كيف أتخلص من حب مشاهدة الرقص على الشاشات؟

0 442

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

معي مشكلتان الأولى: أنا شاب أحافظ على الصلوات الخمس في المسجد، وأفعل أي عمل أجد أنه خير، وفيه ثواب، ولكن كنت لا أستطيع الزواج، ومشكلتي أني أجد دائما رغبة ملحة في مشاهدة الرقص، وذلك لما يحيط بنا من أفلام هابطة تعرض على الشاشات.

هذه كانت بدايتي مع حب مشاهدة الرقص، أجد متعتي كلها في النظر للمرأة وهي ترقص، تبت كثيرا، وبكيت وأنا ساجد كثيرا، ورجعت وندمت، ولكن سرعان ما أعود حتى أنني الآن مستح من الله.

مشكلتي الكبرى أنني أستحي من مشاهدة الرقص، أو أي مشهد به خلاعة أمام زملائي أو أهلي، أي أني أعاني من ذنوب الخلوات، وهذه مصيبة كبري تطيح بجميع حسناتي في لحظة، وأعلم ذلك، ولكني أقع فيها وأتوب ثم أقع وأتوب كرهت نفسي، وأريد أن أتوب توبة لا رجعة فيها فماذا أفعل؟!

الثانية: دعوت الله أن يرزقني زوجة تعفني عن هذه الفتن -والحمد لله- جاءني عمل بالخارج، وخطبت بنتا منقبة، وحافظة للقرآن، وسمعت عنها أنها متدينة، ومحافظة على الصلوات مع أن جمالها ليس بالكبير، وليس الجمال الذي أتمناه ورضيت بها لما سمعته عن دينها، ولكني لم أجلس معها مرة بحكم سفري، ولا أحادثها إلا في التليفون، وعندما أتطرق للكلام العاطفي معها لا أجد استجابة منها ترضيني، تتحدث معي ولكني أحس أني أحادث واحدة لا تشعر بي تقول لي: إنها ستتحدث معي بعد عقد القران كما أحب، وستقول لي كل شيء، وأنا راض، وأقول ربما لم تتعود علي، ربما تكون محرجة من هذا الكلام، وهذا شيء طيب لأنه يدل على حيائها.

ولكن للأسف بدأت فتاة في موقع الفيس بوك محاولات معي، ونجحت بعد رفضي لها أكثر من مرة، ولكنها نجحت في أن تصادقني وتكلمني الآن كلام الحب والحنان الذي لا أجده في خطيبتي، وللعلم فهي مخطوبة أيضا، ولم تفصح عن شخصيتها لأنها تقول إنها تعرفني وأنا أعرفها، ولكني بعثت لها صداقة من إيميل جديد، وعرفتها وعرفت خطيبها دون أن تشعر، ولكني لم أخبرها أني عرفتها، وأريد أن أبتعد ولكني تعودت عليها وعلى الكلام معها حتى أن خطيبتي تقول لي: إنها حاسة أني متغير، وأن هناك شيئا ما يحدث رغم إنها بمصر، وأنا في الخارج، ورغم أني لم أقصر في سؤالي عنها، ولا أعرف كيف تنبأت بذلك.

وسؤالي، كيف أبتعد عنها الآن وقد تعودت وذقت حلاوة كلامها؟

وآسف للإطالة، وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونشكر لك هذا الوضوح وهذه الرغبة في الخير التي حملتك على السؤال، ونحيي فيك مشاعر الرغبة في التوبة، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تعلم أن التوبة النصوح تحتاج منك إلى عزيمة وإرادة وندم وعزم على عدم العودة، وإكثار من الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ولن تستطيع أن تخرج من دائرة الذنوب – ذنوب الخلوات – إلا إذا راقبت رب الأرض والسموات، وإذا اجتهدت في تغيير البيئة التي أنت فيها، والابتعاد عن هذه المواقع المشبوهة، وإخراج هذا الجهاز إلى الصالة العامة، وليس في حجرتك الخاصة، ومراقبة الله تبارك وتعالى في السر والعلن، هذا جانب من الأهمية بمكان.

