السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أسأل الله العظيم أن يجازيك عن عونك لإخوانك المسلمين الجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، وأرجو أن يتسع صدر فضيلتك لاستفساري.
عمري 27 عاما، ابتليت -ولله الحمد على كل حال- منذ سنتين بما أسماه الطبيب النفسي اختلال الواقع، ونوبات الهلع والقلق، فوصف لي منذ 10 أشهر دوائين اثنين هما:
- Deroxat 20mg: حاليا بمقدار نصف حبة يوميا بعد أن كانت حبة كاملة.
- Alprazolam 0.5mg: حاليا بمقدار حبة ونصف يوميا بعد أن كانت حبتين.
زالت عني كل الأعراض (ارتفاع الضغط المفاجئ لثوان، الهلع، الأرق، ضيق وتنمل الصدر، طنين الأذن، الخوف من المرض) علما أني قمت بإجراء جميع الفحوصات (عمل القلب والرئتين، وتحليل الأمراض التي تكتشف عن طريق الدم، وكهرباء المخ، والمعدة والأمعاء) وجاءت سليمة، -ولله الفضل والشكر الكثير- منذ ما يقرب الستة أشهر بعد أن من الخالق الباري علي بالاستقامة على المنهج، فوجدت في قراءة القرآن، وقيام الليل، والصوم، وطلب العلم انشرح القلب ودفائه.
ما زلت أحس بما سماه غربة الواقع لكني أكاد لا أعيره اهتماما، وأحتسب أجر الصبر، فبسطوع نور الإيمان في القلب تغيرت طريقة التفكير، وضل معها هذا الأمر.
سؤالي لفضيلتكم: كيف أقلع عن الأدوية النفسية المسببة للإدمان؟ علما أني حاولت فلم أستطع حيث انقطعت عنها لمدة 3 ليال فاشتد بي الحال.
أعتذر عن الإطالة، وأسأل فضيلتكم الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأشكر لك كلماتك الطيبة، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
أيها الفاضل الكريم: قلق المخاوف ظاهرة منتشرة، واختلال الواقع أو ما يسمى باضطراب الأنية هو جزئية تحدث مع نوبات القلق والهلع، المسمى مزعج للناس (اختلال الواقع) أو (التغرب عن الذات)، لكن هو أصلا ليس أكثر من قلق، فأرجو ألا تنزعج كثيرا حول هذه المسميات، اعتبر نفسك في حالة قلق المخاوف، وهذه بالطبع تعالج - كما تفضلت وذكرت - من خلال الإصرار على التحسن، انتهاجك المنهج القويم، والاستعانة بتلاوة القرآن وقيام الليل والصوم، لا شك أنها دعائم عظيمة، ولك ثواب الآخرة -إن شاء الله تعالى- أنت اجتهدت في أن تنقل نفسك، وتجعلها نفسا مطمئنة، وهذا لا شك أنه سوف يقضي تماما على قلق المخاوف.
يجب أن تكون أيضا حريصا على ممارسة الرياضة، الرياضة لها فعالية خاصة جدا في علاج مثل هذه الحالات، ويجب أيضا أن تتعلم كيف تسترخي، الاسترخاء وطريقة تطبقه علم من علوم النفس المحترم جدا.
هنالك عدة طرق للتدرب على الاسترخاء، أبسطها هي طريقة: الجلوس في مكان هادئ، ثم أخذ نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف، ثم مسك الهواء في الصدر، ثم إخراج الهواء عن طريق الفم ببطء، يكرر هذا التمرين عدة مرات، وهنالك تمارين قبض العضلات ثم إطلاقها.
لو وجدت أخي الكريم مختص ليدربك على هذه التمارين هذا سوف يكون جيدا جدا، وإذا لم تتحصل على المختص فأرجو أن ترجع إلى استشارة بإسلام ويب تحت رقم (2136015) سوف تجد فيها بعض التعليمات والتوجيهات والإرشادات التي -إن شاء الله- تقودك إلى تطبيق هذه التمارين بصورة صحيحة من أجل الاستفادة منها.
العلاج الدوائي: أفضل طريقة للتخلص منه هو تثبيت المناهج السلوكية التي تحدثنا عنها سلفا، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: ليست كل الأدوية إدمانية، وليست كل الأدوية مضرة، بل بعضها يكون مطلوبا لفترات طويلة من أجل الوقاية من المرض، مثلا عقار (Deroxat) عقار سليم وجيد وفاعل جدا، والـ (Alprazolam) أيضا ممتاز، لكن يجب أن يكون لفترات قصيرة.
أنا أريدك الآن أن ترفع جرعة (Deroxat) وتجعلها حبة كاملة، وتجعل جرعة الـ (Alprazolam) نصف حبة صباحا ومساء – أي ربع مليجراما صباحا ومساء – تستمر على هذه المنهجية لمدة شهر، بعد ذلك تخفض الـ (Alprazolam) إلى ربع مليجراما مساء لمدة أسبوعين، ثم تجعله ربع مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم ربع مليجراما كل ثلاثة أيام مرة واحدة لمدة أسبوعين أيضا، ثم تتوقف عنه تماما، وتستمر على جرعة (Deroxat) كما هي – أي حبة واحدة في اليوم – وهذه أفضل أن تتناولها على الأقل لمدة ثلاثة أشهر بعد التوقف الكامل عن الـ (Alprazolam) بعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة – أي جرعة الـ Deroxat - إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم نصف حبة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول العلاج.
في بعض الأحيان قد ينتج من الـ (Deroxat) نوع من الأعراض الانسحابية، لكن انتهاج المنهج التدرجي الذي ذكرناه سوف يجنبك - إن شاء الله هذا - العرض، وإذا حدث هذا العرض - بالرغم من هذا التدرج البطيء في التوقف عن الدواء – هنا نقول: يستبدل الـ (Deroxat) بعقار بروزاك، والذي يعرف باسم (فلوكستين). البروزاك قريب جدا من الديروكسات، لكنه يتميز بوجوده إفرازات كيميائية ثانوية تجعل الآثار الانسحابية غير موجودة مطلقا.
فإذن أخي الكريم: الحلول موجودة، -والحمد لله- أنت لديك إرادة التحسن، وهذا شيء حقيقة يحسب لك ويحمد لك.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.