رغبتي الجامحة بأن تكون ابنتي متميزة تكاد أن تدمرها، فماذا أفعل؟

1 511

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا أم لبنتين، إحداهما في الصف الأول الابتدائي، والأخرى عمرها سنة واحدة.

في الحقيقة أنا متعلقة كثيرا بابنتي الأولى، وعندي مشاريع وطموحات كبيرة لها، ولقد أدخلتها المدرسة وعمرها 5 سنوات، واشتريت لها كل الوسائل التعليمية الممكنة والمتوفرة، وأضغط عليها كثيرا في الدراسة، كل هذا حتى تكون متفوقة، وتصبح الأفضل.

نعم كل همي أن تكون الأفضل في جيلها من كل النواحي، فمشروعي الأكبر هو أن تكون قائدة مسلمة، ومثالا للمرأة المسلمة، فقد أدخلتها مدرسة قرآنية، وجعلت تشارك في الرياضة، كما أدخلتها مركزا للمراجعة المستمرة، هذا عدى عن تدريسي لها في البيت.

ابنتي ذكية بطبيعتها، ولكن المشكلة أني لا أرضى عنها أبدا، وأعنفها على أخطائها، لدرجة تصل إلى ضربها بعنف، وإن لم أضربها أصبحت تخاف مني، وتتردد في الإجابة رغم معرفتها، وأنا أضغط عليها أكثر.

في المدرسة أعطوهم اختبارا تقييميا أوليا، وكانت نتيجتها 18 من عشرين في القراءة، فعنفتها، وقلت لها: لماذا ليست 20في 20؟

أما في الحساب فقد أخذت علامة كاملة، ولكن في مادة العلوم أخذت 14 من عشرين! تصوروا ماذا كانت ردة فعلي؟ لقد غضبت كثيرا، وأجهشت بالبكاء، وعنفتها نفسيا بكلام جارح، لا أعرف لماذا وصل بي الأمر إلى هذا الحد؟!

لقد بكيت أمامها، وهي تمسح دموعي وتبكي، وتقول لي: سآخذ في المرة القادمة العلامة الكاملة.

إلى الآن أنا مكتئبة، ولا أعرف لماذا كل هذا التعلق والهوس؟ فأنا لم أنم البارحة، وأتصور أنني أحلم بدروس ابنتي، وأردد الأنشودة وأنا نائمة، وكل مرة أفتح كتبها لأحدد ما ينقصها من مراجعة، فأنا أضغط على نفسي وعليها كثيرا.

أرجو أن تمدوني بحل لهذه المشكلة، حتى لا يكون للأمر تبعات سلبية علي وعلى ابنتي، وكامل عائلتي.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا، وعلى الكتابة إلينا في هذا الموضوع الهام.

لاشك أن ما تفعلينه إنما يصدر من قصد حسن، ونية طيبة، إلا أنه بالتأكيد سيضر بابنتك كثيرا!

إن أهم ما تحتاج إليه الطفلة في مثل هذا العمر، هو الشعور بالاطمئنان، والأمن والأمان، وخاصة مع أقرب الناس إليها، وهي أمها، وإذا لم يأت هذا الاطمئنان من أمها فمن أين يأتي؟!

بشكل عام، فإننا أثناء تعاملنا مع الأطفال، يجب أن ننظر إلى نصف الكأس الممتلئ، وليس نصف الكأس الفراغ، فكيف إن كان الكأس كله تقريبا ممتلئا.

فعندما حصلت ابنتك في القرآءة على 18 من أصل 20، كان من المفترض أن تقولي لها: يا لها من علامة رائعة، إلا أننا وللأسف لم نلحظ 18 علامة، وإنما ذهب انتباهنا إلى العلامتين الناقصتين!

بدلا من أن نقول لها: أحسنت، ما شاء الله على هذه العلامة الأكثر من رائعة، نعنفها ونقول لها: لماذا لم تكن 20؟!

إن مثل هذه التصرفات، وهذا الضغط على ابنتك، سيضعف ثقتها في نفسها، وبالرغم من ذكائها، إلا أنها قد لا تحصل على العلامات المناسبة بسبب هذا التوتر الذي خلقناه فيها وفي حياتها، وقد لاحظت كيف أنها تتردد، فلا تجيب الجواب الصحيح مع أنها تعرف الجواب.

من أجل مصلحة ابنتك الكبرى، ومصلحة البنت الصغرى، ومن أجل مصلحتك، يجب أن يتغير هذا الحال، اليوم وليس غدا.

عليك أن تتراجعي قليلا، وتخففي من كل هذه الضغوط على ابنتك، وربما أفضل طريقة هو أن تشغلي نفسك ببعض أمورك وهواياتك المسلية، كالرياضة أو غيرها، مما يصرف ذهنك عن ذلك.

هناك احتمال، ولست متأكدا منه، بسبب أنك لم تشيري لهذا في سؤالك، أن هناك بعض الصعوبات أو التحديات في حياتك الخاصة: كالعلاقة الزوجية أو الأسرية، فأنت تسقطين هذه الصعوبات، وهذا التركيز والضغط على ابنتك، وإذا وجدت هذه الصعوبات، فربما يفيد التعامل معها بشكل مباشر.

ومما يفيد أيضا قراءة كتاب في مهارات تربية الأطفال، فمثل هذه الكتب دوما مفيدة لنا جميعا.

حفظ الله ابنتك، وكل أطفال المسلمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات