السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحب أن أشكركم على هذا الموقع الرائع، وعلى سعة صدركم لنا.
استشارتي هي: أنا فتاة وزني 110 كجم، وطولي 150 سم، وعمري 22 سنة، أعاني من زيادة مفرطة في الوزن، ضعيفة شخصية، حيث أني أعاني من الشخصية التجنبية من 8 إلى 9 سنوات، وقد علمت أخيرا أن علاجي بتقوية الثقة بالنفس، ومشكلتي هي أني لا أخرج لأهلي ورحمي، فأنا أخجل من سمنتي، ولقد علمت أنه لكي ينزل الوزن لابد أن يكون تقدير الذات مرتفعا، فكيف أقوي تقديري لذاتي؟ وهل الذهاب لتحفيظ القرآن يرفع تقدير الذات؟ وبالتالي الثقة بالنفس والتخلص من ضعف الشخصية، وأستطيع أن أنزل وزني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة الجوري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ولا شك أن زيادة الوزن لها انعكاسات سلبية نفسية كثيرة، خاصة على الفتاة، ويعرف أن ستين بالمائة من اللواتي يعانين من زيادة في الوزن أو سمنة – حتى وإن لم تكن مفرطة – يصبن بعسر المزاج، وهذا له تبعات نفسية سلبية كثيرة منها ضعف الثقة بالنفس، والعلاج يتمثل في الآتي:
أولا: أن تكون لك قناعة أن التغيير ممكن، التغيير على المستوى النفسي، على المستوى الجسدي، على المستوى المعنوي، على المستوى الاجتماعي، على المستوى الصحي، التغيير ممكن، والتغيير لا يأتي إلا من الإنسان نفسه، وعلى ضوء ذلك يجب أن تضعي خطة غذائية متوازنة وتلتزمي بها، وأفضل أن تقابلي أخصائية تغذية لتحسب لك عدد السعرات الحرارية في كل مكون من مكونات الطعام، وتلتزمي بالكميات وعدد السعرات التزاما قاطعا، هذه الأمور إذا لم تحدد بدقة لا يصل الإنسان إلى نتائج، وأعني بالتحديد أن يكون هنالك تصميم (مثلا) تقولي: (سوف أنزل كذا وكذا كيلوجرام في الشهر) ليس من الضروري أن تضغطي على نفسك، لكن لابد أن يكون هنالك هدف، وهذا يتحقق من خلال حساب السعرات الحرارية. ما لا يحسب طعامه بصورة صحيحة لا ينقص وزنه، هذا إذن مهم.
ثانيا: التمارين الرياضية لا شك أنها تساعد، لكن القضية قضية غذائية علمية واضحة، فإذن اسعي هذا السعي، وإن شاء الله تعالى سوف تنجحين وينشرح صدرك، وتحسين أن ثقتك بنفسك قد عادت إليك تماما، وأرجو ألا تنعتي نفسك بأنك شخصية ضعيفة أو شخصية تجنبية، هذه مسميات نحن نعترف بها كموجودات علمية وكمعايير تشخيصية، لكن كثيرا ما تكون غير دقيقة، وكثيرا ما تشعر الناس بالوصمة، وأنت إن كنت تحسين بأنك شخصية تجنبية – أي قلقية – قولي لنفسك (لماذا أقلق؟ أنا بخير وعلى خير) وابدئي بعد ذلك في إدارة حياتك على نمط مختلف، وأهم نمط لإدارة الحياة هو أن يكون شعارك (سوف أكون نافعة لنفسي ولغيري) هذا المفهوم متى ما ترسخ وجعله الإنسان جزء من حياته نجح كثيرا ويثق في نفسه - بإذن الله تعالى -.
أن يكون الإنسان مفيدا لنفسه ولغيره، هذا يعني أن توجد فعالية، والفعالية يجب أن تبدأ من الأسرة، وأقصد بذلك أن تكون لك مشاركات حقيقية في إدارة شؤون أسرتك، المشاركات الفكرية، المشاركات بالاقتراحات، المشاركات بالسعي إلى العمل، وأن تكوني فعلا إنسان مساهم من أجل إسعاد أسرتك. هذا أولا.
ثالثا: التواصل الاجتماعي، ولا شك أن التواصل الاجتماعي من خلال الذهاب إلى مراكز التحفيظ القرآن والانخراط في عمل تطوعي أو ثقافي أو اجتماعي أو حضور الدروس والمحاضرات لهو أمر عظيم، لك - إن شاء الله تعالى – خيري الدنيا والآخرة، وحملة القرآن هم أكثر الناس ثقة بأنفسهم. نعم تجدهم دائما من أصحاب التواضع، ولا يزكون أنفسهم، وهذه ميزة عظيمة، لكن في ذات الوقت تجد أن ثقتهم بأنفسهم قوية جدا.
أنا حقيقة سعدت جدا لاقتراحك هذا، وأنا أؤيدك وأعرف نفعه، وما أقوله لك مبني على تجارب علمية وليس قائما على الاستعطاف فقط، أو أريد أن أؤثر فيك كفتاة مسلمة، فانهجي هذا الطريق، وإن شاء الله تعالى سوف تجدي فيه الخير الكثير، في هذه المراكز سوف تتعرفين على الصالحات من النساء، على الخيرات، على الطيبات، وهنا يبدأ تأكيد الذات وبناء الشخصية.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أعتقد أيضا أن الأدوية المحسنة للمزاج تساعد في مثل حالتك، عقار مثل بروزاك (مثلا) والذي يعرف باسم (فلوكستين) لا مانع أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر. في بداية الأمر ربما يؤدي إلى قلة في الشهية نحو الطعام، وهذا قد يكون أمرا إيجابيا، لكن بعد ذلك احذري، بعد مضي شهر تقريبا ربما يحسن شهيتك أيضا، لكن هذا - إن شاء الله تعالى – يكون تحت التحكم، لأن تحسن الشهية الذي يحدث – إن حدث – ليس وراءه ضرر أبدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.