أقول لك ولأمثالك من أبنائنا الكرام الذين غفلوا عن جانب هام جدا، وهو أن توسع الإنسان في النظر ومشاهدة المواقع المشبوهة والإدمان في مشاهدة الراقصات، يحرم الإنسان ثمرة الحلال بعد ذلك والعياذ بالله، بل قد يوصل الإنسان إلى أحوال سيئة من العجز عن القيام بدوره كرجل، لأن اللذة تصبح في هذا الرقص، وفي هذا اللعب بالأجساد، فندعوك إلى تجنب هذه المواقع المشبوهة، وبالبعد عن هذه الخطيئة والمعصية، وبلا شك فإن الزواج حل مناسب جدا شريطة أيضا أن تحرص في زواجك على أن تتقي الله تبارك وتعالى، ونتمنى أن تتواصل مع تلك الفتاة وتكمل المراسيم، وبعد الزواج تستطيع أن تتكلم معك، وتفعل لك ما تريد، حتى الرقص لا مانع من أن ترقص المرأة لزوجها، بل ينبغي أن تظهر له مفاتنها وما وهبها الله من جمال، وما وهبها الله من سحر حلال، إذا كانت الفاسقات تبرز ما عندها من سحر في الحرام – والعياذ بالله – وتبرز مفاتن جسدها بالحرام فما أحوج المؤمنة إلى أن تبرز مفاتنها بالحلال!

ولكن هذه الفتاة إلى الآن هي مخطوبة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزوج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا تبيح له كذلك التوسع في الكلام أيضا الذي لا يليق إلا بين زوجين، وقد أحسنت وصدقت، فإنها تستطيع أن تتبسط معك بعد أن تصبح زوجا لها فعلا، وتستطيع أيضا أن تعطيك ما تريد، كذلك بعد أن يتم الدخول وإكمال المراسيم، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح.

وأريد أن أحذرك وأخوفك من الممارسة الجديدة، من الدخول في عالم الفيسبوك مع تلك الفتاة، لأن هذا لا يرضي الله تبارك وتعالى، وهذا خصم على سعادتك، فإذا كنت كأي مسلم حريص على عرضك فحذار أن تعتدي على أعراض الآخرين، فإن صيانتنا لأعراضنا تبدأ بصيانتنا لأعراض الآخرين، فأدعوك إلى أن تعجل فورا بالتوقف عن التواصل مع تلك الخطيبة المجهولة الهوية التي تزعم أنها عرفتك وأنك قد عرفتها أيضا، عليك أن تبتعد عنها في كل الأحوال، وتجتهد في أن تصون عرضك بهذه الطريقة بالبعد عن أعراض الناس، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونخوف كل شاب من أن يتوسع في هذه الأمور، لأننا نخاف أن ينطبق عليهم قول الله: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}.

فهذه العلاقات من إشاعة الفاحشة، والعذاب الأليم في الدنيا هو ألا يجد الإنسان السعادة والحلاوة في الحلال، وأن يفقد لذة الحلال بعد ذلك، وأن يظل في حياته مضطربا، يعيش بقلب في مكان وبجسد في مكان، وهذا كله مما يجلب الإنسان الأتعاب والآلام والعياذ بالله.

فحذار من التمادي في هذه الطرق والأنفاق المظلمة، وأرجو أن تعود إلى الصواب، وتعود إلى الفتاة التي خطبتها، وتكمل مراسيم الزواج، ونسأل الله أن يغنينا جميعا بحلاله عن الحرام، وأن يبعد عنا مواطن الفتن والشرور، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأكرر: لابد أن تعجل بالتوبة، واعلم أن الله يقبل توبة من يتوب إليه سبحانه وتعالى، وهو القائل: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} لكنه أيضا يمهل ولا يهمل، فإذا تمادى الإنسان في المعصية ولبس للمعصية لبوسها وبارز الله بالعصيان هتك ستره، وفضح أمره، وخذله في حياته، وربما حال بينه وبين التوبة، فاحمد الله الذي ستر عليك، واستر على نفسك، وسارع بالعودة، والتوقف قبل أن يحل بك ما لا يسر، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

والحمد لله أنت لا زلت على الخير، وفيك خير، ما دمت تسأل مثل هذه الأسئلة، ولكن ينبغي لمن سأل أن يستجيب للإجابة، خاصة عندما يكون فيها تذكير بالله العظيم الذي لا تخفى عليه خافية، الذي هو غافر الذنب، قابل التوب، لكنه أيضا شديد العقاب لمن تمادى وأصر، ولبس للمعصية لبوسها، فاحذر مكر الله تبارك وتعالى، وعد إلى صوابك قبل أن يحل بك ما تكره، ونسأل الله أن يلهمك السداد، وأن يردك إلى الحق ردا جميلا، وأنت -ولله الحمد- عندك هذه الرغبة، وهذه بذرة خير فاحرص على تنميتها، ولا تسوف، فإن الشيطان فقط هو الذي يريدنا أن نستمر في المعاصي، {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما}، فنسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يردك إلى الحق والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات