الآلام الجسدية مع تشتت في التركيز وخمول، هي مشكلة نفسية

0 490

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 15 سنة، أعاني من آلام شديدة في كل جسمي ومفاصلي، أشعر بالتعب الشديد عند الكتابة أو الدراسة، أو عند ممارسة أي عمل، ولو كان بسيطا، خصوصا في يدي اليمنى؛ لأني أستعملها في كل شيء تقريبا، ذهبت إلى طبيب عظام، لكنه لم يفدني بشيء، فالآلام لا زالت متواصلة، وعند الاستيقاظ من النوم أشعر بألم شديد جدا في جسمي وفي كل مفاصلي، كذلك لدي رعشة في اليدين تحديدا، وبشكل دائم، وفي كل الجسم عند البكاء، وتكون شديدة جدا، كذلك أشعر برعشة في الحاجب الأيسر والفم عند الابتسام، من الجهة اليسرى، وخصوصا عند الخجل.

شهيتي مفقودة، وأشعر بالغثيان دائما، أحيانا أشعر بالجوع فآكل، وبمجرد أن آكل قليلا تؤلمني بطني كثيرا، لدرجة عدم القدرة على الوقوف، وتؤلمني معدتي كثيرا لمجرد التحمس لشيء، أو الخوف أو الانتظار، ولأبسط الأشياء أحيانا!

أعاني من قلة النوم، أنام من 2 - 3 ساعات، وإذا استطعت النوم أكثر، مثلا من الثانية صباحا إلى السادسة صباحا لابد أن أستيقظ في المنتصف أحيانا مفزوعة، وأحيانا لانقطاع التنفس المفاجئ، وخصوصا في الليل، أو عند الحزن أو البكاء.

كذلك لدي آلام في الصدر والرأس، وأحيانا رأسي يؤلمني طوال اليوم، وأغضب لأبسط الأمور، وأتأثر سريعا، وأحيانا اشعر بهوس شديد تجاه شيء أحبه، لدرجة عدم السيطرة على المشاعر.

أخجل كثيرا، وإذا لمسني أو مسكني شخص من دون علمي يؤلمني المكان الذي أمسكني منه كثيرا، لدرجة أني أحاول التنحي بسرعة أو أدفع الشخص!!

أعاني من تشتت الذهن المستمر، والنسيان بطريقة سريعة ومروعة، ولأهم الأمور التي لطالما أحببتها ورددتها، أكثر من معلمة تصفني بالخمول هذا العام، بالرغم من أني أشارك في الحصة، ولا أهمل أيا من واجباتي، وهذا يجعلني اتأثر كثيرا؛ لأني أبذل جهدا، لكن الذي يحدث لي يؤثر علي، أبكي لمجرد التفكير في الموضوع، وأنا من المتفوقات جدا في المدرسة منذ صغري -والحمد لله-.

أنا فتاة كتومة جدا، ولا أخبر أحدا عن تفاصيل ما يحدث لي، أشعر بالحرج الشديد، وأشعر كذلك بأني أثقل على غيري، أحاول كثيرا ألا أظهر ما يحدث بالفرح والضحك الكثير، ونسيان الوضع، ولكني أتعب جدا من هذا.

أرجو تشخيص حالتي، وإخباري بتفاصيل ما يحدث لي، وكيفية العلاج، وأشكركم جدا على تعاونكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ضيـــاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن هنالك جوانب نفسية وكذلك جوانب جسدية من حيث طبيعة الأعراض التي تعانين منها، آلام الجسم والمفاصل أسبابها كثيرة جدا، لذا من الضروري أن تذهبي إلى الطبيب مرة أخرى، ليس من الضروري طبيب العظام، إنما طبيب الأمراض الباطنية، أو الطبيب المختص في أمراض الرطوبة ليقوم بفحصك فحصا كاملا، وأن تجرى لك بعض الفحوصات المخبرية، خاصة لمعرفة نسبة الرطوبة، وكذلك نسبة ومستوى فيتامين (د)، والطبيب أيضا سوف يقوم بإجراء ما يسمى (فحص الدم للترسيب)، هذه فحوصات أساسية وضرورية، وربما يطلب الطبيب المختص فحوصات أخرى، هذا لمجرد التأكد من طبيعة هذه الآلام الجسدية وآلام المفاصل التي تعانين منها.

