السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي باختصار أني أشعر بأعراض شديدة عندما أكون مجبرا على البقاء في مكان ما, لا أدري متى بدأت المشكلة بالضبط, ولكني قبل سبع سنوات عندما كنت أدرس الجامعة لم أكن أحضر إلا المحاضرات التي يكون باب قاعة الدراسة مفتوحا لمن أراد الدخول والخروج في أي وقت.
حاليا ازداد الوضع سوءا, فإذا كنت راكبا السيارة وكان هناك زحمة سير تأتيني أعراض مثل الرجفة, والضيق, وتنميل اليدين, وخفقان في القلب, ودوخة, كما هو الحال إذا أغلق علي باب غرفة, أو أثناء الصلاة - وهذا أكثر شيء يضايقني - حيث لا أشعر بشيء قبل الصلاة, وما إن نقوم للصلاة حتى تبدأ الأعراض, ثم تخف إلى أن تنتهي الصلاة, وتبقى بعض الأعراض كالرجفة البسيطة, والدوخة, والخمول, والضعف.
والآن أنا مقبل على سفرة مهمة بعد شهر, ورغم أني لم أركب طائرة من قبل, ولا أخاف ركوب الطائرات, إلا أني قلق من هذه الحالة كوني سأكون مجبرا على البقاء في الطائرة, بعكس المواصلات العامة مثلا, فلا أحس فيها بأني مجبر على البقاء؛ لأني في أي لحظة أستطيع النزول منها.
رغم أنه تأتيني بعض الأعراض أيضا عندما أكون في المواصلات العامة, وبالذات عندما تكون المسافة بعيدة نوعا ما.
وللعلم أيضا فقد ألغيت عدة رحلات إلى مدن في نفس بلدي, تكون مدة الرحلة ثلاث أو أربع ساعات لهذا السبب.
أرجو ألا أكون أطلت عليكم, وأرجو أن أجد حلا لمشكلتي.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن لديك ما يعرف برهاب الأماكن الضيقة أو المغلقة، والرهاب ليس ضعفا في الشخصية أو ضعفا في الإيمان، إنما هو خبرة سلبية مكتسبة، والمخاوف قد تكون متعددة، هذا النوع من المخاوف –أي مخاوف الأماكن المغلقة – يعتبر من أنواع المخاوف البسيطة، ومن الأشياء العجيبة والغريبة جدا, تجد أن الذي يعاني من مخاوف الأماكن المغلقة ربما يكون لديه أيضا مخاوف من الأماكن المفتوحة, أو ما يسمى بـ (رهاب الساح) هذا قد يحدث وقد لا يحدث.
عموما المخاوف –أيا كان نوعها– هي نوع من القلق النفسي، لذا تحدث هذه الأعراض الفسيولوجية من خفقان في القلب, وشعور بالدوخة, وتنميل باليدين، وكذلك الرجفة، وبعض الناس قد يحس بشيء من التلعثم، وهي كلها أعراض فسيولوجية، كلها منشؤها نفسي.
العلاج سهل, لكنه يتطلب منك الالتزام, ويتطلب منك دافعية وإرادة، أولا:
يجب أن تحقر فكرة الخوف، وتعيد النظر في مخاوفك هذه، وتعرف أنك لست أضعف أو أقل من الآخرين الذين يركبون الطائرات أو السيارات وخلافه.
ثانيا: الطائرات والسيارات وخلافها هي نعم عظيمة أنعم الله بها علينا، {هو الذي يسيركم في البر والبحر} ومتى ما أحسنا استعمالها نجد فيها خيرا وفائدة كبيرة جدا.
نحن كثيرا ما نخطئ ونتجاهل دعاء الركوب، وأنا أقول لك – ومن تجربة خاصة جدا وشخصية جدا – أن دعاء الركوب لمن يقوله بقناعة ويقين وإيمان به تنزل عليه سكينة عظيمة، فأنت الآن أمامك سلاح قوي جدا لمواجهة موقف الخوف من ركوب السيارة.
ثالثا: عليك بتطبيق تمارين استرخائية، وأهمها تمارين التنفس المتدرج: اجلس في مكان هادئ، تخيل نفسك أنك تركب السيارة، وقم بأخذ نفس عميق وبطيء، خذه عن طريق الأنف –وهذا هو الشهيق– بعد ذلك أمسك الهواء في صدرك، ثم بعد ذلك أخرج الهواء بكل بطء وقوة عن طريق الفم.
كرر هذا ثلاث إلى أربع مرات يوميا صباحا ومساء، وحين تركب السيارة أو الطيارة وتقرأ دعاء الركوب قم مباشرة بتطبيق هذا التمرين، هذا فيه فائدة عظيمة جدا.
الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، وتوجد -الحمد لله تعالى- أدوية فاعلة جدا لعلاج المخاوف بصورة عامة - خاصة هذا النوع من المخاوف - عقار سيرترالين والذي يعرف علميا بهذا الاسم، ويسمى تجاريا (زولفت) وكذلك يسمى تجاريا (لسترال), وربما تجده تحت مسمى تجاري آخر في اليمن.
أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – تناولها ليلا بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها حبتين، تناولها ليلا بعد الأكل، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن هذا الدواء.
وهنالك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (إندرال) هذا دواء مهم كدواء مثبط للأعراض الجسدية والفسيولوجية – مثل الخفقان – تناوله بجرعة عشرة مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم اجعله عشرة مليجراما صباحا لمدة شهر، ثم توقف عنه.
وفي يوم السفر بالطائرة يمكن أن تتناول عشرين مليجراما من الإندرال بساعتين قبل إقلاع الطائرة، هذا سوف يساعدك كثيرا، وإن شاء الله تعالى هذه الأعراض التي بك سوف تنتهي تماما.
حقر فكرة الخوف، كون عندك يقينا، وواجه، وهذا هو المطلوب، وأنت -إن شاء الله تعالى– أقوى من هذه المخاوف.
جوانب الحياة الأخرى يجب أن تعيشها طبيعيا، كن متواصلا على النطاق الاجتماعي، طور من مهاراتك، مارس الرياضة الجماعية، كن مرتبطا بالمساجد وحلق التلاوة، واحضر المحاضرات والدروس، هذا فيه نوع من التعريض والتحصين الاجتماعي المتدرج الذي يزيل المخاوف أيا كان نوعها، لأن المخاوف في الأصل متداخلة جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.