السؤال
لقد تركت العمل، وأخاف من الغد، فهل هذا مكتوب علي؟ وهل مكتوب لي أن أعمل في مكان أحسن منه؟
لقد تركت العمل، وأخاف من الغد، فهل هذا مكتوب علي؟ وهل مكتوب لي أن أعمل في مكان أحسن منه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمضان حمزاوي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوسع عليك الرزق، وأن يلهمك السداد والرشاد، ويسعدنا أن نذكرك وأنفسنا أن الله هو الرزاق، وأننا خلقنا للعبادة، والعظيم تكفل بأرزاقنا، وأمرنا بالسعي، فقال: {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} وقال سبحانه: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} ولم يجعل العظيم رزق العباد في شيء معين، ولكن الإنسان مطالب بالسعي، ولو أننا –يا ابننا– توكلنا على الله حق توكله لرزقنا كما يرزق الطير, تغدوا خماصا, وتروح بطانا ملئ البطون.
ماذا تفعل الطيور؟ هل عندها مزارع؟ هل عندها رواتب؟ هل عندها متاجر؟ لا، ولكنها سعت كما أمرها الله، بذلت الأسباب ثم توكلت على الكريم الوهاب، تخرج من أوكارها في الصباح فتعود البطون مليئة تحمل الخير لأطفالها ولنفسها، فالمؤمن إذن عليه أن يسعى، والله تبارك وتعالى كتب أرزاقنا ونحن في بطون أمهاتنا، لكن العظيم بحكمته ربط الأرزاق بالأسباب، فقال لمريم: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} ولو شاء أعطاها الرطب من غير أن تهز، ولكن كل شيء له سبب، من أجل أن يدرك الإنسان هذا المعنى العظيم.
ونحن حقيقة لا نشجع أي إنسان على ترك أي عمل يرزقه الله منه، لكن إذا حصل وترك العمل أو طرد من العمل أو فصل من عمله فما ينبغي أن يحزن، لأن الرزاق موجود، ولأن الله قد يغلق على الإنسان بابا يفتح عليه أبوابا، فتفاءل بالخير، وابذل أسباب العمل، واجتهد في العمل، وانتظر الرزق من الله، اعقلها وتوكل يا بني، ولا تحزن على ما فات، واشغل نفسك بطاعة الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.
ولذلك ينبغي أن تؤمل الخير، وتسعى في أن تصل إلى الخير، بل نحن نريد لكل عامل أن يسعى ويجتهد من أجل أن يوسع على نفسه أبواب الرزق، فكل حركة معها بركة، والسعي في طلب الرزق بركة وعبادة مطلوبة، يؤجر عليها الإنسان، إذا قصد بذلك البحث عن الحلال، والاستغناء عن الحرام، والاستغناء كذلك عن التكفف والسؤال، فاجتهد فيما يرضي الله تبارك وتعالى، ولا ترجع إلى الوراء، لا تقل (لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا) ولكن قل (قدر الله وما شاء فعل)، وانطلق إلى الأمام بإيجابية، وابحث عن الأفضل، وانتظر الخير من الوهاب سبحانه وتعالى.
ولذلك نحن ندعوك فعلا إلى السعي، ونقول: إذا كان الإنسان عنده عمل يرزق منه فليلزمه، ولكن إذا ترك العمل أو تركه العمل أو طرد من العمل فما ينبغي أن يحزن، وينبغي أن يفتح على نفسه أبواب الرزق، ويجتهد في السعي طلبا للحلال، والله تبارك وتعالى هو الوهاب سبحانه وتعالى.
نحن معك سنتفاءل بالخير، فإن الإنسان إذا تفاءل بالخير وبذل أسبابه وجده، وما يختاره العظيم للإنسان خير من اختيار الإنسان لنفسه.
والإنسان قد يترك العمل من الضيق عند ذلك أيضا نحن ندعو كل إنسان إلى أن يبحث عن المكان الذي يستريح فيه، المكان الذي فيه رزق حلال، المكان الذي فيه عون على طاعة الكبير المتعال، والإنسان وهو يعمل ينبغي أن يسعى ويجتهد شريطة ألا يكون العمل على حساب الدين، إذا كان يعمل وأذن المؤذن فعليه أن ينهض لصلاته، يسجد للوهاب، للرزاق، ثم يعود لعمله.
والنبي صلى الله عليه وسلم بشرنا وطمأننا بأن روح القدس نفخ في روعه –عليه الصلاة والسلام– من أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ما هو المطلوب يا نبي الله؟ قال: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) اعتدلوا في طلب الرزق، خذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم.
نسأل الله أن يوسع عليك، وأن يرزقك من الحلال، وأن يلهمك الخير والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونكرر ترحيبنا بك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.