكتوراه ووظيفتي الجامعية أم وظيفتي كأم؟
إن هذا الأمر يجعلني متوترة وعصبية في تعاملي مع أولادي، وهم ليس لهم أي ذنب، هل أنا ليس لدي طموح كما يتهمني زوجي أم أنني أعيش الواقع كما هو، ولا أحب التعلق بالمستحيل؟ وهل لا يوجد شيء مستحيل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ابراهيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام والتواصل، ونهنئك بالنجاح والتفوق في الجامعة وفي هذه الكلية الهامة والمهمة، ونهنئك كذلك بالتوفيق في الحياة الزوجية، ونهنئك بهؤلاء الأطفال الصغار الذين نسأل الله أن يجعلهم قرة عين لك.
ونذكرك بأن شكر نعم الله تعالى مفتاح لكل نجاح ولكل فلاح، وأن الإنسان إذا شكر ربه نال المزيد من الله تبارك وتعالى، ونشكر لك أيضا فكرة السؤال، فالأمومة غالية، وكذلك التأهيل العلمي، وهؤلاء الأطفال يحتاجون إلى أم متعلمة سيفخرون بشهاداتها ويفخرون بتعليمها وينتفعون من دراستها، وأيضا سيكون في هذه الدراسة عون لهم على وضع اجتماعي وثقافي واقتصادي أفضل بحول الله وفضله ومنه.
ولذلك نحن ندعوك الآن إلى أن تواصلي المشوار، والصواب أن توفقي بين هذه الرغبات التي ربما تظهر متضاربة، ولكن نعتقد أن الأمر ليس مستحيلا، بل عندنا تجارب كثيرة لمن حاولن ونجحن خاصة في ظل هذه الجامعة الكريمة السخية التي أعطتك الفرص تلو الفرص، وهذا يدل على حرص الجامعة لأن تكملي المشوار، بالإضافة إلى حرص زوجك على إكمال المشوار، وحرص أسرتك على إكمال المشوار، ونحن بدورنا ننصح على أن تكملي المشوار، لأن الإنسان إذا توقف خاصة في هذه المرحلة سيكون هذا مستقبلا بكل أسف مصدر للندم ومصدر للتأسف، والإنسان ينبغي أن يكمل المشوار العلمي، ثم بعد ذلك إذا أراد أن يتوقف توقف والشهادة في يده، أما أن يقطع المشوار العلمي في منتصف الطريق فهذا ما لا ننصح به بتاتا.
وأظن وأعتقد أن البنت يمكن أن تكون لفترة الحضانة وإخوانها في المدرسة، سيكون عندك وقت كافي إذا نظمت هذا الوقت المتبقي، فلا تضيعي الوقت في الحيرة، ولا تضيعي الوقت في التفكير والتحسر والتأسف، لأن هذا لا يقدم ولا يؤخر، بل كوني عملية، وحاولي أن تستفيدي من كل الفرص المتاحة، ونعتقد أن الفرصة التي أعطيت لك فرصة زمنية كبيرة وطويلة، وسيحصل فيها الخير - بإذن الله تعالى – فتوكلي على الله واستعيني به، وأرجو أن يكون للزوج أيضا حضور ومساعدة ومشاركة في التربية، كما أرجو أن يكون لأسرتك أيضا حضور ومشاركة ومساعدة في تربية هؤلاء الصغار، وكثير من البنات تقوم الأسرة – أسرة الزوج أو أسرة الزوجة – بمثل هذه الواجبات، وأيضا الرجل يستطيع أن يساعد في مثل هذه الأمور طالما كانت الأهداف مشتركة، وطالما كان الجميع حريصا على تحقيق هذه المصلحة، والإنسان لا يندم على التأهيل العلمي، ولا يندم على الدراسة، بل سيسعد بها، ونهمس في أذن الزوج ونتمنى له أن يكون له دور ومشاركة، وليس بمجرد تشجيع، لكن يكون له دور في تربية ورعاية هؤلاء الصغار في الفرص المتاحة له، وفي العطلات، وفي أوقات أخرى، حتى تستطيعي أنت إكمال المشوار.
ولا نعتقد أن البعد سيكون عائقا في زمن النت وهذا التواصل السهل وزمن المعلومات الميسورة والوساطات التي أصبحت قريبة بفعل الطيران، فنحن في عصر السرعة، فلا أعتقد أن هناك مشكلة في مسألة التواصل مع المشرف أو الاستفادة من التوجيهات أو إلى غير ذلك من الأمور، فاستعيني بالله وتوكلي عليه، واحرصي على أن تتقي الله، فإن من يتقي الله يجعل له من أمره يسرا، ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، واترك التردد، فإن الوقت يضيع في التردد، ولا تقولي لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن عليك أن تمضي إلى الأمام، وتتخذي الخطوات العملية، وتبذلي المجهود الذي تستطيعيه، وستجدي وقتا كبيرا جدا إذا نظمت ووزعت الأدوار، وتنازلتم كأسرة عن بعض الكماليات، هذه كلها أمور - إن شاء الله تعالى – ستعين على إكمال هذا المشوار، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.