الجانب الآخر – وأقصد بذلك الجانب النفسي – : أنت لديك قلق وتوترات ولديك مخاوف عامة، وقد أصابتك نوبة من الهرع أو الفزع في منتصف الليل، وهذه أيضا جزء من عملية القلق الذي يصيب الناس، القلق دائما يؤدي إلى عسر في المزاج، وقد يؤدي إلى شعور بالخمول، وضعف الأداء الأكاديمي أو قلة الرغبة فيه، وأنت -الحمد لله تعالى- من المتفوقات، وهذا شيء جيد وممتاز، من حيث الحالة النفسية نعتبر هذه الحالة حالة عابرة فقط، وعليك أن تساعدي نفسك بالمزيد من الجدية في إدارة الوقت، قسمي يومك تقسيما دقيقا، ويا حبذا لو قمت بكتابة جدولك اليومي، والذي يجب أن يشمل الاستيقاظ المبكر لأداء صلاة الفجر، ثم عمل التمارين الرياضية (إحمائية بسيطة) ثم بعد ذلك المذاكرة مثلا لمدة ساعة، ثم الذهاب إلى المدرسة، وبعد ذلك الحضور إلى المنزل وتناول وجبة الغداء، ثم أخذ قسط بسيط من الراحة، ثم إن كان لك مذاكرة أو مراجعات قومي بها، وبعد ذلك شاركي الأسرة في أي نوع من النشاط، ورفهي عن نفسك أيضا بمشاهدة برنامج تلفزيوني جيد (مثلا)، خصصي وقتا آخر للمذاكرة... وهكذا.

إذن حسن إدارة الوقت والإصرار على ذلك تحسن من طاقاتك النفسية، وتحسن من تركزك، وتزيل عنك الخمول والكسل إن شاء الله تعالى.

من المهم جدا أن تتجنبي النوم في أثناء النهار، ومن الضروري جدا أن تنامي مبكرا نسبيا، هذا مهم جدا، وأن تثبتي وقت الفراش، فاضطراب النوم ناتج غالبا من القلق وعدم تثبيت وقت النوم، كما أنه من المهم أن تتجنبي تناول المنبهات والميقظات مثل: الشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتة، لا تتناوليها مطلقا في فترة المساء، وعلك بتمارين الاسترخاء، ولدينا في إسلام ويب استشارة توضح وتشرح للإنسان كيفية أن يسترخي، لأن الاسترخاء من الضروريات الرئيسية لكبح جماح القلق والتوتر، وإشعار الإنسان بشيء من الطمأنينة الداخلية، وهذا يفيد كثيرا، وهي برقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتطبقيها بكل دقة، وإن شاء الله تعالى ستجدين فيها فائدة كبيرة جدا.

عليك بما نسميه بالوثبة الاجتماعية، أي انطلاقة اجتماعية إيجابية، وهذه تكون من خلال التواصل مع صديقاتك من البنات الصالحات والمتميزات، أن تكوني أكثر نشاطا داخل الأسرة، شاركي بالأفكار، شاركي بالأعمال، قدمي مقترحات جيدة لأسرتك، ولو كان هناك فرصة للانضمام لأي عمل خيري أو تطوعي خاص بالمرأة كوني على رأس ذلك. هذا يساعدك كثيرا ويشعرك بقيمتك الذاتية ويجدد نشاطك الذهني وكذلك نشاطك الجسدي، وإن شاء الله فيه خير كثير لك.

إذن خلاصة الأمر: أنت تعانين من حالة قلقية نعتبرها إن شاء الله عابرة، مع وجود اكتئاب ثانوي بسيط جدا، وفي ذات الوقت موضوع الآلام الجسدية وآلام المفاصل يجب أن يحدد من خلال إجراء الفحوصات اللازمة، علما بأنه في كثير من حالات القلق - وكذلك الاكتئاب – قد توجد آلام جسدية، لكن لا تكون متركزة حول المفاصل فقط، لذا كنت حريصا أن أنصحك بإجراء المزيد من الفحوصات كما أكدت لك مسبقا.

بصفة عامة: من هم في عمرك يجب أن يعيشوا على التفاؤل وعلى الأمل والرجاء، وكما تشاهدين الشباب الآن تغير دوره ويقوم بأدوار إيجابية جدا، فهنالك جدية، هنالك الفكر، وهنالك معرفة، وهنالك اطلاع، لم يعد الشباب مستكينا أو ضعيفا.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات